«8 آذار» تتهم الرئيس اللبناني بالهروب إلى الأمام.. والأكثرية تعتبر أنه يتصرف وفق «ميزان الذهب»

موقفه من مبدأ التصويت داخل الحكومة يتعرض لأخذ ورد

الرئيس اللبناني ميشال سليمان مجتمعا أمس في قصر الرئاسة في بعبدا بالسفير السوري لدى لبنان علي عبد الكريم علي (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

خرج رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان عن صمته بعد كل الهجمات التي تعرض لها من هنا وهناك لاتخاذ موقف واضح وصريح من ملف شهود الزور، حيث قالها بصوت عال وبنبرة حازمة: «أنا لست محرجا على الإطلاق. الدعوة إلى التصويت هي أسهل الخيارات بالنسبة إلي على المستوى الشخصي، ولكنها الأكثر كلفة على الصعيد الوطني إذا جاءت في التوقيت الخاطئ. وليكن معلوما أنني أستطيع أن أتحكم في طريقة تصويت الوزراء الخمسة ضمن كتلتي».

موقف الرئيس سليمان هذا استتبع حملة من الردود، فأثنت قوى «14 آذار» على «اتزانه»، وقرأت فيه قوى «8 آذار» «هروبا إلى الأمام»، في وقت لفتت فيه مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية إلى أن «الرئيس بعد فترة من تركه الساحة خالية لمن رغب في إطلاق السهام عليه وحتى إعطائه دروسا في صلاحياته الدستورية، وجد أنه حان الوقت ليضع النقاط على الحروف ويوضح للمعنيين أنه يدرك تماما الخطوات الواجب اتخاذها لتجنيب البلاد الانزلاق في المجهول»، وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «البعض تمادى بالتعدي على صلاحيات الرئيس إلى حد أنه حاول أن يملي عليه ما يفعل أو ما يقول، لذلك توجب أن يذكر الرئيس بأنه يدرك تماما واجباته، وأن كل الخطوات التي يقوم بها حاليا تصب في هذا الإطار».

من جهته، شدد عضو تكتل «التغيير والإصلاح» الذي يرأسه العماد ميشال عون، النائب وليد خوري، على أن «قوى (8 آذار) لم تشن يوما حملة على الرئيس في موضوع شهود الزور، كما أنه غير معني بكل المشاحنات التي كانت تصدر عبر الإعلام، فالمعني الأول بالنسبة إلينا هو رئيس الحكومة سعد الحريري المطلوب منه اتخاذ الخطوات المطلوبة». وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، اعتبر خوري أن «السعي لإحلال التوافق في هذا الملف أخذ وقتا أكثر من اللازم وبالتالي استوجب اللجوء إلى خيار التصويت»، وأضاف: «لا أحد يناقش في صلاحيات الرئيس، فكلنا يعلم تماما أنه مؤتمن على الدستور وعلى حسن سير أمور الدولة، ويبدو أنه متفائل اليوم بأن تأتي تسوية (السين - سين) بحل شامل للأزمات القائمة، ومن ضمنها أزمة شهود الزور، فعسى أن يتم ذلك». وأوضح خوري أن «قوى (14 آذار) هي من تعطل الدولة وسير أمور المواطن، لكونها، ومن خلال وزارة المالية، تعطل ملفات لا تحتاج إلى اجتماع مجلس الوزراء، أبرزها ملفات الصندوق البلدي، والتنقيب عن النفط».

وقال عضو الكتلة نفسها، سيمون أبي رميا: «عتبنا على الرئيسين ميشال سليمان وسعد الحريري، لأنهما إذا فعلا أرادا الوصول إلى الحقيقة، فلنحول ملف شهود الزور إلى المجلس العدلي»، مشددا على «وجوب أن يتبنى الرئيس سليمان الوجهة الدستورية، لأن الرئيس التوافقي مطلوب منه أن يأخذ موقفا في لحظة من اللحظات»، متسائلا: «لا أعرف لماذا الهروب إلى الأمام في هذا الموضوع؟!»، معربا عن اعتقاده بـ«أن هناك هروبا من هذا الملف نتيجة لمحاولة تغطية أشخاص ينتمون إلى فريق ما، وبالتالي هم المسؤولون عن سياسة التعطيل».

بدوره، أكد عضو كتلة «التنمية والتحرير»، النائب أيوب حميد، أن «الدعوة لإحالة ملف شهود الزور إلى المجلس العدلي ليست تجاوزا للطوائف ولا تعديا على صلاحيات الرئاسات، إنما من موقع الحرص على الدستور وتطبيق مضمونه وبعدها ليكن الانصراف نحو متابعة كل القضايا التي تهم الناس ولقمة عيشهم للوصول في نهاية المطاف إلى وضع الأسس السليمة لقيامة لبنان»، مستغربا «الاتهام الذي يوجه للمعارضة بتعطيل عمل مجلس الوزراء وبالتخطيط لعمل انقلابي على المؤسسات»، معتبرا «أنه رماد يذر في العيون بقصد التضليل والتمويه وإضاعة البوصلة».

في المقابل، أثنى قائد الجيش جان قهوجي، على مواقف وتوجهات رئيس الجمهورية قائلا: «ندرك تماما ما تبذلونه من جهود حثيثة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان، بهدف جمع الشمل وترتيب البيت الداخلي وصولا إلى توحيد الموقف من القضايا الوطنية الأساسية وإعادة الأمور إلى مسارها الطبيعي».

ورأى وزير العمل بطرس حرب أن «رئيس الجمهورية أراد إفهام المعنيين أنه يعرف صلاحياته وكيف يجب أن يتصرف»، مؤكدا أن «الرئيس سليمان هو الضامن لاحترام الدستور وحسن سير الحياة السياسية، وهو الوحيد الذي يقرر متى يستعمل هذه الصلاحية أو تلك». ولفت حرب إلى أنه «في ظروف دقيقة كهذه يجب أن يتمتع سليمان بالصبر والحكمة ليمارس دوره، وهو على مسافة واحدة من الفرقاء كافة»، داعيا «من يعتقد أن رئيس الجمهورية يتحيز لفريق في وجه فريق آخر في موقفه من التصويت، إلى مراجعة الدستور».

واعتبر عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري، أن «رئيس الجمهورية ميشال سليمان يتصرف وفق ميزان الذهب، وهو يقوم بتدوير الزوايا لمنع أي انقسام على الساحة السياسية»، مشددا على ضرورة «تحييد موقع الرئاسة عن أي تجاذبات سياسية».