إيران: 2010 عام نووي حافل

نجاح «الكعكة الصفراء» ومتاعب في «كعكة الاقتصاد»

TT

لم تعد العواصم تتابع ماذا أنتجت إيران وكم خصبت؛ بل أضحت تتحسب لليوم الذي يقرر فيه ملالي طهران امتلاك قنبلة نووية.. تلك هي الحقيقة، وما عدا ذلك فمزيد من المكتسبات النووية الإيرانية على الرغم من كل التقارير والعقوبات والرفض الدولي.

بهذه المحصلة انقضى عام 2010 أو أوشك.. ووفقا لكل المتابعين، كان عاما إيرانيا نوويا منتجا، رفعت فيه إيران درجة تخصيبها لليورانيوم من نسبة 4.5% إلى 20%، وفيه تسلمت أول شحنة وقود لتشغيل أول مفاعل نووي، وفيه أيضا أعلنت اكتمال حصولها على دورة الوقود باكتفائها من إنتاج الكعكة الصفراء.. ليس ذلك فحسب؛ بل تمت ترقية مدير وكالة الطاقة الإيرانية إلى وزير للخارجية وناطق أول باسم الدبلوماسية الإيرانية.. كل هذا على الرغم من حزمة رابعة من العقوبات الدولية وعلى الرغم من 4 تقارير رفعها مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت في مجملها عدم التزام إيران بالقرارات الدولية التي تمنعها من مواصلة نشاطها النووي وتلزمها بوقف تخصيب اليورانيوم وعمليات المياه الثقيلة، وكلاهما أو إحداهما خطوة أساسية مبدئية لصنع قنبلة نووية لو اتخذت طهران ذلك القرار «السياسي».

بتاريخ 28 فبراير (شباط) رفع الياباني يوكيا أمانو مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الجديد حينذاك، لمجلس أمناء الوكالة تقريره الأول عن النشاط النووي الإيراني، وبتاريخ 31 مايو (أيار) رفع تقريرا ثانيا، وبتاريخ 6 سبتمبر (أيلول) ألحقه بتقرير ثالث، وفي و23 نوفمبر (تشرين الثاني) تقرير رابع.

تصدر التقارير عادة قبل أيام من كل اجتماع لمجلس أمناء الوكالة لتدرس دوله الأعضاء آخر تطورات هذه الملفات التي تعرض عليها كأجندة تتخذ بشأنها قرارات وأحكاما؛ فالمجلس من أهم أجهزة الوكالة والمسؤول الأول دوليا عن الأنشطة النووية المصرح بها والممنوعة.

يتكون مجلس الأمناء من 35 دولة بعضها لا تغادره بحكم كونها دولا نووية أو ذات معرفة نووية، بالإضافة لدول تدخل دوريا وتخرج كممثل جغرافي لمجموعتها. وللوكالة 152 من الدول الأعضاء، ولكل عضو صوت، ولا تتميز دول بامتلاك حق النقض أو «الفيتو»، ولهذا، فإن القضية التي لا يجمع عليها الأعضاء، ومن ثم تطرح للتصويت، وتكون قضية ذات أهمية قصوى، ترفع فيها وراء الكواليس عصي وتهديدات، كما يقدم كثير من الجزر والوعود إغراء بالمساعدات والتقنية.

خلصت جميع تقارير أمانو كسابقاتها إلى التأكيد على أن إيران تتعاون مع الوكالة تعاونا جزئيا (انتقائي حتى لا يقبض عليها متلبسة بتهمة عدم التعاون وتلك جريرة دفعت بملفها 2006 إلى مجلس الأمن الدولي ففرضت عليها العقوبات)، لكنها في الوقت ذاته لم تنفذ اتفاقات الضمانات المعقودة بموجب معاهدة عدم الانتشار والأحكام ذات الصلة المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن رقم 1737 و1747 و1803 و1835.

تقول التقارير إن الوكالة بينما تواصل التحقق من عدم تحريف المواد النووية المعلنة في إيران، فإن إيران لم تقدم التعاون اللازم الذي يسمح للوكالة بأن تؤكد أن جميع المواد النووية في إيران في إطار أنشطة سلمية.

كما تؤكد أن إيران لم تنفذ الشروط الواردة في القرارات المذكورة أعلاه وهي شروط أساسية لبناء الثقة في البرنامج النووي الإيراني، وأن على إيران أن تتعاون بصفة خاصة لتوضيح القضايا العالقة التي تثير قلقا حول احتمال وجود أبعاد عسكرية لبرنامجها النووي.

من جانب آخر، تقر التقارير الأربعة أن إيران ماضية قدما في عمليات إثراء التخصيب لليورانيوم، وأنها تواصل تشغيل المحطة التجريبية لإثراء الوقود ومحطة إثراء الوقود في ناتانز، وتشييد محطة جديدة في فوردو، كما أشار تقرير فبراير (شباط) إلى عزم إيران على بناء 10 محطات جديدة من دون أن تكشف للوكالة عن أية معلومات تفصيلية، وأنها بدأت في تلقيم سادس فلوريد اليورانيوم لإثراء الوقود ضعيف التخصيب إلى نسبة 20% (وهذه نسبة حساسة بالغة الأهمية؛ إذ يقول العالمون ذريا أن إيران بتخطيها للمراحل الأولية من دون نسبة العشرين وهي الأصعب يسهل عليها الانطلاق للمراحل العليا بما في ذلك النسب ما فوق الثمانين اللازمة لصنع أسلحة نووية).

في جانب آخر، أشارت التقارير تقريرا تلو الآخر إلى أن إيران تعمل في تشييد مفاعل «آي آر 10» وما يتصل بذلك من الماء الثقيل، وأن الوكالة لا تزال غير قادرة على الحصول على ما يؤكد عدم وجود أبعاد عسكرية محتملة للنشاط النووي الإيراني، كما أن الوكالة غير قادرة على تسوية المسائل المتعلقة بالدراسات المزعومة، وإن كانت هناك دراسات سابقة وأخرى جارية لأنشطة لم يكشف عنها مرتبطة بتقنية ذات طبيعة عسكرية ومتفجرات؛ إذ لم تتمكن الوكالة من الحصول على المعلومات التي تطلبها كما لم يسمح لها بان تلتقي بالأشخاص الذين تطلب لقاءهم من خبراء لهم علاقات عسكرية، كما لم تحصل على معلومات ذات صلة بمشتريات وتجارب نيوترونية.

في تقريره الثالث، أورد أمانو بعدا جديدا يشير إلى أن إيران تنكر الادعاءات المتعلقة بالأبعاد العسكرية المحتملة لبرنامجها النووي، باعتبار أن المعلومات التي تشير إليها الوكالة ليس ذات أساس وتستند إلى وثائق مزورة، مشيرا لقضية جديدة أخرى كانت قد تفجرت باعتراض إيران على تسمية اثنين من المفتشين الدوليين (كانا قد شاركا في أنشطة التفتيش وتشككا حول سبب نقل معدات حساسة لم يعثرا عليها في موضعها المعتاد من دون أن تبلغ إيران الوكالة عن أية تغييرات كما هو مفترض). ويذكر التقرير أن الوكالة ترفض اعتراض إيران وتبريرها لرفض المفتشين. (إيران بررت رفضها للمفتشين بأنهما أفشيا معلومات سرية لوسائل الإعلام وأنهما تحدثا عن اختفاء المعدات على الرغم من إنكار إيران للتهمة).

في سياق مواز، أشار  التقرير ذاته إلى أن إيران لا تزال تمتنع عن تقديم رسومات وتفاصيل عن محطة «فوردو» التي لم تعلن عنها إيران إلا بعد أن تيقنت أن وكالات استخبارات أجنبية بصدد الإعلان عنها فكشفت عنها داعية الوكالة لزيارتها، مدعية أنها قد بنتها في جوف جبل لحمايتها ممن قد يحاولون ضرب المنشآت النووية الإيرانية ولاستخدامها كموقع بديل يكون متوفرا للعلماء الإيرانيين لمعاودة نشاطهم من دون انقطاع حتى لو تهدمت تلك المنشآت.

وفي خطاب وصل إلى الوكالة في 4 يونيو (حزيران)، كما تضمن التقرير، قالت إيران إن الوكالة قانونا لا تملك الحق في طلب الحصول على معلومات كهذه تقع خارج نطاق اتفاقات الضمان.

هذا، في حين كرر التقرير الرابع القضايا ذاتها التي لا تزال عالقة، وبالطبع تضمن الدعوة لإيران لتطبيق البروتوكول الإضافي الذي هو اتفاق توقع عليه الدول بمحض رضائها وسبق لإيران أن وقعت عليه في 18 ديسمبر (كانون الأول) 2003 وظلت ملتزمة به لعامين ونصف ثم قررت وقف تفعيله بقرار برلماني.

يذكر أن هناك دولا موقعة على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية غير موقعة على هذا البروتوكول مجاهرة بأنها لن توقع عليه أبدا؛ منها على سبيل المثال وليس الحصر مصر والأرجنتين والبرازيل.

وتعتقد دول أن البروتوكول الإضافي يمنح الوكالة صلاحيات تستبيح أراضيها حيث يمكن للمفتشين الدوليين القيام بعمليات تفتيش فجائية انتقائية غير معلنة ويسمح لهم بزيارات مواقع ما كان بإمكانهم الوصول إليها، وجمع معلومات والحصول على بحوث وتصاميم وأخذ عينات وتركيب أختام وفحص سجلات الإنتاج والشحن والشراء وإجراء لقاءات ومعاينات مع من يشاؤون، تأكيدا لعدم وجود أي مواد أو أية أنشطة غير معلنة من دون اعتراض أو احتجاج. وعلى الدول الموقعة أن تمنح المفتشين إذا ما طلبوا تأشيرات دخول متعددة تسهيلا لوصولهم متى ما أرادوا.. كل ذلك بغرض توطيد فعالية نظام الضمانات وتعزيز عدم الانتشار النووي.

عودا لتقارير أمانو كمدير عام للوكالة، نجد أن جمهرة من وسائل الإعلام رددت القول إن تقاريره أكثر شدة وقسوة على إيران من تقارير سلفه المصري الدكتور محمد البرادعي. وأن تقاريره استخدمت تعبيرات أكثر حد؛ة ومن ذلك أنها استبدلت بالحديث عن الدراسات المزعومة، الحديث عن أبعاد عسكرية محتملة.

تم تسريب الاتهامات بالدراسات الحربية من قبل استخبارات أميركية ادعت حصولها على جهاز «مسروق من طهران في قضية أصبحت تعرف باسم «لاب توب الموت»، وكانت إيران قد وافقت في مرحلة على الرد والإيضاح إذا ما سمحت لها الولايات المتحدة، عبر الوكالة بالطبع، بالاطلاع عيانا بيانا على تلك المعلومات وتلك الوثائق، إلا أن واشنطن رفضت، ولا تزال، تسليم ما تدعي أنها قد حصلت عليه من جوف ذلك الـ«لاب توب» سواء للوكالة أو لإيران، ولهذا تشير الوكالة لهذه الدراسات بالمزعومة.

ومعلوم أن البرنامج النووي الإيراني كشفت عنه جماعات إيرانية معارضة. ومن ثم تدخلت الوكالة وبدأت عمليات التفتيش والتحري في نحو 2002، ولهذا، فإن الوكالة لا تزال تحاول اللحاق للكشف عن عمليات سابقة، وفي الوقت ذاته متابعة العمليات الحالية.

هذا وقد شهد عام 2010 أحداثا إيرانية نووية كبيرة، منها:

* تغذية مفاعل بوشهر بالوقود النووي 21 أغسطس (آب):

من أهم الأحداث ذات العلاقة بالنشاط النووي الإيراني هذا العام، الالتزام الروسي بتزويد محطة بوشهر بالوقود النووي، وتم ذلك بتاريخ 21 أغسطس وبرضاء الأطراف كافة؛ إذ قال مسؤولون بالوكالة إن ما جرى إكمال لصفقة تجارية بين روسيا وإيران خارج نطاق الوكالة التي لا تمنع التعاون السلمي بين دولها الأعضاء، في حين قال مصدر أميركي في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» إن اتفاق بوشهر من نوعية الاتفاقات التي تؤيدها واشنطن، وذلك إشارة إلى أن روسيا لم تسلم إيران الوقود للمفاعل إلا بعد اتفاقات تلزم إيران بإعادة النفايات النووية لروسيا وبذلك لا يمكن لطهران تحويل هذه النفايات وتدويرها لتنتج يورانيوم «نائم أو خاضع» إن صحت الترجمة يمكن استخدامه لإنتاج أسلحة نووية.

ولبوشهر قصة طويلة تعود لاتفاق عقد عام 1970 مع ألمانيا التي تخلت عنه، فعقدت طهران اتفاقا مع موسكو في أغسطس 1992 بموجبه وافق الروس على المضي قدما في إنشائه بواقع تكلفة قدرت حينها بـ800 مليون دولار وتقدرها مصادر الآن بما يتراوح بين 4 إلى 6 مليارات دولار، فيما تشير تقارير إلى أن الطرفين قد اتفقا على بناء أكثر من محطة أخرى.

من جانبها، كانت الولايات المتحدة الأميركية قد جاهرت سابقا معترضة على امتلاك إيران لأية محطات نووية، باعتبار أن إيران تمتلك طاقة نفطية وغازا يكفيانها، مشيرة إلى أن المحطات النووية مكلفة ولا داعي لبنائها، خاصة أنها يمكن أن تكون لاستخدامات حربية، وأن بوشهر قد يكون غطاء لتعاون إيراني - روسي أبعد من ذلك، كما أنه سيوفر للعلماء الإيرانيين فرصة الاستفادة من نظرائهم الروس، كما قد يفتح منفذا لإيران للحصول على معدات وتقنية حساسة وممنوعة.

بدورها، لم تكن إسرائيل بعيدة عن هذه الشكوك؛ بل تؤكد تقارير أن السلطات الإسرائيلية ظلت طيلة الفترة من 2002 إلى 2008 تفكر في ضرب بوشهر والقضاء عليه؛ بل يشار إلى أنها قد أجرت تدريبات فعلية لعملية القصف في شهر مارس (آذار) 2008.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة الأميركية قد غيرت سياستها في منتصف يوليو (تموز) 2008، مفضلة التفاوض مع إيران مع الإبقاء على كل الخيارات مفتوحة بما في ذلك تحريك قرارات من مجلس الأمن لإصدار عقوبات ضد إيران، وعلى الرغم من تأكيد إيران أنها ستعيد نفايات بوشهر إلى روسيا، فإن السفير الأميركي الأسبق لدى الأمم المتحدة جون بولتون لم يبلع فكرة أن تمتلك إيران محطة نووية مثل بوشهر، فمضى حاثا إسرائيل في منتصف أغسطس هذا العام لتضرب المفاعل، خاصة عندما سمع روسيا تعلن بتاريخ 13 أغسطس أنها ستسلم الوقود فعليا يوم 21 أغسطس، مؤكدا أن الأمر سيصبح صعبا بعد تغذية المفاعل بالوقود واصفا ب«وشهر» بنصر إيراني.

من جانبه، تجاهل وزير الدفاع الإسرائيلي دعوة بولتون، مكتفيا بالتهديد بأن خياراتهم كخيارات الرئيس الأميركي أوباما، جميعها متوفرة، هذا في حين قدرت مصادر أن «بوشهر» لو قررت إيران يمكن أن ينتج نحو ربع طن من البلوتونيوم سنويا مما يكفي لإنتاج 30 قنبلة نووية.

* اغتيال العالم شهرياري.. 29 نوفمبر (تشرين الثاني):

من أحداث 2010 الكبيرة التي كان أبطالها علماء لهم علاقة بالملف النووي، قضية اختفاء الإيراني شهرام أميري الذي ظهر في 15 يوليو وسط مظاهر استقبال حافل بمطار طهران بعدما قيل إن الاستخبارات الأميركية اختطفته لإجباره على الكذب حول البرنامج الإيراني.

في صبيحة يوم 29 نوفمبر أعلنت إيران عن عملية اغتيال أودت بحياة العالم مجيد شهرياري، بالإضافة لعملية ثانية جرح فيها عالم آخر، متهمة وسائل استخبارات غربية بالوقوف خلف هذه العمليات الإرهابية لتصفية العلماء الإيرانيين، في حين سارعت وسائل إعلام غربية للتشكيك في ذلك، متسائلة: لماذا لا تكون الحكومة الإيرانية وراء هذا الحادث وحادث آخر في شهر يناير (كانون الثاني) راح ضحيته مسعود علي محمدي؟ مرجحة أن تكون الحكومة قد قتلت العالمين لشكوك ترتابها في ولائهما؛ إذ سبق لهما الاشتراك في اجتماع نظمه معهد أبحاث أردني ضم عربا وإسرائيليين، كما سبق لهما أن شاركا في اجتماع نظمته الحركة الإيرانية الخضراء المعارضة، هذا في حين اتهمت وسائل إعلام أخرى الموساد صراحة، واصفة الحادث بأنه الطلقة الأخيرة التي أطلقها مائير داغان قبل اعتزاله كرئيس للموساد في اليوم ذاته بعد رئاسة دامت طيلة 8 أعوام.

وفي تصعيد من نوع مختلف، قالت طهران إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الأمن مسؤولان عما يتعرض له العلماء الإيرانيون من خطر بسبب كشف هاتين الجهتين أسماء العلماء ضمن القوائم التي قدمتها الوكالة لمجلس الأمن.

وكما يذكر، فإن مجلس الأمن كان قد فرض على إيران عقوبات جاءت حزمتها الرابعة بتاريخ 9 يونيو، وهو اليوم ذاته الذي تسلمت فيه الوكالة الدولية ردا من روسيا والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا لم يكشف عن كنهه حتى الآن بصدد التعديلات التي أضافتها إيران للمقترح الذي قدمته الوكالة 21 في أكتوبر (تشرين الأول) 2009 بخصوص تبادل الوقود لمفاعل طهران للأبحاث الطبية مقابل أن تشحن إيران ما قدر بـ70% مما خصبته من يورانيوم.

* «ويكيليكس»: بالطبع لم تسلم الوكالة من تسريبات الوثائق الأميركية السرية التي سربتها موقع «ويكيليكس» وفي توقيت أحسن اختياره؛ هو 1 ديسمبر، أي قبل يوم من عقد مجلس الأمناء آخر اجتماعاته هذا العام، وتم الكشف أن يوكيا أمانو كان قد أكد للمسؤولين الأميركان إبان المعركة الانتخابية الشرسة التي خاضها ضد المرشح الجنوب أفريقي عبد الصمد منتي الذي أيدته الدول النامية، أنه سيقف مع الولايات المتحدة الأميركية قلبا وقالبا في كل القضايا التي تطرحها الوكالة بما في ذلك تعيينات كبار الموظفين.

وتسترا وراء دبلوماسية الصمت، امتنع كل من أمانو والمندوب الأميركي والمندوب الإيراني عن إبداء أي تعليق تاركين للآخرين فرصة تدوير الأمر والحديث عن حياد الوكالة أو انحيازها.

* مفاوضات جنيف: من جهة أخرى، وحين كانت الأنظار قد اتجهت صوب مدينة جنيف السويسرية حيث اتفقت إيران ومجموعة «5+1» على اللقاء جلوسا حول طاولة التفاوض الذي انقطع لأكثر من 14 شهرا بعد المرة الأولى التي التقيا فيها، عادت الأنظار مرة أخرى إلى طهران، حيث قرر علي أكبر صالحي المدير حينها لوكالة الطاقة النووية الإيرانية إطلاق تصريح يؤكد أن إيران أصبحت تمتلك كل ما تحتاجه من الكعكة الصفراء أو مسحوق اليورانيوم المركز غير القابل للذوبان في الماء الذي يمكن استخدامه في محطات الكهرباء وعند تخصيبه لدرجة أعلى يمكن أن يستخدم في صناعة الأسلحة النووية، مشيرا إلى أنهم قد سلموا أول كمية من الكعكة الصفراء من مدينة بندر عباس لموقع أصفهان النووي.

وكان صالحي قد أعلن قبلها بتاريخ 18 نوفمبر أن إيران تختبر تصاميم جديدة من أجهزة الطرد المركزي ستعمل على تشغيلها أوائل 2011 وأنها أصبحت تمتلك أكثر من 6 آلاف «سنتفيوز» بزيادة نحو ألفين عما أعلنت الوكالة أن إيران تمتلكه.

في جنيف، وعلى الرغم من استمرار عملية التفاوض ليومين شبه كاملين، فإن رئيسي كل من الوفدين؛ الإيراني والدولي، خرج بإعلان مختلف تماما حول ما طرحوه على طاولة التفاوض، وبينما أشارت السيدة آشتون رئيسة الوفد الدولي إلى أنهما ناقشا قضية الملف النووي الإيراني وضرورة وقف إيران لعمليات التخصيب، أصر سعيد جليلي رئيس الوفد الإيراني على أن حق إيران في التخصيب قضية لم ولن تطرح لأي نقاش أو تفاوض.

هذا، وقد اتفق الطرفان فقط في إعلانهما على أنهما سيلتقيان مرة أخرى بمدينة إسطنبول التركية نهاية يناير (كانون الثاني) المقبل.