الانتخابات وتأخر تشكيل الحكومة وأخيرا مبادرة بارزاني أبرز أحداث العام في العراق

المبادرة السعودية لجمع الفرقاء في الرياض استأثرت باهتمام كبير

مسعود بارزاني (رويترز)
TT

كانت الساحة العراقية حبلى بالأحداث في عام 2010، لكن الانتخابات التشريعية التي جرت في شهر مارس (آذار) هي التي استأثرت بأهمية كبيرة سياسيا لما ولدتها من تداعيات أخرت تشكيل الحكومة كان أهمها الجدل الكبير الذي أحدثه تفسير المحكمة الاتحادية لـ«الكتلة الأكبر» التي لها حق تشكيل الحكومة، والذي جاء لصالح الكتلة التي تشكل بعد الانتخابات، وهي كتلة التحالف الوطني، التي تضم ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي والائتلاف الوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم، على الرغم من فوز القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي بالانتخابات.

وكانت القائمة العراقية فازت في الانتخابات النيابية بـ 91 مقعدا برلمانيا، وحل ائتلاف دولة القانون ثانيا بـ 89 مقعدا، يليه الائتلاف الوطني العراقي الذي حصل على 70 مقعدا برلمانيا.

واشتدت الأزمة بعد تفسير المحكمة الاتحادية للمادة 76 من الدستور لتسمية الكتلة التي لها حق تشكيل الحكومة، وقالت إنها الكتلة التي تشكل بعد الانتخابات، دون أية إشارة إلى الكتلة الفائزة في الانتخابات، أي القائمة العراقية. وتنص المادة 73 من الدستور على أن يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية.

وكانت رئاسة الوزراء طلبت تفسيرا من المحكمة الاتحادية العليا للنص الدستوري المتعلق بـ «الكتلة النيابية الأكثر عددا» التي ستشكل الحكومة، وردت المحكمة بالقول إن تعبير (الكتلة النيابية الأكثر عددا) يعني إما الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة دخلت الانتخابات باسم ورقم معينين وحازت على العدد الأكثر من المقاعد، أو الكتلة التي تجمعت من قائمتين أو أكثر من القوائم الانتخابية التي دخلت الانتخابات بأسماء وأرقام مختلفة ثم تكتلت في كتلة واحدة ذات كيان واحد في مجلس النواب، أيهما أكثر عددا، فيتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشح الكتلة النيابية التي أصبحت مقاعدها النيابية في الجلسة الأولى لمجلس النواب أكثر عددا من الكتلة أو الكتل الأخرى بتشكيل مجلس الوزراء استنادا إلى أحكام المادة (76) من الدستور.

ولاقى هذا التفسير ترحيب ائتلافي دولة القانون والوطني العراقي ودفعهما إلى إعلان تحالفها لتشكيل الكتلة الأكبر بعد ضم مقاعدهما لتصل إلى 159 مقعدا برلمانيا ورشحا المالكي لتشكيل الحكومة. لكن هذا التفسير لاقى استياء القائمة العراقية التي عدته التفافا على الدستور وتسييسا للقضاء، ومحاولة لسلب حقها في تشكيل الحكومة.

ومما زاد من حدة التصعيد إعلان هيئة المساءلة والعدالة اجتثاث 52 مرشحا فاز بعضهم بالانتخابات وشطب أصواتهم، وإعادة عملية العد والفرز في بغداد على أثر طلب من ائتلاف دولة القانون. وجاء قرار الهيئة بدعوى أن المشمولين يروجون لفكر حزب البعث المحظور.

كل ذلك أدى إلى أن يتم تأجيل الإعلان عن تكليف الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة وسط استياء من قبل القائمة العراقية بأن حقها قد تم سلبه باعتبارها الفائزة الأولى في الانتخابات، الأمر الذي أدى إلى اشتعال حدة التصريحات بين الأطراف التي فازت في الانتخابات. وبين مد وجزر في العلاقات التي شابها الجليد بين تلك الأطراف جرت لقاءات وصفت بأنها لإذابة الجليد بين زعماء القوائم وعلى رأسهم المالكي وعلاوي ولكن تلك اللقاءات لم تتعد كونها لقاءات بروتوكولية وإن كان البعض قد وصفها بأنها أعدت مرحلة للتفاهم بين الأطراف.

وفي نهاية المطاف أطلق مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، مبادرة لجمع الأطراف حول الطاولة المستديرة في أربيل التي سبقه إليها عمار الحكيم زعيم المجلس الأعلى الإسلامي.

وفي غضون ذلك جاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى دعوة لجمع الأطراف السياسية العراقية إلى الاجتماع في الرياض بعد انتهاء موسم الحج. ولاقت المبادرة ترحيبا عربيا وعراقيا، لكن السعودية قررت إفساح المجال لمبادرة بارزاني الذي كان بين المرحبين بمبادرتها، معتبرا أنها يمكن أن تكون أساسا للمصالحة الوطنية.

وتسارعت خطى مبادرة بارزاني وعقد رؤساء الكتل اجتماعا في أربيل أولا ثم انتقلت المحادثات إلى بغداد وأثمر أول التفاهمات بين الفرقاء بعد أكثر من ثمانية أشهر من الخلاف حول من سيشكل الحكومة. وانعقد مجلس النواب العراقي قبل عيد الأضحى واختار أسامة النجيفي زعيم كتلة «عراقيون» المنضوية في ائتلاف العراقية رئيسا له ليعيد بعد ذلك انتخاب جلال طالباني، مرشح التحالف الكردستاني، رئيسا للجمهورية، وكلف طالباني، بدوره، المالكي بتشكيل الحكومة بعد أن تنازلت القائمة العراقية عن حقها الانتخابي لقاء وعود واتفاقيات وقعت ضمن مبادرة بارزاني بتشكيل المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية وإسناد رئاسته إلى علاوي ليتولى الإشراف على سياسة البلاد الاقتصادية والأمنية واتخاذ القرارات المصيرية بعد موافقة أعضائه على تلك القرارات بنسبة 80 في المائة.

ثم جاء الجدل الآخر الذي كان متوقعا أن يستمر حول صلاحيات هذا المجلس وإقرار قانونه وسط خلاف بين القائمة العراقية، التي تريده مجلسا ذا صلاحيات تنفيذية، ومعسكر المالكي الذي لا يراه أكثر من مجرد هيئة استشارية.