المعارضة الكويتية تصعد.. والبلاد على شفا أزمة سياسية جديدة

تقديم طلب بعدم التعاون مع رئيس الوزراء.. والخيارات: حل المجلس أو استقالة الحكومة

نواب كويتيون من المعارضة خلال جلسة طلب استجواب رئيس الوزراء الشيخ ناصر محمد الأحمد الصباح بسبب مزاعم بانتهاك الدستور والحريات (أ.ف.ب)
TT

صعدت المعارضة الكويتية الموقف مع حكومة بلادها، إثر تقدم 10 نواب من مجلس الأمة، أمس، بطلب عدم إمكان التعاون مع رئيس وزراء البلاد، مشيرين إلى عدم تعاونه مع المجلس، مما قد يؤدي إلى قيام أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد بتعديل الحكومة أو حل المجلس.ومن المنتظر أن يجري التصويت على الطلب في جلسة تعقد في الخامس من يناير (كانون الثاني) المقبل، ويتعين حتى يعتمد أن تقره أغلبية الأعضاء قبل إرساله إلى الأمير.

وفي حال حصول هذا الطلب على أصوات 25 نائبا من أصل 50 نائبا منتخبا، يمكن أن يؤدي إلى عزل رئيس الوزراء. وبحسب الدستور الكويتي، ترفع مذكرة عدم التعاون مع رئيس الوزراء إلى أمير البلاد الذي يمكنه؛ إما أن يعزل رئيس الوزراء ويعين رئيس وزراء جديدا، أو أن يحل البرلمان ويدعو إلى انتخابات مبكرة.

والنواب العشرة الذين تقدموا بطلب عدم التعاون هم: حسين مزي، أحمد السعدو، د. وليد الطبطبائي، شعيب المويزري، سالم نملان، فلاح الصواغ، مبارك الوعلان، علي الدقباسي، عبد الرحمن العنجري، وفيصل المسلم.

ويأتي هذا التصعيد من قبل نواب المعارضة الكويتية، بعد الاستجواب المغلق الذي جرى أمس لرئيس الوزراء الشيخ ناصر محمد الأحمد الصباح الذي تتهمه المعارضة بخرق الدستور وبالتضييق على الحريات.

وقال الشيخ ناصر ردا على سؤال رئيس مجلس الأمة ناصر الخرافي في بداية الجلسة (قبل أن تتحول سرية): «أنا مستعد للاستجواب وأريد أن يحصل النقاش الآن». إلا أن الحكومة سرعان ما طلبت أن تتحول جلسة الاستجواب إلى جلسة مغلقة، ووافق البرلمان بغالبيته على الطلب.

وكانت الحكومة قد تقدمت على لسان وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء روضان الروضان بطلب لتحويل الجلسة إلى سرية وفقا للمادة 69 من اللائحة الداخلية، مما دعا رئيس المجلس جاسم الخرافي إلى الطلب من الجمهور إخلاء «قاعة عبد الله السالم». من جانبه، أبدى رئيس الوزراء استعداده لمناقشة الاستجواب المقدم إليه. وتنص المادة المذكورة على أن «جلسات مجلس الأمة علنية ويجوز عقدها سرية بناء على طلب الحكومة أو رئيس المجلس أو عشرة أعضاء على الأقل، وتكون مناقشة الطلب في جلسة سرية». يذكر أن النواب مسلم البراك وجمعان الحربش وصالح الملا تقدموا في الـ13 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي بطلب لاستجواب رئيس مجلس الوزراء يتضمن محورا واحدا يختص بـ«انتهاك أحكام الدستور والتعدي على الحريات العامة». وصوت 36 عضوا في البرلمان، بينهم 15 وزيرا غير منتخبين يشغلون مقاعد في مجلس الأمة، لصالح الانتقال إلى جلسة مغلقة، في حين رفض هذا الطلب 27 نائبا، حسب ما أفاد النائب المعارض مسلم البراك للصحافيين.

وتقدم بالاستجواب النواب المعارضون مسلم البراك وجمعان الحربش وصالح الملا، الذين يمثلون الكتل المعارضة الرئيسية، أي الكتل الليبرالية والإسلامية والوطنية، وهم يحظون بدعم 17 نائبا آخرين على الأقل.

وأتى الاستجواب بعد أن قامت القوى الأمنية الكويتية في الثامن من الشهر الحالي، بتفريق تجمع عام مستخدمة العصي لضرب المشاركين، مما أسفر عن إصابة أربعة نواب بجروح إضافة إلى نحو 12 مواطنا.

وحملت المعارضة رئيس الوزراء مسؤولية ما جرى، في حين دافع أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح عنه.

وأسفرت هذه الأحداث عن ارتفاع منسوب التوتر السياسي في البلاد التي تحظى بأعرق تجربة ديمقراطية في الخليج وهزتها سلسلة من الأزمات السياسية في السنوات الأخيرة.

ويتهم النواب المعارضون الحكومة بالسعي إلى تعديل الدستور من أجل التضييق على الحريات العامة، الأمر الذي تنفيه السلطات. وعقدت الجلسة وسط إجراءات أمنية مشددة؛ إذ انتشر المئات من رجال الشرطة ومن أعضاء القوات الخاصة على الطرقات المؤدية إلى مبنى البرلمان في مدينة الكويت.

واحتج نواب المعارضة بشدة على التدابير الأمنية التي قالوا إنها تشكل خرقا للدستور الكويتي الذي يحظر اقتراب القوى المسلحة من البرلمان من دون إذن رئيسه.

وتجمع نحو مائتي شخص خارج البرلمان دعما للمعارضة، في حين تم السماح لنحو 500 شخص بالدخول إلى قاعة البرلمان ثم طلب منهم الخروج بعد ذلك مع تحول الجلسة إلى جلسة مغلقة.

وحمل مناصرو المعارضة لافتات مع شعارات مؤيدة للاستجواب وداعية إلى نقاش مفتوح. ومنعت الشرطة مناصرو المعارضة من التجمع في ساحة أمام البرلمان، مما اضطرهم إلى التجمع خلف المبنى.

وهي المرة الثانية التي يتم فيها استجواب رئيس الوزراء! وهو ابن أخ أمير البلاد. ففي ديسمبر (كانون الأول) الماضي استجوب حول اتهامات بالفساد، إلا أن مذكرة بعدم التعاون فشلت حينها في الحصول على الأصوات اللازمة. وكانت الكويت شهدت أزمات سياسية متتالية في السنوات الخمس الماضية، مما أسفر عن حل البرلمان ثلاث مرات من قبل الأمير، واستقالة الحكومة خمس مرات.