تونس: بن علي يقيل محافظ سيدي بوزيد

الأوضاع تتجه للانفراج.. والأهالي ينتظرون تنفيذ وعود الحكومة

TT

أجرى الرئيس التونسي زين العابدين بن علي أمس حركة جزئية في سلك الولاة (المحافظين) أقال بموجبها والي (محافظ) سيدي بوزيد من منصبه وعين مكانه واليا جديدا، إلى جانب تعيين واليين جديدين على كل من ولاية جندوبة الواقعة على بعد 160 كلم شمال غربي العاصمة التونسية، وولاية زغوان الواقعة على بعد نحو 60 كلم عن العاصمة، وهما من بين الولايات (المحافظات) التي تعاني من نسب بطالة كبيرة، كما أن جندوبة شهدت يوم الثلاثاء الماضي مسيرات احتجاجية، وهو مما يفسر في جانب ما مثل هذه التعديلات. جاء ذلك بعد يوم من التعديل الوزاري الذي جاء على خلفية أحداث سيدي بوزيد.

ولم تقدم وكالة «تونس أفريقيا» الرسمية للأنباء التي أوردت الخبر الأسباب التي دعت إلى هذه الحركة الجزئية على مستوى الولاة، وهي على ما يبدو من تداعيات الأحداث الأخيرة التي شهدتها ولاية سيدي بوزيد طوال 12 يوما متواصلة. الوكالة ذكرت أيضا أن رئيس الدولة اهتم خلال مقابلة أجراها أمس مع وزير الداخلية بجدول أعمال ندوة الولاة التي ستلتئم خلال شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، التي ستتمحور، خاصة، حول دعم الاستثمار الخاص ودفع نسق التشغيل وتعزيز وتطوير النشاط الشبابي والثقافي بالجهات. وكان الرئيس التونسي قد أجرى أول أمس تعديلا حكوميا أقال بموجبه وزير الاتصال (الإعلام) إلى جانب تعيين ثلاثة وزراء آخرين.

ميدانيا، قال رضا الميري، عضو النقابة الأساسية للتعليم الابتدائي بمدينة بني عون الواقعة على بعد نحو 50 كلم عن مدينة سيدي بوزيد مركز الاحتجاجات الاجتماعية الأخيرة، إن الأوضاع على مستوى المدينة وبقية المدن المجاورة تسير نحو الانفراج وإن جميع الأطراف تدفع الوضع نحو الاستقرار إلا أنها مقابل ذلك تنتظر تجسيم وعود السلطات التونسية بالتشغيل والتنمية، غير أنه لا توجد إلى حد الآن أية تدخلات عملية على الأرض مثل إجراء تعداد لأصحاب الشهادات الجامعية وتصنيفهم حسب أوضاعهم الاجتماعية وسنوات التقدمية في البطالة. وقال في حوار خاص مع «الشرق الأوسط» إن سكان المنطقة ينتظرون تجسيد ما وعد به الرئيس بن علي من مشاريع تنموية تغير أوضاع المنطقة وتخرجها من نفق البطالة والفقر. وقال ونيس العثموني، (ناشط نقابي) من مدينة سيدي بوزيد لـ«الشرق الأوسط» إن الأجواء أمس كانت هادئة في المدينة وإن الوجود الأمني قد تم تخفيفه بصورة ملحوظة، إلا أنه أشار كذلك إلى أن سكان سيدي بوزيد في انتظار تدفق المشاريع عليهم حتى لا تبقى «تلط» الوعود للاستهلاك الإعلامي فحسب، على حد تعبيره، وأكد على ضرورة إطلاق جميع المعتقلين، خاصة شباب الرقاب منهم (29 كلم عن سيدي بوزيد) المقدر عددهم بـ24 معتقلا الذين لا يزالون رهن الإيقاف.

في هذا السياق نفسه، عقد «تحالف المواطنة والمساواة» المعارض أمس ندوة صحافية قال خلالها أحمد إبراهيم الأمين العام لحركة التجديد (أحد الأحزاب المكونة للتحالف) إن خطاب بن علي لم يكن على مستوى الانتظار حتى وإن حاول الاعتراف بوجود مشكلات وصعوبات، ودعا إلى ضرورة استخلاص الدروس بصفة جدية ومراجعة أساليب التعامل مع الأحداث وتجنيب البلاد اندلاعها من جديد. ونادى بتغيير أسلوب الحكم وإجراء إصلاحات سياسية بعد فشل النموذج التنموي الحالي، وعدم تفسير كل ما يحدث في البلاد بوجود «أياد خارجية». وقال مصطفى بن جعفر الأمين العام لـ«التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات» المعارض، إن السلطات تعاني من أزمة ثقة بينها وبين الشارع التونسي، وهي التي أجرت انتخابات بلدية ورئاسية وتشريعية منذ نحو سنة فقط، وهذه الأزمة تتجلى في ثقة التونسيين في المجالس البلدية وفي الهياكل الممثلة. وتساءل إن كانت الدعوة لانتخابات سابقة لأوانها هي الحل أزمة الثقة التي أشار لها. وقال فتحي التوزري (مجموعة الإصلاح والتنمية المنضمة للتحالف) إن الأحداث الأخيرة أكدت الترابط الوثيق بين المطالب الاجتماعية والقضايا السياسية ممثلة في الأطر السياسية والمؤسساتية التي لا تسمح بالتنافس على المسؤولية.

إلى ذلك، قال منير زعتور عضو المجلس المركزي لحركة التجديد المعارضة لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة جبنيانة الواقعة على بعد قرابة 30 كلم من صفاقس في الوسط الشرقي، قد عرفت شهدت مداهمات من قبل قوات الأمن للمنازل صباح أمس على خلفية مشاركة مجموعة من شباب الجهة في احتجاجات نظمت يوم الثلاثاء، وقال إن الأمن لم يتمكن من اعتقال أي شاب من أولئك الشباب.

ومن جهة أخرى، أعلن مجلس الهيئة الوطنية للمحامين في تونس العاصمة في اجتماع طارئ، تنظيم يوم احتجاجي (الجمعة 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي وحمل شارة حمراء على خلفية اعتقال المحاميين عبد الرؤوف العيادي وشكري بلعيد يوم الثلاثاء وإطلاق سراحهم يوم الأربعاء، وهو ما اعتبره المحامون تعديا على استقلاليتهم وحرية التعبير عن آرائهم. وقرر المجلس المذكور تكليف وفد من المحامين لزيارة محاميي سيدي بوزيد للتعبير عن تضامن هياكل المحاماة مع أهالي سيد بوزيد. وكان عدنان الهاني رئيس المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين قد أصدر بيانا اعتبر فيه ما حصل يوم 28 ديسمبر الحالي في قصر العدالة بالعاصمة «تجاوزات غير مسبوقة تشكل مساسا بالهيئات القضائية وتشويشا لسير العدالة»، واستنكر ما سماه «انتهاك بعض المحامين وهياكلهم واجبات مهنتهم وانحرافهم عن أخلاقياتها بالتشويش داخل المحاكم والتلويح بشعارات تتنافى مع رسالة المحاماة بما يمس الهيئات القضائية القائمة».

وكانت «الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات» (جمعية مستقلة) قد دعت أمس إلى تجمع تضامني بمعية الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، والمجلس الوطني للحريات، تضامنا مع المتضررين من الأحداث الأخيرة التي شهدتها منطقة سيدي بوزيد (265 كلم عن العاصمة التونسية)، تلك الأحداث التي انطلقت يوم 18 ديسمبر بعد إقدام الشاب محمد البوعزيزي من سكان المنطقة على إضرام النار في جسده احتجاجا على الظروف الاجتماعية الصعبة، وتواصلت حتى يوم الأربعاء الماضي.