واشنطن تغير قاعدة «مصدر واحد يكفي للإدراج في قائمة الإرهاب»

440 ألف شخص على القوائم حاليا

TT

بعد مرور عام على المحاولة المزعومة التي قام بها شاب نيجيري لنسف طائرة متجهة إلى ديترويت، يقول مسؤولون أميركيون إنهم قد سهلوا من إضافة أسماء أفراد إلى قائمة مراقبة إرهابية وحسنوا من قدرة الحكومة على التصدي لأي هجوم في الولايات المتحدة.

وجدد الفشل في وضع عمر الفاروق عبد المطلب على قائمة المراقبة خلال العام الماضي المخاوف من أن نظام الحكومة لغربلة الإرهابيين المحتملين كان يشوبه النقص والخلل. ورغم أن والد عبد المطلب كان قد أخبر مسؤولين أميركيين عن تطرف ابنه في اليمن، قررت أجهزة حكومية أن المعلومة السرية أحادية المصدر كانت غير كافية لإدراج اسم أي شخص على قائمة المراقبة.

ومنذ ذلك الحين، يقول مسؤولون بارزون في مجال مكافحة الإرهاب إنهم قد غيروا من معاييرهم بحيث يمكن أن تؤدي المعلومات السرية أحادية المصدر، طالما بدت موثوقة إلى وضع أحد الأسماء على قائمة المراقبة.

وقائمة المراقبة الرئيسية للحكومة هي واحدة من 10 قوائم أو قواعد بيانات تقريبا، تستخدم من قبل مسؤولي مكافحة الإرهاب. وقد عدل المسؤولون بشكل دوري المعايير المستخدمة للاحتفاظ بها. ولكن جماعات الحريات المدنية تؤكد أن المعايير الجديدة للحكومة، التي دخلت حيز التنفيذ منذ الصيف الماضي، قد زادت من احتمالات تعرض الأشخاص الذين لا يشكلون أي تهديد على أمن الولايات المتحدة للتسجيل على الأجهزة الأمنية للولايات المتحدة، وهو ما يؤدي إلى حدوث انتهاكات محتملة لخصوصيتهم ويصعب عليهم إمكانية السفر إلى الخارج.

وقال كريس كالابريس، المستشار التشريعي لاتحاد الحريات المدنية الأميركي: «إنها قوائم سرية مع عدم وجود وسيلة للأشخاص لكي يتقدموا بالتماس لرفع أسمائهم من القائمة المراقبة أو حتى لمعرفة ما إذا كانوا مدرجين عليها».

يصر المسؤولون على أنهم كانوا حذرين بشأن رفع أسماء الأشخاص الملتزمين بالقانون من قائمة المراقبة الرئيسية. وقد أدت المعايير الجديدة إلى حدوث نمو بسيط فقط في القائمة، التي يقف عدد المدرجين عليها الآن عند حد 440 ألف شخص، وهو عدد أكبر بنحو 5 في المائة عن العدد المسجل خلال العام الماضي. والأغلبية العظمى هم مواطنون غير أميركيين.

وقال مايكل ليتر، مدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب في خطاب ألقاه خلال الشهر الحالي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: «على الرغم من التحديات التي نواجهها، فقد حققنا تحسينات كبيرة. ونتيجة ذلك، من وجهة نظري، هو أن التهديد الذي قد ينتج عن شن هجوم خطير ومعقد جدا أصبح اليوم أقل بشكل ملحوظ مما كان عليه في عام 2001». وتستخدم قائمة المراقبة الرئيسية لفحص وغربلة الأشخاص الذين يسعون للحصول على تأشيرة ويعبرون الحدود الأميركية أو على متن طائرة موجودة أو متجهة إلى الولايات المتحدة. ومعيار الإدراج على القائمة يبقى مشابها لما كان عليه من قبل - وهو أن الشخص يكون «مشتبها فيه بشكل منطقي» للمشاركة في نشاط يتعلق بالإرهاب. ولكن مسؤولا بارزا آخر في مجال مكافحة الإرهاب، أراد أن يتحدث مثل بعض الأشخاص الآخرين فقط بشرط عدم ذكر اسمه، قال «إن المسؤولين قد خفضوا الآن من معايير الإدراج على القائمة بعد جهد كبير».

وقال تيموثي هيلي، مدير مركز فحص الإرهابيين التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي، الذي يحتفظ بقائمة المراقبة الرئيسية إن التوجيهات الجديدة توازن بين حماية الأميركيين من التهديدات الإرهابية وبين الحفاظ على الحريات المدنية. وقال إن قائمة المراقبة اليوم باتت «أكثر وضوحا وأكثر ذكاء» حيث تقدم معلومات استخباراتية قيمة لعدد متزايد من الشركاء الذين يضمون قوات شرطة الولايات وقوات الشرطة المحلية وحكومات أجنبية.

وكل يوم، تقع ما بين 50 إلى 75 حادثة يقوم خلالها مسؤول تنفيذ القانون أو عميل حكومي بتوقيف شخص يؤكد التحقيق أنه موضوع على قائمة المراقبة، حسبما ذكر مسؤول بارز في مركز فحص الإرهابيين. وهذه المقابلات الإيجابية يمكن أن تحدث في المطارات والحدود البرية أو المكاتب القنصلية أو خلال التوقفات المرورية. وحكى المسؤول حادثة وقعت منذ عامين أوقف خلالها شرطي في إحدى الولايات سائق شاحنة لانتهاكه قواعد المرور. وبدا السائق عصبيا، وكان يستعد للسفر إلى عدة ولايات، وكان لديه ثلاثة هواتف جوالة وكمية كبيرة من الطعام في شاحنته، وأجرى الكثير من الاتصالات خلال فترة التوقف. وتمكن الشرطي من التأكد عبر مكالمة أجراها مع مركز فحص الإرهابيين أن الرجل كان موضوعا على قائمة المراقبة. وذكر المسؤول أنه اتضح أن عميلا ميدانيا تابعا لوكالة التحقيقات الفيدرالي كان قد أجرى تحقيقا مفتوحا متعلقا بـ«القاعدة» على سائق الشاحنة. وتم اختيار أسماء على قائمة المراقبة من قاعدة بيانات أكبر غير مغربلة موجودة في المركز الوطني لمكافحة الإرهاب بمدينة ماكلين وتضم مجموعة ضخمة من المعلومات الاستخبارية المتعلقة بالإرهاب.

مشكلات قاعدة بيانات هوية الإرهاب وبيئته منذ بدايتها في عام 2005، ابتليت قاعدة بيانات هوية الإرهاب وبيئته (TIDE) بمصاعب فنية. وفي عام 2008، بدأ مركز مكافحة الإرهاب في إجراء تحسينات بتكلفة عدة ملايين من الدولارات من أجل تبسيط وتشغيل قاعدة البيانات بطريقة آلية تماما لكي يوجد سجل واحد فقط لكل شخص، بغض النظر عن عدد الأسماء المستعارة التي يمكن أن يمتلكها الشخص. وسوف تقلل هذه التحسينات من الأخطاء وتحرر المحللين للقيام بمهام أكثر إلحاحا، حسبما ذكرت فيكي جو ماكبي، رئيسة قسم المعلومات في مركز مكافحة الإرهاب. وقالت ماكبي إن النظام الجديد سوف يسهل من تبادل بصمات الأصابع وبصمات قزحية العين وصور أوجه الأفراد المدرجين على قائمة المراقبة بين وكالات الفحص والمراقبة.

وبدلا من إرسال البيانات مرة واحدة كل ليلة إلى قائمة المراقبة التابعة لمركز فحص الإرهابيين، وهو الأمر الذي يمكن أن يستغرق ساعات، سوف يتمكن النظام الجديد من تحديث القائمة بشكل فوري تقريبا بمجرد إدخال الأسماء، حسبما ذكرت ماكبي.

ولم تكن عملية الانتشار سلسلة. وفشلت قاعدة البيانات الثانية لهوية الإرهاب وبيئته، حسب تسميتها، في تجارب الجاهزية، كما أخفقت في الوفاء بمهلة التدشين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول). ولكن ماكبي قالت الآن إن كل الاختبارات قد تم تمريرها، وإن النظام سوف يتم تدشينه خلال شهر يناير (كانون الثاني). وفي نفس الوقت، طور المركز الوطني لمكافحة الإرهاب مجموعة ملاحقة مكونة من 70 شخصا للتحقيق في التهديدات الإرهابية النائمة، مع قيام 4 فرق بفحص البؤر الإقليمية في أفريقيا وفي اليمن ومنطقة الخليج العربي وفي باكستان وأوروبا والولايات المتحدة. وتلتقط فرقة خامسة البؤر الإرهابية في بقية العالم.

وقال مسؤول مطلع على المجموعة: «نحاول أن نبحث عن الأشخاص المجهولين والإرهابيين الذين يختبئون في الظلام والذين لا نعرفهم مثل نظراء عبد المطلب في شتى أنحاء العالم».

وقد تأخذ الفرق، التي تضم محللين من وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الاستخبارات في وزارة الدفاع ووكالة الأمن الوطني، معلومات سرية عن شخص مشتبه فيه يسافر إلى الولايات المتحدة على طريق معين، وبعد ذلك تدرس سجلات السفر لكي ترى ما إذا كان بمقدورها العثور على مسافرين يتوافقون مع هذه العينة.

وصرحت المسؤولة بقولها: «إنهم ينقبون أيضا على مواقع الإنترنت من أجل العثور على أدلة وقرائن (بطريقة حذرة وقانونية)». وعلى سبيل المثال، رغم أن المحللين لم يتعرفوا على فيصل شاه زاد، وهو رجل مولود في باكستان كان يعيش في ولاية كونتيكت، قبل محاولته التي جرت في شهر مايو (أيار) لنسف سيارة في ساحة التايمز، فقد حدد فريق الملاحقة شبكة مساعديه في الولايات المتحدة بشكل جزئي عبر جمع تفاصيل من مواقع شبكات اجتماعية، حسبما قالت. ويقوم جزء كبير من عمل مجموعات المتابعة على استبعاد المعلومات غير المتصلة. وقالت المسؤولة: «نحن نتخلص من كمّ كبير من المعلومات غير المتصلة ونقدم المعلومات ذات العلاقة لمكتب التحقيقات الفيدرالي. ولكن عملية استبعاد المعلومات غير المتصلة تكتسب نفس القدر من الأهمية التي تكتسبها المعلومات ذات العلاقة».

- أسهمت آن سكوت تايسون في إعداد هذا التقرير

* خدمة «نيويورك تايمز»