السعودية تستهل عامها الماضي بـ «غزال 1» وتنهيه بـ «أصيلة»

ضمن خططها لتوسيع خطوط التصنيع بها

TT

استهلت السعودية عامها الماضي بتصنيع أول سيارة سعودية أنتجتها جامعة الملك سعود في الرياض لتحمل اسم «غزال 1» ضمن خطة عدت الأولى من نوعها، في حين ختمت العام نفسه بالإعلان عن إطلاق مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية سيارة سعودية جديدة بنسبة 100 حملت اسم «أصيلة».

« غزال 1» التي دشنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في شهر يونيو (حزيران) من العام 2010 تم تصنيعها بأيدي فريق علمي متخصص بكلية الهندسة في جامعة الملك سعود بالرياض، وذلك خلال استقباله الدكتور خالد العنقري وزير التعليم العالي والدكتور عبد الله العثمان مدير جامعة الملك سعود ووكلاء الجامعة وفريق مشروع السيارة «غزال 1».

وضم الفريق العلمي المتخصص نحو 55 طالبا من كلية الهندسة الذين قاموا ببناء السيارة على قاعدة عجلات ومحرك سيارات مرسيدس (G-Class) رباعية الدفع بمواصفات تلائم مناخ وتضاريس دول الخليج العربي وفق معايير صديقة للبيئة.

وذكر حينها وزير التعليم العالي أن فريق عمل السيارة السعودية الأولى بدأ عمله منذ أكثر من عامين في ظل سعي الجامعة إلى مواصلة تحقيقها ريادة عالمية بعد أن حققت مراتب متقدمة في كافة التصنيفات العالمية المرموقة، لافتا إلى أن هذا المشروع يثبت قدرة الشباب السعودي على تخطي كل العوائق التي تحول دون فهمهم وتدريبهم وتعلمهم فلسفة الصناعة وتقنياتها.

في حين أشار آنذاك مدير جامعة الملك سعود بالرياض إلى أن إنتاج «غزال 1» يعد إنجازا يمثل منعطفا مهما نحو تحول السعودية إلى بلد منتج ومولد للمعرفة ينافس أبناؤه العالم المتقدم في القدرة على الصناعة والابتكار، إضافة إلى كونه إثباتا على وجود عقول وطنية منتجة قادرة على تحويل الأفكار إلى منتجات ذات قيمة اقتصادية متى ما توافرت لها البيئة المعرفية المجسدة لمفهوم الحاضنة العالمية.

الجدير بالذكر أن جامعة الملك سعود أعلنت لأول مرة عن سيارتها مطلع العام الهجري الماضي بالكشف عن النموذج الاختباري للمركبة ذات الدفع الرباعي في معرض جنيف الدولي للسيارات في سويسرا، وقد حملت اسم «غزال1 » نسبة إلى الغزال الصحراوي الذي يعد من أسرع الحيوانات ويجمع بين الرشاقة وقوة التحمل ومقاومة ظروف البيئة القاسية.

وقد أعلنت جامعة الملك سعود في منتصف يونيو لعام 2010 عن توجهها لإنتاج 20 ألف سيارة سعودية «غزال1 » خلال السنوات الثلاث المقبلة باستثمارات قيمتها 1.8 مليار ريال، حيث تم منح الطلاب المشاركين في مشروع إنتاج السيارة السعودية الأولى مطلق الحرية في تصميمها باستثناء تغيير المواصفات الأساسية للإطارات والأجزاء الميكانيكية وخطوط التصميم الأساسية.

وفي مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2010 دشنت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية صناعتها لسيارة سعودية 100 في المائة من فئة سيدان أطلقت عليها اسم «أصيلة» ضمن جناحها في معرض الرياض للسيارات، حيث تحمل السيارة شعار «مهر» تطمح مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لأن تكون نواة لعلامة تجارية خاصة بسيارات جديدة تصنع في السعودية.

وتعد «أصيلة»، التي قام بتصميمها وتنفيذها البرنامج الوطني لتقنية السيارات بالمدينة، أحد أهم مخرجات برنامج نقل تقنية تصميم وتطوير السيارات، كونها تتمتع بعدة مزايا من أبرزها قيمتها الاقتصادية التي لا تتجاوز 50 ألف ريال، إلى جانب محركها الاقتصادي أيضا.

وكانت سيارة «أصيلة» قد جذبت انتباه زوار المعرض بتصميمها وقدراتها والكفاءات السعودية العاملة عليها من الباحثين والمهندسين، إذ يبلغ وزنها نحو 1245 كيلوغراما، ومن المتوقع أن تصل التكاليف التقديرية لخط إنتاج طاقتها من 2000 إلى 5000 سيارة في السنة الواحدة إلى 60 مليون ريال.

كما عملت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية من خلال البرنامج المشترك مع الأكاديمية الوطنية للعلوم في بيلاروسيا على تطوير عينات من مادة البلاستيك كي تكون بديلا لبعض أجزاء السيارة، إلى جانب تصاميم أخرى لسيارة رياضية سيتم العمل على تطويرها في المستقبل القريب.

وما بين «غزال 1» و«أصيلة»، قطعت عملية التصنيع في السعودية شوطا لا بأس به من خلال عدة اختراعات قام بها العديد من السعوديين في محاولة منهم للوصول بالمملكة إلى مصاف الدول المنتجة والمصدرة في آن واحد.

المهندس خالد الزهراني في جامعة الملك سعود بالرياض، استطاع العمل على ابتكار نظام النداء الإلكتروني للطلاب والطالبات في المنشآت التعليمية ليصبح بذلك مديرا لشركة «تقنية النداء» التي تعد أول شركة ناشئة من وادي الرياض للتقنية في جامعة الملك سعود.

وذكر أن نظام النداء الإلكتروني يهدف إلى توفير وسيلة اتصال بين الطالب في المدرسة وولي الأمر عوضا عن استخدام الميكروفون، مؤكدا على أن ذلك الجهاز تم تصنيعه بأيد سعودية مائة في المائة.

وأشار إلى أن هذا الاختراع قد حصل على تكريم من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ولا سيما أنه ابتكار سعودي وصناعة سعودية، مبينا أنه تم توقيع العديد من الاتفاقيات مع الشركة بهدف استخدامه في ثلاث مدارس بالرياض.

ولفت إلى أن نظام النداء الإلكتروني استغرق تنفيذه نحو سنة كاملة تم خلالها إنتاج أول عينة منه وتجربتها في إحدى المدارس الأهلية لمدة ستة أشهر، ومن ثم البدء في تصنيع خط الإنتاج، موضحا أنه سيتم تصنيع نحو 10 آلاف جهاز خلال الفترة المقبلة.

ووسط تأكيدات مجموعة من الاقتصاديين في السعودية على تحسن القطاع الصناعي السعودي بشكل واضح خلال السنوات الأخيرة، نتيجة تغير الفكر الاستراتيجي، كشفت وزارة التجارة والصناعة في وقت سابق عن وصول عدد المصانع في السعودية بنهاية الربع الثاني من عام 2010 إلى 4 آلاف و600 مصنع منتج، في حين بلغ رأس مال المستثمر بها خلال الفترة نفسها ما يقارب 404 مليارات ريال، إلى جانب تجاوز عدد العاملين فيها 528 ألف موظف وعامل.

واستحوذت صناعة المنتجات البترولية المكررة البالغ عدد مصانعها 75 مصنعا على ما نسبته 40.4 في المائة من إجمالي تمويل المصانع القائمة بالسعودية، وما يعادل 145.2 مليار ريال، تليها صناعة منتجات المعادن اللافلزية الأخرى في 679 مصنعا بنسبة 13.4 في المائة من إجمالي التمويل أي 48.2 مليار ريال.

فيما بلغ عدد مصانع صناعة المواد والمنتجات الكيمائية 422 مصنعا، والتي استحوذت على نحو نسبة 10.5 في المائة من إجمالي تمويل المصانع القائمة بالسعودية، بينما وصل عدد مصانع الصناعات الأساسية للمعادن 296 مصنعا حصلت على 13.8 في المائة من التمويل.

كما جاءت صناعة المنتجات الغذائية والمشروبات بما يقارب 668 مصنعا قدرت نسبة تمويلها بنحو 9.8 في المائة من إجمالي التمويل، عدا عن أن تلك الصناعات الخمس التي بلغ إجمالي عدد مصانعها 2140 مصنعا استحوذت على ما نسبته 51.4 في المائة من إجمالي عدد المصانع في السعودية ليبلغ تمويلها ما يقارب 83.9 في المائة من تمويل مصانع المملكة كافة.

وأوضح في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» الدكتور خالد الحارثي الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس إدارة مركز «آرك» للدراسات، أن المرحلة الحالية تشهد شركات في قطاع البتروكيماويات تسهم بشكل كبير في تصدير السعودية لمنتجاتها عالميا.

وقال في حديث لـ «الشرق الأوسط»: «كانت الحكومة السعودية في السابق تعتمد على النفط كمصدر دخل واحد ولا تستفيد من القيمة المضافة الموجودة لهذا الاستخراج محليا، غير أنها بدأت تغير توجهها في القطاع الصناعي من خلال التركيز على الصناعات البتروكيماوية كمصدر ثان للدخل كونه أكثر أمانا واستقرارا».

وذكر أن المرحلة الحالية تشهد شركات في قطاع البتروكيماويات تسهم بشكل كبير في تصدير السعودية لمنتجاتها عالميا، إضافة إلى إدخال المصانع الصغيرة التي يستطيع الفرد أو المستثمر من خلالها الدخول برأسمال مال محدود في مجال الصناعة، معتبرا أن تلك الخطوة من أفضل الخطوات الإيجابية التي يعيشها القطاع الصناعي السعودي.

وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز قد أسس وافتتح مشاريع تزيد على 200 مليار ريال منذ توليه الحكم وحتى الآن، إلى جانب إنشاء مدينتين صناعيتين إحداهما في رأس الزور والأخرى برابغ، إضافة إلى تقديم القروض الصناعية للمستثمرين من خلال صندوق التنمية الصناعية السعودية والتي بلغ عددها 3131 قرضا صناعيا بقيمة إجمالية وصلت إلى 81 مليار ريال حتى نهاية العام الماضي وذلك بهدف المساهمة في إنشاء 2216 مشروعا صناعيا بمختلف أنحاء السعودية.

الجدير بالذكر أن وزارة التجارة والصناعة تقوم حاليا بتجهيز العديد من المدن الصناعية الجديدة منها ما هو تحت التطوير، في حين سيتم تطوير المدينتين الصناعيتين العملاقتين والتابعتين للهيئة الملكية في كل من الجبيل وينبع، إلى جانب مشاريع جديدة وزيادات لأخرى معتمدة من أجل إنشاء البنية التحتية والتجهيزات والمرافق اللازمة في مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين.

وتضمنت ميزانية مدينتي الجبيل وينبع مشاريع جديدة ومراحل إضافية لعدد منها بقيمة تجاوزت 4.7 مليار ريال لتجهيز البنية التحتية في كل من الجبيل وينبع للصناعات البتروكيماوية وإنشاء المرافق التعليمية والسكنية والطرق والخدمات الأخرى.

كما شملت الميزانية مشاريع لتجهيز البنية التحتية بالنسبة للصناعات التعدينية في رأس الزور، وإنشاء الطريق الذي يربط مدينة الجبيل الصناعية بالمدينة التعدينية، وذلك بتكلفة تزيد على 1.5 مليار ريال.