انتقاد مفتي جبل لبنان للبطريرك الماروني يثير حملة استنكار مسيحية «لخروجه عن المألوف»

نائب عوني لـ«الشرق الأوسط»: الجوزو أعجز من أن يهين المسيحيين

الشيخ محمد علي الجوزو والبطريرك مار نصر الله بطرس صفير
TT

أثارت المواقف الأخيرة لمفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو جملة من ردود الفعل المسيحية المستنكرة لا سيما لناحية تزامنها مع احتفال المسيحيين بعيد الميلاد، وذلك في معرض رده على ما جاء على لسان البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير لدى حديثه منذ أيام عن هجرة المسيحيين شرقا وغربا وإشارته إلى أن الأقلية الباقية في لبنان هي «أقلية نوعية».

وكان الجوزو في تصريح أدلى به أول من أمس أشار إلى أن كلام البطريرك عن «الأقلية الباقية» كان «من المفضل ألا يقال لأنه يؤذي مشاعر بقية اللبنانيين جميعا»، لافتا إلى أن «النوعية اليوم لم تعد موجودة في لبنان لا في المسيحيين ولا في المسلمين». ورأى أن «المارونية السياسية جرت البلد إلى أخطاء فادحة وإلى حروب لا أول لها ولا آخر، وتسببت في دخول الجيوش الزاحفة إلى بلدنا، وأغرقتنا بالدماء والقتل والاغتيالات حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه»، معتبرا أن «من أخطاء السياسة المارونية أنها اهتمت بالامتيازات ولم تنصف المناطق الإسلامية وخصوصا الشيعية منها».

وفي حين حملت أوساط مسيحية على كلام المفتي مشيرة إلى أنها ليست المرة الأولى التي يقول فيها «كلاما خارجا عن المألوف»، وهو غالبا ما يكيل مواقف حادة تثير حفيظة حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر برئاسة النائب ميشال عون، فضل النائب في تكتل التغيير والإصلاح الدكتور نبيل نقولا، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، عدم الإسهاب في الرد على مواقف الجوزو، واكتفى بالإشارة إلى أن «الكلام صفة المتكلم والإناء ينضح بما فيه»، مذكرا «بالتحركات الدائمة التي يقوم بها ضد العماد عون والمسيحيين لاعتقاده أنها سترتد على المسيحيين».

وشدد نقولا على أنه «ليس بمقدور الجوزو إهانة المسيحيين أو ضربهم بالمفرق لأنه صغير جدا وعاجز عن القيام بذلك»، معتبرا أن «المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على عاتق المسؤولين عنه لأنه صوت سيده».

وفي إطار أبرز المواقف الصادرة في بيروت، شدد منسق اللجنة المركزية في حزب الكتائب النائب سامي الجميّل على أنه «إذا كان القصد مهاجمة نصف المسيحيين فيصمت النصف الآخر تشفيا، فنطمئن سماحته إلى أننا لن نسكت عن إهانة المسيحيين بالمفرق لضربهم بالجملة». وأشار إلى أن «سماحة المفتي طالعنا بتصريح كنّا نود عدم سماعه في هذه الفترة التي يحتفل فيها لبنان بولادة السيد المسيح حيث من المفترض أن يسود السلام والمحبة والتسامح، لكنه آثر اختيار عكس ذلك فوجه انتقادا لرأس الكنيسة المارونية البطريرك مار نصر الله بطرس صفير وصل إلى حد المس بالتاريخ المجيد للمسيحيين واتهامهم بتدمير الكيان اللبناني».

وأكد: «إننا لسنا بوارد أخذ دروس من أي كان عن تاريخنا المليء بالبطولات والتضحيات، فمن المسلّم به أن المسؤولين من كل الطوائف قد أخطأوا في فترة من الفترات»، مذكرا المفتي جوزو «بأنه كان أبرز المدافعين عن الاحتلال السوري وأفعاله وسياساته، ولا لزوم لفضح المزيد عن مرحلة سوداء من تاريخ لبنان كان فيها المسيحيون السد المنيع في وجه كل المخططات التي حيكت ضد لبنان وضدهم».

وتمنى النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» زياد أسود «لو لم يصدر أي كلام مقصود لتعكير أجواء الأعياد وتوجيه رسائل متعمدة ومتعددة»، لافتا إلى أن «الدين المسيحي يدعو إلى التسامح والتعالي والمحبة لذا لن يسمح لبيانات الجوزو أن تمر وتوزع هداياها المفخخة على الموارنة». وقال إن «مجد لبنان أعطي للموارنة ولم يعط لغيرهم، والتاريخ يثبت والحاضر يؤكد والمستقبل يبرهن أن هدم الكيان اللبناني وإفساد المؤسسات وتهجير المواطنين أصبح من مشاريع المدرسة التي ينتمي إليها الجوزو».

ورأى رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن أنه «في الوقت الذي كانت فيه الطوائف الإسلامية والمسيحية تتبادل التهاني بعيد الميلاد المجيد في أجواء أقرب ما تكون إلى العائلية، جاء خطاب مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو خارجا عن لياقات العيد وعن جوهر الدور الماروني الذي يجسده البطريرك صفير كحاضن وطني لجميع الطوائف». وقال: «إذا كان المفتي الجوزو قد ضرب صفحا عن شخصيات مارونية حكمت أو أعطت للبنان هذا الدور الذي هو أكبر من وطن بروح رسولية وتضحيات للحفاظ على وحدة البلاد وأخذ الطائفة بأجمعها ليشفي غليله السياسي من التيار الوطني الحر، وكأنه يستهدف من ورائه حلفاء لهذا التيار، فمن المعيب التعرّض لماضي المارونية بما أعطته للبنان وما زالت تدفع الثمن لإعطائه من خلال المواقف المشهودة للبطريرك صفير الذي جعل هموم الطوائف في بوتقة واحدة هي بوتقة الوطن».