تنظيمات بعثية عراقية تعلن توحدها تحت اسم «الانبعاث والتجديد».. وتسعى للمصالحة الوطنية

مسؤولون بعثيون سابقون: مستعدون لمراجعة المرحلة السابقة.. وتنظيما الدوري والأحمد «خطأ»

عدد من قيادات حزب البعث العراقي في مؤتمر صحافي في دمشق أمس (رويترز)
TT

وجهت قيادات بعثية عراقية انتقادات صريحة للقيادة السابقة لحزب البعث العراقي، ووصفت ما جرى عام 1979 بـ«المجزرة»، في إشارة إلى وصول الرئيس العراقي صدام حسين إلى قمة هرم السلطة وتصفية عدد كبير من أعضاء قيادة البعث الذين أيدوا توحيد البعث في سورية والعراق.

وقال بيان صادر عن 5 تيارات بعثية عراقية بمناسبة إعلان توحيدها تحت اسم «تيار الانبعاث والتجديد»: «إن تلك المجزرة أخرجت البعث من الساحة عمليا وأنهت نظامه الداخلي وقيمه وآلياته الحقيقية وحولته إلى جهاز من أجهزة السلطة، وإن إعلان توحيد التيارات الخمسة تحت اسم (تيار الانبعاث والتجديد) ليس حالة انشقاق جديد كما قد يذهب البعض، بل هو (تعبير رافض لحالة الانشقاق والتشظي) وهي حالة بعثية من داخل البعث وستعمل مع كل التنظيمات البعثية الأخرى بكل احترام وتقدير لإعادة البعث إلى ينابيعه الصافية».

وفي مؤتمر صحافي عقده ممثلون عن التيارات الخمسة، قال اللواء عبد الخالق الشاهر، الناطق الرسمي باسم «الانبعاث والتجديد»: «إن الحاجة إلى الاندماج باتت ملحة أكثر من أي وقت مضى؛ لذلك نحن نريد العودة لتوحيد الصفوف، والعمل معا من أجل مصلحة العراق شعبا وبلدا، على أسس جديدة وحضارية، نؤكد من خلالها التطلع نحو مستقبل أفضل للعراق والعراقيين ونقلص حالة التشرذم التي عصفت بحزب البعث».

وحضر المؤتمر، الذي عقد في ريف دمشق، خالد السامرائي، السكرتير العام لتيار «الانبعاث والتجديد»، وآلام السامرائي عن «حركة التحرر الوطني»، ونبيل الدليمي عن تجمع «مناضلون» وشهاب أحمد لافي عن تيار «التجديد العربي» واللواء عبد الخالق الشاهر من تيار «المراجعة والتوحد» والناطق الرسمي باسم تيار «الانبعاث والتجديد».

وقال السكرتير العام للتيار خالد السامرائي: إن التيارات التي توحدت في تيار «الانبعاث والتجديد» هي تيارات تنظيمية بعثية «تمثل جزءا من طليعة البعث التي آلمها ما آل إليه وضع البعث منذ مجزرة عام 1979، التي أخرجته من الساحة عمليا، وأنهت نظامه الداخلي وقيمه وآلياته الحقيقية، وحولته إلى جهاز من أجهزة السلطة، وآلمها الحال الكارثي للبعث بعد الاحتلال، وما آل إليه من تشظٍّ وتمسك بالآليات القديمة هي نفسها اليوم تتداعى للوحدة والاندماج».

وأوضح السامرائي أن التيار «سيبقى يعمل على أساس كونه تيارا، إلى أن تتهيأ الظروف الموضوعية لعقد اجتماع موسع لممثلي طليعة البعث ومناضليه يعقبه السعي للإعداد لمؤتمر قطري نوعي يضع النقاط على الحروف من دون وجل وتردد، وحينها يقرر التيار الاندماج في الحزب بعد أن يكون قد أدى مهمته».

وردا على سؤال «الشرق الأوسط» حول وصفهم لما جرى عام 1979 بـ«المجزرة» مع أنهم كانوا منخرطين في العمل الحزبي تحت قيادة صدام حسين، قال خالد السامرائي: «في عامي 1978 و1979 كانت هناك مساعٍ للتقارب بين البعث في العراق والبعث في سورية، وكادت تحقق نتائج على صعيدي وحدة الحزب ووحدة الدولتين، إلا أن ثمة مؤامرة ظهرت وذهب أكثر من نصف القيادة القطرية ضحايا لها بحجة قيامهم بانقلاب»، ويكمل السامرائي متسائلا باستغراب: «انقلاب ضد من؟»، ثم يضيف موضحا: «الرفيق صدام حسين كان الرجل الثاني في الحزب وكان يطمح إلى أن يكون الرجل الأول، وكانت عملية توحيد الحزب على هذا النحو ستجعله الثالث أو الرابع، فقام بمؤامرة مفبركة وأجهض كل مساعي توحيد الحزب والبلدين».

وحمل السامرائي «المؤامرة» التي قام بها صدام حسين المسؤولية عن «كل ما حصل من مآسٍ منذ ذلك الوقت وحتى الآن»، معتبرا أنها كانت محطة شهدت «انقلابا على توجه الحزب العقائدي» وأنه بعد عام 1979 وما تلاه من اغتيالات وأحداث حولت الحزب إلى «مؤسسة تابعة للسلطة وتم تفريغه من محتواه العقائدي».

وعما إذا كان توحيد التيارات الخمسة خطوة نحو توحيد جناحي البعث عزة إبراهيم الدوري ومحمد يونس الأحمد، قال السامرائي: «الجناحان هما من ورثة أحداث 1979، عزة الدوري كان نائب الرئيس ومحمد يونس الأحمد كان عضو قيادة في الفترة السابقة»، وتابع مؤكدا أن دعوة «الانبعاث والتجديد» موجهة إلى «قواعد التنظيمين للعودة إلى عقيدة البعث والحزب التاريخي»، واصفا الجناحين بأنهما في حالة «خطأ».

من جانبه، اعتبر اللواء عبد الخالق الشاهر أن الدعوة إلى التوحيد ليست جديدة وقد كتبوا الكثير من المقالات وبذلوا الكثير من المساعي لتوحيد الحزب، مؤكدا استمرار «التواصل مع قيادة قطر العراق، وقيادة قطر العراق المؤتمر الاستثنائي». وقال: «إن الدعوة إلى المراجعة ليست جديدة؛ فالبعث أسس على المراجعة والنقد، والنقد الذاتي، وفكر البعث كان يقول: احذروا الصنمية، احذروا الفردية، احذروا ابتلاع السلطة للحزب»، منبها إلى أنه عندما يقال «إن جناحي الحزب في حالة خطأ لا يعني أننا لا نتواصل معهما، بل العكس؛ فالهدف هو توحيد البعث ولكن ليس توحيد الضعف وإنما الوحدة المبنية على المراجعة».

وأكد الشاهر أنه في حال انعقد المؤتمر القطري بما يلبي الطموحات ويؤسس لمراجعة «نقدية هادفة حقيقية سنذوب فيه؛ لأننا لسنا انشقاقا، نريد أن يجلس الجميع وتوضع النقاط على الحروف ونقول: لماذا حصل الذي حصل؟ لماذا هذه النهاية الكارثية لحزب البعث؟»، مشيرا إلى العلاقة الجيدة التي تربط تيار «الانبعاث والتجديد» مع «كل الكتل البعثية حتى المنقطعين، وهدفنا العودة إلى الحزب الواحد». وأوضح الشاهر أن تيار «الانبعاث والتجديد» وضع مرتكزات استراتيجية للمرحلة الراهنة، تتضمن 14 نقطة، منها المصالحة الوطنية، مؤكدا أن «المصالحة الوطنية هدف من الأهداف، وهي مبنية على أسس وطنية وليست انخراطا في العملية السياسية». وقال: «سنشترك فيها عندما نشعر أن الطرف الآخر جاهز، نحن لدينا شروط والطرف الآخر لديه شروط وشروطنا أوضحناها في البيان».

وأعلن الشاهر استعداد تيار «الانبعاث والتجديد» لإجراء «مراجعة ومحاكمة» لمسيرة الحزب السابقة «قبل الاحتلال وبعده»، وبالمقابل لدى التيار مطالب واضحة ومحددة من الحكومة العراقية، منها: «ألا تطالب الأميركيين بتجديد بقائهم بعد 2011، والاعتراف بشرعية المقاومة العراقية» ومطالب أخرى قال الشاهر إنها «لا تخرج عن دستورهم» من دون أن يعني ذلك إيمان تياره بالدستور، الذي يطالب بتعديله وإلغاء المواد التي تتعارض مع بنود الدستور ذاتها والمواثيق الدولية.