تعطيل عمل الحكومة والمؤسسات اللبنانية ينتظر هبوب رياح حل المبادرة السعودية ـ السورية

منيمنة: الفريق الآخر يسوّق تفاهما وهميا ليبرر التصعيد

TT

لم تتبدل بعد صورة المشهد اللبناني العالقة في دوامة المراوحة القاتلة، والتي استسلمت لتقطيع الوقت وتمرير عطلة رأس السنة بقدر من الهدوء، في انتظار رياح الحلول المتوقع أن تهب على لبنان من الخارج. لكن إلى حين بلورة صيغة الاتفاق السعودي - السوري، يبدو أن تعطيل المؤسسات على حاله، وتحديدا جلسات الحكومة، بسبب إصرار فريق 8 آذار على البت في ما يسمى بملف «شهود الزور» في أول جلسة لمجلس الوزراء، وإحالته إلى المجلس العدلي، ورفض قوى 14 آذار لهذا الشرط في المطلق.

وفي هذا المجال، أبدى وزير التربية والتعليم العالي حسن منيمنة (من فريق رئيس الحكومة سعد الحريري الوزاري)، استغرابه «مما يسوّق نقلا عما يسمى مصادر سورية أو مصادر خاصة، حول اتفاق أنجزته المبادرة السعودية - السورية، يفضي إلى إلغاء المحكمة الدولية ووقف تمويلها وسحب القضاة اللبنانيين»، ورأى في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا الكلام لم يصدر عن جهات رسمية، وبالتالي هو يحاول أن يصور للرأي العام كأن الاتفاق أنجز بهذه الشروط، التي لا تقبلها قوى 14 آذار، ليقولوا (8 آذار) في ما بعد إن الفريق الآخر هو الذي عطل الاتفاق، وليبرروا تعطيلهم له والذهاب إلى خطوات تصعيدية أخرى، لكن في حقيقة الأمر الجميع يعرف أن هذا التصور ليس اتفاقا، بل هو تمنيات الطرف الآخر».

وقال منيمنة «إن موقفنا واضح لجهة إيجاد تسوية لا تمس بالمحكمة الدولية، وتعمل على درء تداعيات القرار الاتهامي، والبحث في إلغاء اتفاق الدوحة الذي لم يلتزم الطرف الآخر بمضمونه، إن لجهة عدم استعمال السلاح في الداخل، أو لجهة تعطيل الحكومة عبر الثلث المعطل، لأن التوازنات التي طالب بها أدت إلى شل البلد». ورأى أن «ما تضمنه كلام المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي، وما نسب إلى المصادر السورية، ما هو إلا وسائل ضغط لاستعمال لبنان ومقايضته في الملف النووي الإيراني». ورفض وزير التربية «منطق تعطيل الحكومة وشل مجلس الوزراء»، داعيا إلى فصل شؤون الناس والإدارات عن الخلافات السياسية، وهذا برسم الفريق الآخر الذي يفرض شروطه ويقول إما تنفذوا ما أريد وإما أُعطل البلد كله». ورأى أنه «رغم الأجواء الإيجابية في ما يخص المسعى السعودي - السوري، فإن كل الاحتمالات تبقى واردة لجهة نجاحه أو فشله».

بدورها، أكدت وزيرة الدولة منى عفيش لـ«الشرق الأوسط»، أن «رئيس الجمهورية ميشال سليمان سيبقى في موقعه التوافقي، ولن يتوانى عن القيام بدوره في رعاية شؤون البلاد وأولويات الناس التي أخذها على عاتقه، سواء في خطاب القسم أو في البيان الوزاري للحكومة»، وأعربت عن أسفها لـ«ربط كل الملفات بملف شهود الزور»، وقالت «برأيي أي بند من بنود مجلس الوزراء هو بأهمية ملف شهود الزور، لأن مصير المواطنين لا يجوز أن يبقى رهن ملف معين»، وأشارت إلى أن الرئيس سليمان «يتصرف انطلاقا من المعطيات المتوافرة لديه من خلال اتصالاته الخارجية التي لا يعرفها كثيرون». وإذ أشارت إلى أنه «لا معطيات عن موعد محدد للدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء»، شددت على «ضرورة أن يلاقي اللبنانيون مساعي الدول العربية والدول المحبة للبنان، وأن يتلاقوا لحل خلافاتهم بذاتهم تحت المظلّة العربية»، وتمنت أن «يكون الرئيس الحريري عاد من الخارج ومعه عيدية إلى اللبنانيين».

كذلك، توقع وزير المهجرين أكرم شهيب «عقد جلسة لمجلس الوزراء مطلع السنة الجديدة»، وأمل أن «يعم الاستقرار مطلع العام المقبل، وأن تعود الحياة السياسية إلى مؤسساتها بشكل منتظم»، لافتا إلى أن «الجميع يسعى للاستقرار، ولن يسمح بدورة عنف جديدة».

وأعلن وزير الشباب والرياضة علي العبد الله، أن صلاحيات رئيس الجمهورية وكل الصلاحيات محددة في الدستور، وأن موقف كتلته واضح، وأنه «في حال تعذر التوافق هناك التصويت»، منوها بـ«موقف رئيس الجمهورية باعتباره وجها من أوجه الديمقراطية»، ومشيرا إلى أن «التصويت أيضا ديمقراطي». وردا على سؤال عن التواصل بين الرئيسين ميشال سليمان ونبيه بري قال عبد الله «إن أمور المواطنين تحتم على الجميع التواصل، والتواصل موجود».

وأثنى البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير على مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الأخيرة، واعتبر أنها «في صلب دوره التوافقي الذي ينأى عن مصلحة أي فريق، بل يأخذ البلد إلى حيث تكون مصلحة البلاد والعباد»، مبديا تفاؤله بـ«تغلب القيادات اللبنانية على التحديات التي نواجهها إذا عرفوا كيف يتّقون الانسياق وراء أوهام الاستعانة بالخارج لحل مشكلاتهم الداخلية». وقال «إن لبنان يعيش بعض المشكلات السياسية، ورغم ذلك فإنه الأكثر استقرارا من باقي بلدان المنطقة».

من جهته، سأل عضو تكتل التغيير والإصلاح، فريد الخازن «إذا كانت لدى الرئيس ميشال سليمان معطيات تحول دون إحالة ملف شهود الزور إلى المجلس العدلي، فلماذا تم إدراج هذا الملف على جدول أعمال مجلس الوزراء؟». وقال «نحن، عندما نتحدث عن التصويت في مجلس الوزراء حول هذا الملف، فلأنه ليس هناك من توافق بشأنه، ونحن نرضى بالنتيجة»، محذرا من أن «قرار عدم التصويت على ملف (شهود الزور) في مجلس الوزراء ستترتب عليه نتائج يتحمل مسؤوليتها الرئيس سليمان».

في المقابل، رأى عضو تكتل «لبنان أولا» النائب عماد الحوت، ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان «استطاع أن يتفادى انقساما من خلال معالجته لملف شهود الزور بالحكومة، وهذا أزعج بعض قوى المعارضة». ولفت إلى أن «تجميد عمل الحكومة حتى البت في ملف شهود الزور هو أخذ للمواطن رهينة، ويجب على كل القوى أن تعود إلى البيان الوزاري»، مشيرا إلى أنه «ينبغي أن يكون هناك جدول أعمال جديد للحكومة قد يكون ملف شهود الزور أحد بنوده ولكن لا يكون أول بند»، مشيرا إلى أن رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون «درج على مهاجمة الجميع، ولن نفاجأ بأن يهاجم نفسه في يوم من الأيام»، معتبرا أن «هذا المنهج في التعاطي لا يمكن أن يبني وطنا».