أزمة الطيران الأوروبية تخف.. وانتقادات لعدم الاستعداد المسبق للبرد

تسيير رحلات إضافية من لندن أملا في إيصال العالقين إلى وجهاتهم قبل العيد

كولن ماثيو الرئيس التنفيذي لشركة خدمات المطارات البريطانية
TT

شهدت بريطانيا واحدة من أسوأ العواصف الثلجية منذ أكثر من 100 عام، وكانت النتيجة فوضى عارمة في المطارات، وإلغاء عدد مهول من الرحلات ومحاصرة آلاف الركاب في سياراتهم وداخل المطارات، وكانت مطارات بريطانيا ومطار فرانكفورت في ألمانيا من أكثر المطارات تأثرا، وبسبب إلغاء الرحلات فيها تأزمت حركة الملاحة الجوية في مطارات العالم بسبب إلغاء جداول الرحلات المقبلة والمغادرة، ولكن وبعد انحسار نسبة تساقط الثلوج وعودة درجات الحرارة إلى طبيعتها تقريبا في مثل هذا الوقت من العام، أعلن أمس القائمون على تشغيل مطار هيثرو بلندن، أنهم يتوقعون تسيير جدول رحلات شبه طبيعي.

وقالت شركة خدمات المطارات البريطانية (بي إيه إيه) القائمة على تشغيل ستة مطارات بريطانية، بينها هيثرو، إنه من المقرر أن تنطلق نحو 1200 رحلة جوية، وهو معدل الرحلات اليومية الطبيعي، تقريبا.

وقالت شركة الخطوط الجوية البريطانية (بريتيش إيرويز) التي ألغت أكثر من ألفي رحلة منذ السبت الماضي، إنها تأمل في أن تتمكن من تسيير جدول إقلاع كامل للرحلات الطويلة اليوم.

وفي اتصال أجرته «الشرق الأوسط» مع نعيمة قصير مديرة مكاتب طيران «الشرق الأوسط» اللبنانية في إنجلترا وآيرلندا، قالت إن الوضع في مطار هيثرو أفضل بكثير، وحصلت الشركة على موافقة إدارة المطار على تسيير رحلاتها اليومية في مواعيدها، وتمت إضافة رحلة أخرى أمس إلى بيروت منطلقة من مطار هيثرو بفرعه الثالث، على أن تضاف رحلات أخرى لتأمين المقاعد للمسافرين العالقين في مطار هيثرو منذ نهاية الأسبوع الماضي، ويشار هنا إلى أن هناك عددا من مسافري الترانزيت الذين علقوا في هيثرو وهم في طريقهم إلى وجهات أخرى، ومما يزيد المشكلة تعقيدا وجود عدد من المسافرين الذين لا يحملون «فيزا» لدخول الأراضي البريطانية، مما أدى إلى مراوحتهم أماكنهم المحدودة في صالات الترانزيت الصغيرة.

وأضافت «بريتيش إيرويز» أنها ستسير جدول رحلات طبيعيا أيضا في مطار غاتويك، غير أنها أوصت العملاء بضرورة مراجعة شركات الخطوط الجوية للتأكد من أنه لم يتم إلغاء رحلاتهم المقررة.

كما خفت وطأة مشكلة النقل أيضا بالنسبة للمسافرين ممن حجزوا على رحلات قطارات شبكة «يوروستار» المنطلقة إلى باريس وبروكسل، التي كانت تعرضت هي الأخرى لتأجيلات كثيفة. غير أن يوروستار أوقفت حجز أي رحلات أخرى قبل أعياد الميلاد. تعرضت «بي إيه إيه» لضغوط حادة بعد فشلها في معالجة الأضرار الناجمة عن التساقط الكثيف للثلوج السبت الماضي، ووافق كولن ماثيو الرئيس التنفيذي للشركة على التنازل عن مكافأته السنوية عن العام الحالي.

ونفت «بي إيه إيه» المزاعم التي أشارت إلى أن شركات تشغيل المطارات عانت من نقص مزيلات الثلوج خلال الأزمة، إلا أن الصحف البريطانية نشرت معلومات تفيد بأن اللوم يقع على إدارات المطارات، خاصة أنها لم تتحضر لمثل هذه الأجواء المناخية على الرغم من التحذيرات المتكررة التي أنذرت بقدوم فصل شتاء قارس هذا العام إلى أوروبا، كما أن هناك معلومات تفيد بأن إدارة مطار غاتويك الأقل زحمة من هيثرو استثمرت في مبالغ طائلة لشراء المعدات اللازمة لإزالة وتذويب الثلوج، في حين لم تتطلع إدارة مطارات هيثرو إلى سبيل شراء المعدات اللازمة.

ومن المطارات الأوروبية الأخرى التي تعرضت إلى شلل كبير في حركة الملاحة فيها كان مطار فرانكفورت الدولي، غرب ألمانيا، فبعد نحو أسبوع من الاضطرابات بسبب التساقط الكثيف للثلوج عاود أمس نشاطه. وأكد متحدث باسم الشركة القائمة على تشغيل أكبر مطار في ألمانيا (فرابورت) أن حركة الطيران تسري بشكل جيد في المطار. وعزا المتحدث سبب إلغاء 40 رحلة طيران اليوم إلى استمرار الاضطرابات في مطارات أخرى، مثل لندن وباريس، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه ليس من المتوقع إلغاء المزيد من الرحلات.

ونظرا لعودة حركة الطيران لطبيعتها في المطار، تراجعت أعداد المسافرين الذين تقطعت بهم السبل خلال الأيام الماضية، وذكر المتحدث أن نحو مائة راكب فقط قضوا ليلتهم أمس في المطار. يذكر أن آلاف الركاب اضطروا منذ مطلع الأسبوع الحالي للبقاء في المطار بسبب إلغاء رحلاتهم جراء سوء الأحوال الجوية. وشهدت بريطانيا ارتفاعا في عدد الوفيات في شهر ديسمبر (كانون الأول) فقط، بنسبة 21 في المائة.

* الخاسرون والرابحون

* الخاسرون: المسافرون: يعتبر المسافرون والركاب على رأس قائمة الخاسرين بسبب موجة البرد القارس والعاصفة الثلجية، بعدما اضطروا للنوم على الأرض في المطار.

- شركات الطيران: عانت الشركات من خسائر مادية فادحة بسبب إلغاء رحلاتها، خاصة أن هذه المرحلة من العام هي الأهم في أجندة السفر بسبب قدوم الأعياد، وبحسب المحللين الاقتصاديين، تقدر خسائر «بريتش إيرويز» بـ10 مليارات جنيه إسترليني بسبب العاصفة الثلجية.

- شركات البريد والتوصيل: في فترة الأعياد تعول الشركات والزبائن والمحلات التجارية ومواقع الإنترنت على استخدام شركات البريد والتوصيل إلى المنازل، إلا أنه في ظل ظروف الطقس القاسية وانسداد معظم الطرق بسبب الثلوج لم تتمكن الشركات من تأدية عملها، مما أدى إلى خسارتها ملايين الجنيهات الإسترلينية. يشار إلى أن شركة البريد البريطانية طلبت مساعدة (250 حافلة إضافية) لمساعدتها في توصيل الطرود والهدايا قبل العيد، بسبب عدم تمكنها من إتمام العمل بنفسها تحت وطأة الضغوط الحالية.

- عمال الطرق وعمال البناء: وكان للعمال أيضا نصيبهم من الخسارة لا سيما العمال الذي يتعين عليهم العمل في الهواء الطلق أو عمال البناء الذين يعملون لصالحهم.

- المحلات التجارية: تعتبر فترة الأعياد من أهم الفترات الربحية بالنسبة للمحلات التجارية، ولكن بسبب العاصفة الثلجية تحولت المحلات وشوارع التسوق الكبرى في بريطانيا إلى أماكن مهجورة بسبب صعوبة وصول الزبائن إليها وتحذير السلطات المواطنين من استخدام الطرقات إلا في الضرورة القصوى. وانخفضت نسبة المبيعات بواقع 24 في المائة مقارنة بالنسبة المعتادة في مثل هذه الفترة من العام.

- التسوق عبر الإنترنت: خسارة مواقع التسوق على الإنترنت كانت مفاجأة حقيقية، فبعد أن كانت تسبب القلق في صفوف المحلات التجارية بسبب منافستها لها، جاءت العاصفة لتهددها، بل لتجعلها على قائمة أكثر الخاسرين، بسبب تعذر سبل توزيع المشتريات وتوصيلها إلى الزبائن.

- المزارعون: ينتظر المزارعون هذا الموسم بفارغ الصبر، إلا أن قسوة الطقس أدت إلى إتلاف عدد كبير من المنتجات التي تستهلك فترة الأعياد، ولم يكن بإمكان المزارعين السيطرة على الوضع، وكانت النتيجة خسائر فادحة في المحصول.

الرابحون: أما بالنسبة للرابحين في أزمة الطقس، فهم قلائل، إلا أن أرباحهم ضخمة وعلى رأسهم:

- محلات السوبر ماركت: بعد أن أصبح الأكل في المطاعم شبه مستحيل في ظل الأوضاع المناخية، كان لا بد أن يركز المستهلك على شراء حاجاته الغذائية من محلات السوبر ماركت، وهذه الفترة من أهم الفترات من الناحية الربحية للسوبر ماركت بسبب زيادة نسبة مبيعات المأكولات والمشروبات الخاصة بالعيد، وازدادت نسبة المبيعات بواقع ضخم جدا بسبب التخوف من مجيء المزيد من الثلوج.

- شركات الملح والحصى: ومن الرابحين أيضا شركات توريد الحصى والملح المخصص لتذويب الثلوج في الطرقات، وقامت بريطانيا باستيراد تلك المواد من عدة بلاد من بينها تونس والمغرب.

- شركات الغاز والكهرباء: في ظل موجة البرد لم يتجرأ أي من المواطنين إلى إطفاء أجهزة التدفئة التي تعمل على الغاز أو الكهرباء، وبدلا من أن تشعر تلك الشركات بمآسي المواطنين، قامت بعض الشركات برفع أسعارها للاستفادة من الأوضاع الراهنة.