شرطة جوبا تجلد فتيات وتمزق ثيابهن بعد توقيفهن.. وتقول: كن مخمورات

مسؤول جنوبي: تقليعات الأزياء الغربية ليست من ثقافة جيلنا.. ولا ندري هل الجيل المقبل سيكون بملابس أم من دونها

جنوبيتان من بلدة أويل بجنوب السودان (رويترز)
TT

كان خبر جلد فتيات جنوبيات وتمزيق جزء من ملابسهن بواسطة أفراد من الشرطة في جوبا قد بات حديث المدينة، رغم أن الجنوب يطبق الدستور العلماني، مما دفع البعض للاعتقاد بأن المسألة فيها استفزاز قبيل إجراء الاستفتاء على تقرير المصير الذي تبقى له 10 أيام، تحسبها ساعة إلكترونية موضوعة في قلب المدينة بالدقائق والثواني. وتناقلت الأوساط الجنوبية خبر جلد فتيات جنوبيات من قبل أفراد من الشرطة. وقال صحافي يعمل في إحدى الإذاعات المحلية لـ«الشرق الأوسط» إن أفرادا من الشرطة استوقفوا فتيات تتراوح أعمارهن بين الـ16 والـ18 وقاموا بتمزيق جزء من ملابسهن، ومن ثم جلدهن بخراطيم مياه. وكان تبرير أفراد الشرطة رغم إنكارهم تمزيق ملابس الفتيات أن «الفتيات كن مخمورات»، هذا الحدث أثار الاستياء وسط المواطنين. وقال أحد الموظفين إن جلد «الفتيات في الجنوب (وصمة عار.. لا تغتفر)»، مذكرا بجلد فتاة في الشمال أثار ضجة عالمية.

الحكومة تعاملت مع الحدث بسرعة على لسان وزير الداخلية الجنرال غيير شوانق، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن الحريات العامة مكفولة للجميع، وأقر بأن ما حدث خطأ يستوجب التحقيق فيه وإعلان نتائجه. وقدم في مؤتمر صحافي اعتذارا رسميا باسم حكومته وباسم وزارة الشؤون الداخلية للفتيات وأسرهن. وقال «ليس هناك تعليمات من قبل وزارته أو الشرطة بجلد أي مواطن أو الاعتداء عليه». وأضاف «ما حدث أمر غير عادي من قبل شخص يرتدي الزي العسكري للشرطة ليس هناك توجيه من قيادة الشرطة بفعل ذلك ونقوم الآن بالتحقيق في الأمر». وعلى الرغم من أنه اعتبر مسالة الزي المنتشرة في الجنوب، خاصة وسط الشباب والفتيات بآخر تقليعات الموضة الغربية مسألة تعبر عن أجيال، فإنه قال «هي ليست من عاداتنا، وتقاليدنا في الجنوب قد لا يوافق عليها جيلنا ولا نعرف الجيل المقبل هل سيكون بملابس أم من دونها»، مستبعدا أن يكون الحادث وراءه جهة أو بتدبير من أطراف أخرى، غير أنه ترك الأمر للجنة التحقيق للوصول إلى الحقيقة. وقال «سنعرف وقتها أن التوقيت مقصود أم أنها حالة فردية يستوجب إيقافها».

يذكر أن الوجود الأمني الكثيف هذه الأيام من توزيع للشرطة في أماكن عدة ونقاط ارتكاز على جوانب الطرق، جعل المراقبين يعتقدون أن حكومة الجنوب تتوقع مشكلات أمنية. وما يلفت الانتباه أن الشرطة والأجهزة الأمنية تزيد من وجودها في منتصف الليل. بعض المواطنين الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» اعتبروا الوجود الأمني يأتي لمنع الجريمة، خاصة أن هناك أعدادا من الشباب المتسكعين يجوبون الشوارع ليلا ويقومون بنهب المارة. وقال مصدر لـ«الشرق الأوسط» إن الوجود الأمني له مبرراته، خاصة أن الجنوب مقبل على استفتاء مصيري، لكن أحيانا بعض أفراد الشرطة يقومون بتخويف المواطنين وأحيانا بابتزازهم. واعترف وزير الشؤون الداخلية في الجنوب بالوجود الأمني الكثيف، وقال إن الشرطة زادت من نشر قواتها في الجنوب، وجوبا بصفة خاصة، لأنها عاصمة الجنوب، ولكن لم يتم تسجيل أحداث كثيرة. وأضاف أن الأجهزة الأمنية تدير الأمن بشكل احترافي جيد، وتابع «الاستفتاء يحدث مرة واحدة وأنا سعيد لأن المواطنين تعاملوا بشكل حضاري مع الوجود الأمني لأننا لا نرهب أحدا وهدفنا إنجاح الاستفتاء بصورة سلمية».

وأثار الصحافي المخضرم اتيم ياك قضية فساد بعض أفراد الشرطة، خاصة في الآونة الأخيرة، وقال إن بعضهم يستوقف المواطن لأخذ مال منه، وإن الأمر تكرر، كما دعا الشرطة إلى أن تتخذ التدابير لمنع التسكع لكثير من الشباب الذين قال إنهم يصحون من النوم ليلعبوا (الدمينو) وآخرون يتجولون في الشوارع دون هدف، وهم الذين يتسببون في الإزعاج، وهذا ما أقره وزير الشؤون الداخلية غيير شوانق، وقال «صحيح بعض أفراد الشرطة فاسدون ويقومون بتوقيف المواطنين لأخذ أموال منهم ونعمل على وضع حد لهم واستطعنا أن ننجح كثيرا في ذلك». وأضاف ضاحكا «بعض المتسكعين في الشوارع يقولون إذا قامت الشرطة بتوقيفهم بأنهم سيصوتون لصالح الوحدة».

ومع الأيام القليلة التي تبقت على الاستفتاء يحاول المواطنون أن تسير الأمور بسلام وأمن، ولذلك فإن الشوارع في أحياء (ملكية، نمرة ثلاثة، واطلع برة) وبالقرب من الفنادق المنتشرة على ضفاف نهر الرجاف تجد أن المواطنين والأجانب يتجولون بحرية رغم حذر البعض، ويقول نتالي وهو رواندي الجنسية بتحدث بلغة عربية ركيكة وهو يقود دراجة نارية تعمل في مجال النقل، إنه يوقف عمله في وقت مبكر من المساء، ورغم حبه للتسامر مع أصدقائه فإنه في الفترة الأخيرة أوقف هذه المتعة.