إسرائيل تفقد صداقة تركيا.. وأنقرة تسعى لـ«ترميم العلاقات»

تل أبيب ترفض الاعتذار عن استهداف «مرمرة».. وأردوغان يغازلها بعد التصعيد

TT

* كان انتكاس العلاقة بين إسرائيل وتركيا حدث العام من دون شك، فتركيا ترى أن دورها المتصاعد في المنطقة استهدف من قبل إسرائيل والغرب، علما أن تركيا كانت الشريك العسكري والسياسي الأبرز لإسرائيل.

وأتى حادث السفينة «مرمرة» التي قتل فيها عدد من الناشطين الأتراك كانوا يحاولون فك حصار إسرائيل لغزة بعد أقل من أسبوعين على الاتفاق النووي مع إيران ليرسم علامة فارقة في العلاقة بين البلدين التي اتجهت نحو مسار تنازلي، كان كفيلا بأن تصبح تركيا محط أنظار القوى المناهضة للغرب وإسرائيل في المنطقة، لكن من دون أن تقوم أنقرة بأي خطوات جذرية في العلاقة بين البلدين، ثم تظهر في نهاية العام وكأنها تعيد حساباتها في العلاقات مع إسرائيل..

وكانت بذرة الخلاف انتقاد ما وصفه أردوغان بـ«العدوان» الإسرائيلي على غزة، كما أبدى اعتراضه على تصنيف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضمن قائمة «المنظمات الإرهابية»، داعيا في الوقت نفسه الرئيس الأميركي باراك أوباما، إلى إعادة النظر في تعريف تلك التنظيمات، خاصة في منطقة الشرق الأوسط. وعندما تعرض الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس لهذه المواقف بالانتقاد في منتدى دافوس الاقتصادي المنعقد، انسحب أردوغان من الجلسات محتجا ورافضا ما سماه «المعايير المزدوجة للمنتدى» حين منع من إكمال رده على كلمة بيريس المشارك بنفس الجلسة التي حملت عنوان «نموذج السلام في الشرق الأوسط». ووجه أردوغان كلامه للرئيس الإسرائيلي قائلا «ما دمت تقوم بإلقاء القنابل وتتعلل بالصواريخ وحماس، ماذا فعلت خلال مدة ستة أشهر من التهدئة غير قتل 28 فلسطينيا وقطع الكهرباء والطعام». كما أبدى استغرابه من المقارنة بين قوة إسرائيل والفلسطينيين، قائلا «هل هناك أسلحة لدى الفلسطينيين مماثلة لما هو موجود لدى إسرائيل بما فيها أسلحة الدمار الشامل؟ بالطبع الجواب لا، حتى إنهم يضربون مراكز الأمم المتحدة والمدارس والجوامع بالصواريخ والقنابل».

مع ذلك بدا واضحا أن القيادة التركية تدرك مخاطر انعكاس التوتر مع إسرائيل، على حضورها ودورها الإقليمي والدولي، فامتنعت عن اتخاذ إجراءات فعلية في ما خص علاقتها بإسرائيل، مستبعدة قطع هذه العلاقات، كما اندفعت باتجاه ما يقول المتخصص بالشأن التركي الدكتور محمد نور الدين إنه السعي لـ«فتح نوافذ تعيد تصحيح العلاقات مع إسرائيل، مع المحافظة على الحد الأدنى من ماء الوجه تجاه الرأي العام التركي». مستندا في ذلك إلى موافقة وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو على الاجتماع بوزير الصناعة والتجارة الإسرائيلي ديفيد بن أليعازر في 29 يونيو (حزيران) الماضي، رغم أن الدم التركي كان لا يزال ساخنا ومن دون أن تقدم تل أبيب على أي خطوة استرضائية ولو محدودة، بل تباهى مسؤولوها بأن «جنودها قاموا بواجبهم وقُتل من كان يستحق القتل». كما في مبادرة أردوغان شخصيا إلى إرسال طائرات لإخماد حرائق في شمال إسرائيل مؤخرا، على الرغم من أن إسرائيل لم تكن أيضا قدمت أي تنازل بل إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو صرح بعد انتهاء مهمة الطائرات التركية أن الدولة العبرية لن تقدم أي اعتذار أو تعويض.

وقد بان واضحا للأتراك أن اندفاعاتهم في الخصومة مع إسرائيل لن تجر عليهم المنافع التي يتصورونها، ففي حين قامت أنقرة بإلغاء المشاركة الإسرائيلية في مناورات كانت مقررة بالتعاون مع الولايات المتحدة، جاء الرد الأميركي إلغاء مشاركة الجيش الأميركي فيها أيضا. وبعد المشاركة في إطفاء الحرائق التي اندلعت في إسرائيل، بعث أردوغان برسالة تهنئة إلى حاخام تركيا في إحدى المناسبات اليهودية، فيما شارك ممثل عن حزبه باحتفال يهودي كبير في باريس.

وقد سجل التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل عام 2010، رغم الأزمة السياسية، زيادة قدرها 30% بالمقارنة مع عام 2009 الذي بلغ فيه التبادل التجاري 2.5 مليار دولار. وقد أكد الملحق التجاري الإسرائيلي في أنقرة دورون أورخامي أن التطورات السياسية بين البلدين لم تؤثر بالسلب على العلاقات التجارية بين البلدين، مشيرا إلى أن أغلبية رجال الأعمال الإسرائيليين يواصلون أعمالهم التجارية مع تركيا بشكل طبيعي، فيما نقلت صحيفة «زمان» التركية المقربة من حزب العدالة أن الخبراء يؤكدون أن أي توتر بين البلدين لا يؤثر على شعبي البلدين ودوائر العمل فيهما، وهو ما يبعث على التفاؤل في أن تقل حدة التوتر بين الدولتين في الفترة المقبلة.