وزير إعلام الجنوب: طلبنا مقعدا في الجامعة العربية.. الخرطوم رفضت والعرب صمتوا

بنجامين لـ«الشرق الأوسط»: الصوماليون حلوا مكان التجار الشماليين.. البشير يزور جوبا قبل 5 أيام من الاستفتاء

سودانيات جنوبيات قدمن من الشمال يصطففن لتلقي المعونات الغذائية في معسكر في ولاية بحر الغزال (رويترز)
TT

رحب وزير الإعلام في حكومة جنوب السودان، الدكتور برنابا مريال بنجامين، بتصريحات الرئيس السوداني عمر البشير الأخيرة التي أعلن فيها أنه سيكون أول المهنئين بدولة الجنوب في حال اختار سكانه الانفصال في الاستفتاء، معتبرا في تصريحات مطولة لـ«الشرق الأوسط» أن أي تصريحات لمسؤولين في حزب المؤتمر الوطني تخالف تصريحات رئيسه البشير «تعد فردية». وقال «البشير هو رئيس السودان الموحد حتى الآن، وتصريحاته تجد منا الترحيب والإشادة لشجاعته»، مشيرا إلى أن مثل هذه التصريحات تخلق أجواء جيدة ليتم إجراء الاستفتاء في مناخ سلمي ومعافاة.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الرئيس البشير سيقوم بزيارة إلى جوبا عاصمة جنوب السودان في الرابع من يناير (كانون الثاني) المقبل، أي قبل 5 أيام من إجراء الاستفتاء على تقرير المصير في الجنوب. وقالت مصادر رفضت الكشف عن هويتها لـ«الشرق الأوسط» إن البشير سيبحث مع المسؤولين في حكومة الجنوب آخر الاستعدادات حول إجراء الاستفتاء والوقوف على قضايا ما بعد الاستحقاق الجنوبي.

وفي تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، شدد بنجامين على إجراء الاستفتاء في موعده المحدد في التاسع من يناير، والذي تبقى عليه أقل من 12 يوما، وقال إن الرئيس البشير ونائبه سلفا كير ميارديت وقادة «المؤتمر الوطني» والحركة الشعبية، إلى جانب المجتمع الإقليمي من الاتحاد الأفريقي ودول جوار السودان والمجتمع الدولي والمنظمات، جميعهم أكدوا على إجراء الاستفتاء في موعده. وأضاف أن اتفاقية السلام تبقى فيها إجراء الاستفتاء في الجنوب وأبيي. وتابع «بمثل الشجاعة التي تحدث بها البشير بقبول نتيجة استفتاء الجنوب نتمنى أن يصل إلى حل لقضية أبيي وفق الاتفاقية الخاصة بالمنطقة وقرار المحكمة الدولية». وقال إن حكومته دفعت ما يخصها من تمويل لعملية الاستفتاء رغم ظروفها، وإن ذلك كان وراء نجاح عملية تسجيل الناخبين بصورة سلمية ونزيهة بشهادة المراقبين الدوليين.

وشدد المتحدث الرسمي لحكومة الجنوب على عدم العودة إلى الحرب مجددا، وقال «سلفا كير ظل يكرر لا للحرب نعم للسلام لأن السودانيين جربوا الحرب وكانت كارثية بموت أكثر من مليوني شخص وتشريد آخرين إلى دول الجوار»، مشيرا إلى أن القضايا التي تواجه الشريكين يمكن حلها عبر الحوار، خاصة قضايا ما بعد الاستفتاء والمتعلقة بتقاسم الثروة، والمياه، والجنسية، والحدود. وقال إن ترسيم الحدود يمكن أن يتم بعد الاستفتاء خاصة أن السودان لديه قضايا حدودية معلقة مع مصر في حلايب وكينيا في مثلث لاما، ومع إثيوبيا في الفشقة. وتابع «حدود السودان عند الاستقلال عام 1956 معروفة، ويمكن للفنيين أن يحددوها». وقال إن الشريكين سيواصلان الحوار بعد إجراء الاستفتاء كدولتين في حال انفصال الجنوب. وأضاف «لا بد أن نتفق في تسديد الديون والجنسية والتعاون بين الشعبين في الشمال والجنوب لأنهما شعب واحد في دولتين».

وناشد الوزير عبر «الشرق الأوسط» التجار الشماليين عدم مغادرة الجنوب في هذه الأيام، بسبب ما وصفه بشائعات أن عنفا يمكن أن يندلع، وقال «سمعنا أن التجار الشماليين غادروا محالهم وقاموا بإعطائها للصوماليين بدلا من إعطائها للجنوبيين، خاصة أن الصومال يشهد حروبا طويلة، ولا نعرف أسباب تصرف هؤلاء التجار»، لكنه أشاد ببعض التجار والمستثمرين الشماليين الذين رفضوا مغادرة الجنوب مهما كانت الأسباب، وقال «هناك التاجر والمستثمر المعروف أمين عكاشة وآخرون رفضوا المغادرة»، مشيرا إلى التزام حكومة الجنوب ومن ورائها الحركة الشعبية بحماية الشماليين في الجنوب وعدم المساس بهم.

وأضاف «لدينا شرطة تم تأهيلها على أسس عالية في التدريب من قبل الأمم المتحدة وهذه الشرطة ستحفظ الأمن وتحمي الشعب»، وقال «أنا كناطق رسمي باسم الحكومة ونيابة عنها أناشد التجار أن يظلوا في الجنوب ومكاتب الحكومة مفتوحة لهم».

وقال بنجامين إن رؤية الوحدة الوطنية مسألة طويلة لا تتم خلال أربع وعشرين ساعة، وإن الدول العربية فشلت في تحقيق الوحدة بينها وكذلك الوحدة الأفريقية، وقال «مصر وسورية توحدتا ثم انفصلتا، وألمانيا كانت دولتين لكنهما توحدت». ونفى بنجامين بشدة أن حكومته تنكل بالأصوات المنادية للتصويت للوحدة. وقال «ليس لدينا شيء تحت الطاولة، ومن حق أي شخص التعبير عن رأيه سواء للوحدة أو الانفصال، خاصة أن الخيارين نصت عليهما اتفاقية السلام». وأضاف أن الجنوب فيه بيئة حرة ومحترمة، وأن أصوات الانفصال اتسعت بسبب فشل «المؤتمر الوطني» في جعل الوحدة خيارا جاذبا خلال الفترة الانتقالية. وألقى باللوم أيضا على الدول العربية وقال إنها لم تقم بتقديم التنمية، عدا مصر التي قدمت مائتي مليون دولار، وفتحت فرعا لجامعة الإسكندرية في الجنوب، إلى جانب تقديم منح طلابية. وأضاف «الدول العربية الأخرى لم تقدم شيئا، وعليها أن تلوم نفسها»، وقال إن زعيم الحركة الشعبية الراحل الدكتور جون قرنق سبق أن طلب مقعدا للجنوب خلال الفترة الانتقالية في جامعة الدول العربية، لكن الخرطوم رفضت ذلك، والجامعة صمتت.

وقال إن جنوب السودان بعد الاستفتاء سيمتن علاقاته مع الدول العربية، وإن لديه مكاتب في مصر ويعمل على فتح أخرى في الأردن وأبوظبي. وأضاف «لسنا أعداء للعرب أو للإسلام بأي حال»، معتبرا أن الحديث عن أن حكومة الجنوب ستفتح سفارة إسرائيلية في جوبا أنها إشاعات مغرضة وحرب دعائية رخيصة. وقال إن الهدف من ذلك تخويف الدول العربية من إقامة علاقات واستثمارات في الجنوب إلى جانب نسف الاستفتاء. وتابع «هذه لعبة سياسية غبية رغم أن هؤلاء يعلمون أن مصر والأردن والمغرب ودولا عربية أخرى لديها علاقة مع إسرائيل، فلماذا يتحدثون عن الجنوب وهو لم يقم بأي علاقة؟.. إنها مجرد دعاية رخيصة».