خبير عسكري لـ«الشرق الأوسط»: «القاعدة» موجودة في الخليج.. لكنها غير فعالة

الإمارات تحاكم شقيقين باكستانيين بتهمة الارتباط بالتنظيم

TT

قد يبدو الحديث عن تنظيم جهادي في دولة الإمارات أمرا يستحق الوقوف مطولا أمامه، لما يتمتع به هذا البلد من استقرار أمني، وغياب للتنظيمات الدينية التي تتواءم مع فكر تنظيم القاعدة، على الرغم من الاعتراف الرسمي بوجود هذا التنظيم في الإمارات، لكن ما نشرته تقارير محلية في الإمارات أمس حول محاكمة شقيقين باكستانيين بتهمة إدارة تنظيم جهادي في الإمارات، والارتباط بتنظيم القاعدة، يعيد للأذهان دور هذا التنظيم ومدى فعاليته في دول الخليج المستقرة.

تقول التقارير: إن شقيقين باكستانيين تتم محاكمتهما في الإمارات بتهمة الارتباط بتنظيم القاعدة، وبتهمة إدارة تنظيم جهادي في الإمارات، وبإقامة اتصالات مباشرة مع مسؤول بارز في «القاعدة»، تم اعتقالهما في إمارة رأس الخيمة بمساعدة معلومات قدمتها السلطات الباكستانية.

ووجهت محكمة أمن الدولة الإماراتية إلى المتهمين تهمة «إدارة تنظيم جهادي وتقديم الدعم لـ(القاعدة)»، فضلا عن جمع أموال وتجنيد أشخاص لحساب «القاعدة»، وقد اعترفا أمام التحقيق بذلك وفقا للتقارير الصحافية، إلا أن الشقيقين قالا أمام المحكمة الاثنين إن اعترافاتهما «انتُزعت منهما تحت الضغط».

ويرى رياض قهوجي، المحلل السياسي ومدير مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري: لا غرابة من وجود تنظيم القاعدة في الإمارات؛ لأن التنظيم عبارة عن فكر ينتقل بسهولة، يكفي أن يكون هناك من يعتنقه وينسق مع قياداته الميدانية؛ لذلك هناك وجود لـ«القاعدة» في كل مكان، فتنظيم القاعدة موجود في الخليج والقوى الأمنية في حالة تأهب وترقب لاستدراك حدوث أي عمليات ومنع أي خلايا من تشكيل نفسها. وبحسب التقارير، فقد أرسل الشقيق الأكبر إلى ناشطين إسلاميين في وزيرستان على الحدود مع أفغانستان جهازي كومبيوتر محمولين ومعدات أخرى، كما عثر المحققون في كومبيوتر الشقيق الأكبر على رسالة بلغة الأوردو مرسلة إلى الرجل الثالث سابقا في القاعدة مصطفى أبو اليزيد (سعيد المحاسب) الذي قتل في مايو (أيار).

ونفى الشقيق الأكبر التهم الموجهة إليه وقال إنه كل ما قام به كان «عن حسن نية»، وقال إنه أرسل المعدات إلى ابني شقيقه اللذين يعملان مع تنظيم إغاثي إسلامي، ويعمل أحد الشقيقين مديرا للمشاريع، بينما يعمل الآخر مديرا للتسويق. وقلما يرتبط ذكر «القاعدة» مع دولة الإمارات؛ ففي ديسمبر (كانون الأول) 2002، أكدت السلطات الإماراتية أنباء القبض على رجل يشتبه بأنه من قياديي تنظيم القاعدة، وتم تسليمه للسلطات الأميركية، بينما كان المشتبه به هو عبد الرحمن النشيري، الذي يعتقد أنه خطط عملية تفجير المدمرة الأميركية «يو إس إس كول» في خليج عدن عام 2000، التي أودت بحياة 17 بحارا أميركيا، وتفجير السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998. وعبد الرحيم النشيري، هو مواطن سعودي من أصل يمني يبلغ من العمر 36 عاما، اعتقل أثناء إعداده لتفجير منشآت اقتصادية حيوية في الإمارات، بينما يوصف بأنه من أخطر المدرجين على قائمة أميركية تضم 20 من قياديي تنظيم القاعدة.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي تبنت القاعدة في شبه جزيرة العرب إرسال الطرود الملغومة التي عُثر عليها في بريطانيا ودبي، وتفجير طائرة شحن في سبتمبر (أيلول) الماضي في دبي، وهو ما نقله موقع أميركي متخصص في مراقبة المواقع الإسلامية، لكن القائد العام لشرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان تميم، شكك في أن يكون تنظيم القاعدة هو مصدر هذا البيان في حينها.

وتحطمت طائرة شحن تابعة لشركة «يو بي إس» مطلع سبتمبر الماضي في قاعدة عسكرية إماراتية قرب مطار دبي وقتل طاقمها المكون من فردين. وعلى الرغم من إجماع المراقبين على وجود تنظيم القاعدة في دول الخليج، فإن الخبير العسكري رياض قهوجي يرى أن تنظيم القاعدة موجود في الخليج، لكنه غير فعال، ويرد ذلك إلى عدة أسباب أولها نجاح الأجهزة الأمنية في تفكيك أي خلية تابعة، إضافة إلى رصد حركة الأفراد والجاليات والرقابة الشديدة على الحدود، إضافة إلى التنسيق مع أجهزة أمن إقليمية ودولية، ناهيك عن عدم وجود بيئة حاضنة لفكر التنظيم بشكل واسع في الإمارات.

وفي عام 2009 تحدثت تقارير أميركية عن نجاح سلطات دولة الإمارات في إجهاض مؤامرة إرهابية كانت تستهدف، بحسب تقرير في صحيفة «واشنطن تايمز» الأميركية، أهدافا في دبي بتصويرها على أفلام فيديو، ومنها برج دبي، أعلى مبنى في العالم. لكن الفريق ضاحي خلفان تميم، قائد عام شرطة دبي، نفى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» في حينها، مثل هذه المزاعم، معتبرا أن ليس لها أي أساس من الصحة وعارية عن الحقيقة، مؤكدا أن الخبر «مختلق ومفبرك على الإطلاق».