60 دعوى قضائية تلاحق الإعلام غير الحزبي في كردستان العراق

معظمها ضد صحيفتي «آوينة» و«هاولاتي» المستقلتين.. ومجلة «لفين»

TT

يتضاعف عدد الدعاوى القضائية التي يرفعها الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني ضد الإعلام المستقل في الإقليم، مما سيجعل الصحافيين يمثلون أمام المحاكم يوميا تقريبا.

وأكد رؤساء تحرير صحف مستقلة أن عدد الدعاوى ناهز الستين، وأن معظمها ضد صحيفتي «آوينة» (المرآة) و«هاولاتي» (المواطن) المستقلتين، ومجلة «لفين».

من جهته، قال آسوس هردي، مدير شركة «آوينة» الإعلامية في السليمانية (330 كلم شمال بغداد) لوكالة الصحافة الفرنسية أن «هناك دعاوى كثيرة ضد الصحافة الحرة في كردستان رفعها أفراد ومؤسسات حكومية وأحزاب سياسية»، وأضاف هردي، الحاصل على «جائزة جبران تويني» من الاتحاد العالمي للصحف العام الماضي، أن «غالبية الدعاوى لا تستند إلى قانون الصحافة الصادر من برلمان كردستان، الذي صدق عليه رئيس الإقليم مسعود بارزاني عام 2007».

واتهم هردي الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني برفع «عشرات الدعاوى ضد الصحف والمجلات المستقلة، مما يدل على وجود حملة سياسية منظمة ضد حرية الصحافة، وليس شكوى حول موضوع معين أو خبر محدد». ورأى هردي أن الهدف «من الحملة شغل الصحافيين بهذه القضايا وببيروقراطية المحاكم»، قبل أن يضيف: «هناك أكثر من عشرين دعوى ضد جريدتنا (آوينة)».

وجزء كبير من الدعاوى مرده مقالات أو تقارير تتناول بشكل من الأشكال رئيس إقليم كردستان شخصيا أو أحد أفراد عائلته، وفقا لهردي.

وقال هردي: «أعتقد أن الرسالة الكامنة وراء الدعاوى هي: (لن نقبل التطرق إلى شخص رئيس الإقليم أو أحد أفراد عائلته)، وهذه بالتأكيد الخطوة الأولى نحو تقديس الرئيس وترسيخ قواعد الدكتاتورية في إقليم كردستان».

بدوره، أوضح رئيس تحرير مجلة «لفين» المستقلة، أحمد ميرة، أن «هناك أكثر من 27 دعوى قضائية ضدنا من مختلف الجهات، بينها ست رفعها الحزب الديمقراطي الكردستاني وهي سياسية»، وأضاف أن «بارزاني تقدم بدعوى ضدنا، كما رفع المدعي العام دعوى مماثلة بسبب نشر مجلتنا تقريرا حول الراتب الشهري لرئيس الإقليم».

وأوضح أن حزب بارزاني «رفع دعوى قضائية (ثانية) ضدنا قبل شهرين يطالبنا بتعويضات مادية قيمتها مليار دينار (847 ألف دولار)»، وأكد لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «هذه الدعاوى أدت إلى تشجيع مؤسسات تابعة وقريبة من هذا الحزب على رفع دعاوى إضافية ضدنا».

ويرى ميرة أن «هدف الحزب الديمقراطي واضح، هو النيل من مساحة الحرية الموجودة في الإقليم، و(في النهاية إسكاتنا عن قول الحقيقة)». وأبدى ميرة تذمره من «الذهاب إلى المحاكم وإضاعة الوقت بشكل شبه يومي»، معتبرا أنه «هدف آخر لأحزاب السلطة لتمنعنا من مزاولة عملنا».

وقدم الحزب الديمقراطي الكردستاني حتى يوليو (تموز) الماضي دعاوى قضائية ضد صحف «هاولاتي» و«آوينة» و«روزنامة»، ومجلات «لفين» و«ريكا» و«فشار» و«خيزان»، مطالبا بتعويضات مالية ضخمة.

وأكبر دعوى تطالب بتعويضات مادية في تاريخ الصحافة العراقية والكردستانية هي تلك المرفوعة ضد صحيفة «روزنامة» الصادرة عن شركة تابعة لحركة «التغيير» المعارضة، حيث يبلغ حجم المطالبة مليار دولار.

من جهته، انتقد رحمن غريب، مدير مركز «ميترو» للدفاع عن حقوق الصحافيين اللجوء إلى مواد غير واردة في قانون العمل الصحافي. وقال غريب لوكالة الصحافة الفرنسية إن «ذلك يعتبر تجاوزا وتهميشا للقانون».

ويمنع قانون الصحافة رفع دعوى قضائية بعد تسعين يوما من النشر. لكن غريب يؤكد «قبول محاكم الإقليم دعاوى تم رفعها بعد انتهاء المدة»، معتبرا هذه الدعاوى «محاولة للتضييق على حرية الصحافة وتخويف الصحافيين وإرباك عملهم». كما ينص القانون على «فرض غرامة مالية على الصحافي أو رئيس التحرير لا تقل عن مليون دينار ولا تزيد على خمسة ملايين دينار»، مؤكدا «عدم العمل بأي مادة تتعارض مع أحكام هذا القانون». وبدوره، يقول آري هرسين، مسؤول إعلام الهيئة القيادية في الحزب الديمقراطي الكردستاني في السليمانية، إن «سبب لجوء الحزب إلى رفع عدد كبير من الدعاوى ضد الصحافيين هو وسيلة للدفاع عن النفس بأسلوب مدني وحضاري». ويضيف ردا على سؤال حول وضع خطوط حمراء على انتقاد بارزاني: «هذا القول ليس صحيحا. أكد الرئيس بارزاني في المؤتمر الأخير للحزب أنه مع عائلته ليسا خطا أحمر؛ بل الخط الأحمر هو المسائل القومية والأمن الوطني والآداب العامة». أما آزاد جندياني المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني، فقال: «نقرأ يوميا مقالات تسيء إلينا، لكننا نحاول معالجتها عن طريق الإعلام توضيحا وتكذيبا. نحن بصراحة نفضل عدم اللجوء إلى المحاكم»، ويضيف لوكالة الصحافة الفرنسية: «نؤمن بأن معالجة العلاقة المتوترة يجب أن تكون عبر الحوار. نحن مع حرية التعبير. وبموازاة ذلك، نحن مع الالتزام بالمهنية في العمل الصحافي».