مصر: دعوة البرادعي لفرض الإصلاح السياسي من الخارج تثير جدلا

الحزب الحاكم وصفها بالإفلاس.. ومحللون: إنها «مرفوضة شعبيا»

TT

واجهت دعوة أطلقها الدكتور محمد البرادعي، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، للاستعانة بالمجتمع الدولي لـ«تحقيق الإصلاح بمصر» انتقادات من جانب الحزب الحاكم ومحللين رأوا أن الشعب المصري يرفض بالأساس «الاستقواء بالخارج» تحت أي مسمى.

وحذر البرادعي مما وصفه بأنه «عدم استقرار في مصر»، مطالبا، في مقال له نشر أول من أمس، في صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، المجتمع الدولي بأن «يؤيد نضالنا من أجل الحرية، وأن يلزم مصر بتعهداتها الدولية بخصوص احترام حقوق الإنسان».

وعقب تقاعده عن العمل في الوكالة الدولية للطاقة الذرية مطلع هذا العام، عاد البرادعي لمصر وأسس جمعية للإصلاح وأعرب عن نيته خوض الانتخابات الرئاسية ومنافسة مرشح الحزب الحاكم. لكن بعد مضي نحو عام من نشاطه السياسي في البلاد، رأى الكثير من المراقبين فتور حملته بسبب كثرة وجوده خارج مصر.

وقال البرادعي في المقال المنشور على موقع «واشنطن بوست» على الإنترنت: إن «التعديل الدستوري الأخير (عام 2007) جعل من المستحيل على شخص مستقل أن يرشح لانتخابات الرئاسة، وإن تأسيس أي حزب يتطلب الحصول على تصريح من لجنة الأحزاب التي يهيمن عليها الحزب الحاكم».

وأضاف البرادعي أنه من الناحية النظرية «لمصر دستور وقوانين تعكس إرادة شعبها، لكن على أرض الواقع فإن النصوص تعاني القبضة الحديدية للنظام الحاكم، فضلا عن أنه لا يسمح لأكثر من 5 أشخاص بالتجمع من دون إذن مسبق من أجل تنظيم مظاهرة سلمية».

ولمح البرادعي أيضا لما سماه حصارا إعلاميا له، وقال إنه عند عودته لمصر مطلع العام وبدئه حملة من أجل الإصلاح في البلاد «تلقيت فيضانا من الطلبات من أجل إجراء مقابلات إعلامية، غير أنه بعد حملة القمع الأخيرة على وسائل الإعلام يصعب على أي محطة تلفزيونية محلية مصرية أن تجرؤ على التعبير عن رغبتها في التحدث إلي».

ورفض الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم)، الذي يرأسه الرئيس حسني مبارك، مزاعم البرادعي. وقال الدكتور مجدي يونس، القيادي في الحزب: «إننا مع الإصلاح السياسي، لكن شريطة أن يأتي من الداخل، لا من الخارج». وأضاف أنه «على الرغم من أن الجميع يقدر المكانة العلمية للدكتور البرادعي، فإنه يعاني الفشل (السياسي) الآن»، مشيرا إلى أن «اتهاماته» التي نشرها في مقاله الأخير «مجرد تبرير للفشل سواء في الجمعية الوطنية للتغيير التي أسسها، أو في حملة دعمه لانتخابات الرئاسة المقبلة».

وأضاف الدكتور يونس لـ«الشرق الأوسط»: «إن لحظات الانبهار بالدكتور البرادعي سواء من المحيطين به أو من جموع المصريين، تلاشت بعد اكتشافهم أنه لا يعيش الواقع المصري».

من جانبه، أوضح الدكتور حسن أبو طالب، رئيس تحرير التقرير الاستراتيجي العربي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، حول مخاطبة البرادعي للخارج فيما يتعلق بالشأن المصري الداخلي، بقوله: نحن نعلم أن هناك حساسية كبيرة لدى المصريين على اختلاف وعيهم السياسي بمسألة الالتزام لضغوط خارجية أيا ما كانت الأهداف والقيم النبيلة وراء هذه الضغوط، فالمصريون ينظرون إلى التدخلات باعتبارها تمس كرامتهم الوطنية، وهو ما يجعل دعوة الدكتور البرادعي غير مقبولة لدى الجماهير».

وأضاف أن تجربة الدكتور البرادعي، خلال العام الماضي، لم تكن إيجابية، مشيرا إلى أن الجمعية التي أسسها واجهت تحديات كبيرة تعوق استمرارها.

على صعيد متصل، وعلى خلفية الجدل المثار حول حضور الدكتور محمد البرادعي احتفالات أعياد الميلاد هذا العام، أعلن وكيل الكاتدرائية المرقسية للأقباط الأرثوذكس الأنبا سرجيوس، أمس (الاثنين)، أن الكنيسة لن توجه دعوات رسمية لحضور احتفالات أعياد الميلاد سوى للرئيس مبارك الذي سوف يرسل مندوبا عنه من رئاسة الجمهورية، ورئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف، ورئيس البرلمان الدكتور أحمد فتحي سرور.

وقال سرجيوس لـ«الشرق الأوسط» إن حضور الاحتفالية مفتوح لجميع المصريين، لكن الكنيسة لن توجه الدعوة لأي من الشخصيات العامة أو قيادات أحزاب المعارضة. وأضاف: «من أراد الحضور من الشخصيات العامة فعليه الحضور إلى الكاتدرائية للحصول على دعوة».

ونفى سرجيوس الأنباء التي ترددت عن قيام الكنيسة بدعوة البرادعي لحضور الاحتفالية. وقال: «البرادعي شخصية عامة، فإذا أراد الحضور يمكنه أن يأتي لتسلم دعوة مثل كل الشخصيات العامة».

وقال محامي الكنيسة الأرثوذكسية، رمسيس النجار، لـ«الشرق الأوسط»: «كان من المفترض أن تقوم الكنيسة بتوجيه دعوة رسمية للبرادعي باعتباره شخصية عامة ودولية، لكن ربما تكون حالة الجدل السياسي المثارة حوله هي التي جعلت الكنيسة تلجأ إلى عدم دعوته لتؤكد على فكرة أنها مؤسسة دينية ليس لها علاقة بالأمور السياسية».

وقال رئيس مجلس أمناء منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، نجيب جبرائيل، لـ«الشرق الأوسط»: «البرادعي شخصية عامة يمكنه حضور الاحتفالية، فهو لا يحتاج إلى دعوة».

وأثارت قضية حضور البرادعي احتفالات أعياد الميلاد جدلا واسعا في الأوساط القبطية. وقام البرادعي بتهنئة الأقباط بأعياد الميلاد من خلال تدوينة نشرها في صفحته الخاصة على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي يوم السبت الماضي، خاطب فيها الأقباط قائلا: «فلنعمل معا من أجل غد مشرق لمصر».

وكان مجموعة من الشباب القبطي قاموا بنشر دعوة بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» طالبوا فيها الكنيسة بضرورة دعوة البرادعي لحضور قداس أعياد الميلاد. وقال مجدي يعقوب، أحد المنضمين للدعوة: «البرادعي فخر لكل المصريين، رغم أنف الحاقدين».