الجزائر: تواصل الاحتجاجات رغم إنفاق الدولة 10 مليارات دولار في بناء 1.5 مليون سكن

يتم التعبير عنها في أحيان كثيرة بطرق عنيفة

TT

أنفقت الحكومة الجزائرية أكثر من 10 مليارات دولار على برامج الإسكان منذ عام 1999 تاريخ وصول عبد العزيز بوتفليقة إلى رئاسة الجمهورية، ومع ذلك لا تزال الأزمة قائمة واحتجاج طالبي السكن متواصلا، ويتم التعبير عنه في أحيان كثيرة بطرق عنيفة.

وعاشت أحياء الضاحية الجنوبية للعاصمة الجزائرية خلال الأسبوع الجاري غليانا كبيرا بسبب احتجاج الآلاف من سكان الأحياء الشعبية على شقق ضيقة منحتها لهم الدولة في إطار «السكن الاجتماعي»، الذي تقترحه الحكومة على سكان أحياء الصفيح، وما يعرف بـ«أصحاب السكن الهش». ووجدت قوات مكافحة الشغب صعوبات كبيرة في احتواء غضب رافضي الشقق، الذين عبروا عن استيائهم من عدم أخذ تزايد عدد أفراد الأسر المعنية بالترحيل بعين الاعتبار منذ الإحصاء الذي أجرته السلطات عام 2007 لتحديد عدد المؤهلين للسكن الاجتماعي.

وحاول رجال الأمن استعمال القوة مع العشرات من الأشخاص، رفضوا مغادرة «حي الحوضين» بأعالي العاصمة إلى مساكن جديدة بحي الدرارية (على بعد 5 كيلومترات)، بدعوى أن الشقة التي تقترحها محافظة العاصمة لا يمكن أن تأوي عائلة تتكون من 7 أفراد. ورفض آخرون يقيمون بحي مبني بالصفيح يقع بالقرب من إقامة كبار مسؤولي الدولة غرب العاصمة (نادي الصنوبر) تسلم مفاتيح شقق حي الدرارية لذات السبب. وحاولوا الخروج إلى الطريق السريع للتعبير عن استيائهم، فاصطدموا بحزام أمني مشدد منعهم من استعراض غضبهم.

أما في حي براقي الشعبي بالضاحية الجنوبية للعاصمة، فقد شهد خلال الأسبوع احتجاجا مشابها لكن لدواع مختلفة. إذ خرج المئات إلى الشارع تعبيرا عن تذمرهم مما سموه «إقصاء» من قوائم مستفيدين من السكن الاجتماعي. وأفاد مسؤول بوزارة السكن، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» بأن الكثير ممن يعتبرون أنفسهم أهلا للحصول على مساكن جديدة ولائقة نزحوا من مناطق سيطر عليها الإرهاب في عقد التسعينات من القرن الماضي إلى ضواحي العاصمة، حيث أقاموا بيوتا من الصفيح. وتضاعف عدد هذه البيوت، حسب نفس المسؤول، وأصبحت أحياء كبيرة من الصفيح تأوي آلاف الأشخاص.

وتقول السلطات إن هذه الأحياء «فرخت» انتحاريين فجروا أنفسهم في عمليات إرهابية وقعت عامي 2007 و2008، أحدها استهدف قصر الحكومة. ومنفذ الهجوم شاب كان يقيم برفقة أسرته بمكان معزول بحي باش جراح الشهير.

وسأل صحافيون وزير السكن والعمران، نور الدين موسى، حول اتساع رقعة الاحتجاج بخصوص السكن إلى مناطق كثيرة خارج العاصمة، فقال إنه «يستغرب ذلك في وقت أعلنت فيه الحكومة عن مشروع جديد لبناء مليون و200 ألف سكن قبل نهاية 2014». ويصادف هذا التاريخ نهاية ولاية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الثالثة (2009 - 2014).

ولنجاح مشروع بناء هذا العدد الكبير من المساكن، يتطلب بناء 240 ألف وحدة سكنية كل سنة، حسب موسى، الذي كشف عن وجود 450 ألف كوخ. وقال إن قائمة طالبي السكن المقيمين في «الأحياء العشوائية» تم ضبطها في 2007 ولا يمكن إضافة طلبات جديدة. وانتقد وزير السكن «أشخاصا حصلوا على مساكن جديدة وعادوا للإقامة داخل أحياء الصفيح للاستفادة من مساكن أخرى». وتعهد بهدم كل الأحياء العشوائية مباشرة بعد إسكان المقيمين فيها بأحياء سكنية جديدة.

وتفيد إحصائيات الحكومة بأن الدولة أنفقت أكثر من 10 مليارات دولار على مشاريع السكن منذ 1999. وتم بناء 1.5 مليون سكن خلال السنوات العشر الماضية، ومع ذلك لا تزال الأزمة مطروحة وحجم الطلب على السكن (مليونان) لا يزال يراوح مكانه. وخصصت الدولة اعتمادات ضخمة للسكن ضمن «البرنامج الخماسي للاستثمار العمومي» (2009 - 2014). وأنفقت المليارات في «البرنامج التكميلي لدعم النمو» (1999 – 2003)، وكذلك في «مخطط دعم الإنعاش الاقتصادي» (2005 - 2009).