تونس: تواصل الاحتجاجات لليوم العاشر في «سيدي بوزيد».. ونقابات تتضامن مع المنطقة

محتجون رفعوا الخبز في أياديهم تذكيرا بانتفاضة 1984

TT

تجمع نحو 400 نقابي أمس في تونس العاصمة تعبيرا عن تضامنهم مع منطقة سيدي بوزيد، التي تشهد منذ 10 أيام احتجاجات على خلفية تفشي البطالة بشكل واسع. والتأم هذا التجمع بدعوة من نقابات تونسية شملت قطاعات التعليم الثانوي والأساسي والبريد وأطباء الصحة العمومية وصناديق الضمان الاجتماعي.

وتم التجمع في ساحة محمد علي أمام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل وسط إجراءات أمنية مشددة. ورفعت خلال التجمع لافتات كتب عليها «عار عار يا حكومة..الأسعار شعلت نار»، و«الشغل استحقاق»، و«لا لا للاستبداد» و«الحرية كرامة وطنية»، كما ردد المشاركون فيه شعارات من قبيل «التوزيع العادل للثروة.. حق وليس استجداء»، و«الاحتراق.. شعار سنة الشباب»، كما رفع بعض المواطنين الخبز في أياديهم تذكيرا بانتفاضة الخبز التي عرفتها تونس في يناير (كانون الثاني) 1984، وذلك في إشارة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وفي سياق ذلك، طالب المشاركون في التجمع بـ«مساندة ودعم أهالي سيدي بوزيد».

وطالب سامي الطاهر، الأمين العام لنقابة التعليم الثانوي، في كلمة ألقاها بالتجمع، بضرورة فك الحصار الأمني المضروب على مدن ولاية سيدي بوزيد، وخاصة مدينتي منزل بوزيان والمكناسي، كما طالب بوقف عسكرة المنطقة، على حد تعبيره، والتوقف عن ترهيب العائلات. ومن جانبه، قال فراس بونتي، وهو تلميذ في ربيعه الثامن عشر حضر التجمع، لـ«الشرق الأوسط»، إن مشاركته في التجمع هي تفكير عميق في المستقبل، مشيرا إلى أنه ينتظر تحسن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية حتى يجد عملا عند تخرجه من الجامعة، وحتى لا يبقى عاطلا مثل أخته التي تخرجت من الجامعة قبل سنتين، وظلت عاطلة عن العمل منذ ذلك التاريخ.

وحاول المشاركون في التجمع التحرك للقيام بمسيرة، بيد أن قوى الأمن تدخلت وأجبرتهم على التفرق من دون تسجيل وقوع إصابات. وهذا ثاني تحرك يقوم به النقابيون الذين شاركوا السبت الماضي مع حقوقيين وطلبة في تجمع بالعاصمة تونس للأسباب نفسها. وجاب المتظاهرون شارع المنجي سليم المحاذي لمقر الاتحاد العام للشغل. وأعد الاتحاد العام للشغل دراسة حول منطقة سيدي بوزيد عرض فيها خبراء اقتصاد الوضعين الاجتماعي والاقتصادي في هذه المنطقة، وقدموا حلولا وآليات للنهوض بها، حسب ما أفاد به مصدر من الاتحاد لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال شاهد عيان من منطقة سيدي بوزيد لـ«الشرق الأوسط» إن مسيرات كثيرة عرفتها المنطقة من بينها تنظيم مسيرة حاشدة يوم أمس بمدينة جلمة، التي تبعد 60 كلم عن مدينة سيدي بوزيد، مشيرا إلى أنه في بعض المناطق الفلاحية المجاورة، نصبت مجموعة من العائلات خيامها على أراض تابعة للدولة، مطالبة، كما ذكر شاهد عيان، بإعادة تقسيمها، وتمكين العائلات الفقيرة من نصيب من تلك الأراضي. وبدورها، عرفت ولاية (محافظة) القصرين المجاورة لسيدي بوزيد، والواقعة على بعد 295 كلم عن تونس العاصمة (غرب البلاد)، تنظيم مجموعة من المسيرات الاحتجاجية.

ونظمت لجنة متابعة ودعم أهالي سيدي بوزيد أمس اعتصاما وسط المدينة مطالبة بإطلاق سراح 10 شبان من منطقة «الرقاب»، تتراوح أعمارهم بين 25 و30 سنة، قالت عائلاتهم إن السلطات اعتقلتهم أثناء سلسلة من المداهمات الليلية دون وجه حق، ودون أن يشاركوا عمليا في الاحتجاجات التي عرفتها وما زالت تعرفها شوارع المدينة.

وقال عطية العثموني، عضو اللجنة، لـ«الشرق الأوسط» إن اعتصاما نظمه يوم أمس 40 عاطلا عن العمل من خريجي الجامعات التونسية بمنطقة بني عون، التي تبعد نحو 40 كلم عن سيدي بوزيد، وكونوا «لجنة الشغل والحريات» للمطالبة بحقهم في التشغيل.

وحول حادثة الانتحار الرابعة المسجلة بمنطقة سيدي بوزيد، قال العثموني إن الشاب الذي أقدم على رمي نفسه في بئر عميقة، يدعى لطفي القادري، وعمره 30 سنة، وهو من خريجي الجامعات العاطلين عن العمل منذ سنوات.

وأضاف العثموني أنه لوحظ على القادري علامات التوتر الشديد قبيل إقدامه على الانتحار، مشيرا إلى أنه ينتمي إلى عائلة ضعيفة ومحرومة، على حد تعبيره.

واتصلت «الشرق الأوسط» بسلطات ولاية سيدي بوزيد، بيد أنه لم يتسن لها الحصول على تعليق منها على الأحداث التي تعرفها مختلف مناطق الولاية.

وتجددت الليلة قبل الماضية، لليلة الثانية على التوالي الاشتباكات بين قوات مكافحة الشغب ومتظاهرين في مركز معتمدية «سوق الجديد» التابعة لمحافظة سيدي بوزيد.

وقال النقابي وشاهد العيان، منجي غنيمي، في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الألمانية، إن مجموعات تضم العشرات من الشبان أحرقوا مقر إحدى الجمعيات التنموية الحكومية، وقطعوا بالعجلات المطاطية المشتعلة الطريق الرئيسي الرابط بين مدينتي سيدي بوزيد (شرق المدينة) والمكناسي (غربها).

وأضاف أن هؤلاء هاجموا في أكثر من مناسبة مركز الحرس بالحجارة محاولين اقتحامه، وأن قوات الأمن أطلقت عليهم القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم، كما أطلقت الرصاص الحي في الهواء لتخويفهم. وأضاف غنيمي، وهو عضو في لجنة المتابعة ودعم أهالي سيدي بوزيد، التي تأسست مع بداية الاضطرابات الاجتماعية في المحافظة، أن الهدوء عاد إلى المنطقة بعد أن دفعت السلطات بتعزيزات أمنية إضافية.

وكان رجل أمن أصيب ليلة السبت بطلق ناري في ساقه ونقل إلى المستشفى حيث خضع لعملية جراحية لإخراج رصاصة يبدو أن أحد زملائه أطلقها عليه على وجه الخطأ عندما شرع نحو 8 من الحرس في إطلاق النار في الهواء لتفريق مظاهرة شارك فيها مئات من الشبان الذين حاولوا اقتحام مركز حرس المدينة. يذكر أن اشتباكات اندلعت في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي في مدينة سيدي بوزيد، وتوسعت لتشمل مدنا مجاورة مثل المكناسي وبوزيان والرقاب والمزونة بعد أن أقدم شاب ثان على الانتحار احتجاجا على البطالة أيضا عبر تسلق عمود كهربائي ولمس الأسلاك. على صعيد ذي صلة، قال أحمد إبراهيم، الأمين العام لحركة التجديد المعارضة، والمدير المسؤول عن جريدة «الطريق الجديد»، إن العدد 211 من الصحيفة المعارضة، والصادر يوم 25 ديسمبر الحالي «تعرض عمليا للحجز، لأنه يحتوي على تغطية شاملة لأحداث سيدي بوزيد، ومقالات تحليلية لأبعادها».