«القاعدة» تصعد نشاطاتها في الموصل.. وسط اتهامات بـ«اختراق بعثي» لأجهزة الأمن

مسؤول حزبي لـ«الشرق الأوسط»: الجماعات المسلحة تستغل ضعف السلطة القضائية

عراقيان يمران أمام محل لبيع لوازم الاحتفال بأعياد الميلاد في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

يسير الوضع الأمني في الموصل شمال العراق نحو المزيد من التدهور جراء عودة نشاط تنظيم القاعدة وفلول حزب البعث، حسبما قال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» أمس، غداة مقتل أحد أبرز المسؤولين الأمنيين المكلفين مكافحة الجماعات المسلحة في المحافظة.

وأشار هريم كمال أغا، عضو المجلس القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يتزعمه الرئيس العراقي جلال طالباني، ومسؤول مكتبه التنظيمي في الموصل، إلى «أنه رغم قيام الأجهزة الأمنية بالمحافظة بواجباتها، فإن هناك اختراقا مؤكدا لهذه الأجهزة من قبل عناصر البعث السابق مستفيدين بذلك من بيئة المحافظة التي كانت ولعقود طويلة حاضنة للبعث وأفكاره». وقال «يبدو أن (القاعدة) استعادت نشاطاتها الإرهابية في المحافظة، وبذلك فإن الأوضاع الأمنية تسير نحو المزيد من التدهور، حيث إنهم قاموا اليوم (أمس) بثلاث عمليات انتحارية، وأن هجماتهم لا تتركز في منطقة معينة بل تتوزع على جميع مناطق المحافظة، فأينما وجدوا فرصة لتوجيه ضرباتهم فإنهم لن يتوانوا عن ذلك، مستفيدين من البيئة الحاضنة لهم، حيث كانت المحافظة وعبر عقود طويلة معقلا للبعثيين وحاضنة لأفكارهم، كما أصبحت بعد السقوط مركزا لتجمعهم».

وأوضح القيادي الكردي أن «المعضلة الكبيرة أمام تحسن الوضع الأمني في المحافظة وتخليصها من القوى والمنظمات الإرهابية تكمن في السلطة القضائية، حيث إن هذه السلطة لا تتمتع بالحماية الكافية، وفي مثل هذه الأحوال لا يمكن لها أن تواجه الإرهابيين وتحاكمهم وتقتص منهم، لأن أعضاءها مهددون ولا يملكون الحماية والقوة الكافية لفرض سلطتهم القانونية على المحافظة، ولذلك إذا أردنا أن نحجم النشاطات الإرهابية في المحافظة يتوجب علينا أولا أن ندعم القضاء واستقلاليته». وتوقع القيادي الكردي «أن تزداد نشاطات تنظيم القاعدة والبعثيين في الأيام المقبلة، خاصة أن هذه القوى تستفيد كثيرا من جغرافية المحافظة التي تجاور دولا إقليمية تعادي بعضها التجربة العراقية، فتدخلات هذه الدول الإقليمية ودعمها الكبير للبعثيين تلعب دورا مهما جدا في زيادة النشاطات الإرهابية وتحديدا في هذه المحافظة المجاورة لهم».

إلى ذلك، وصف مسؤولون أمنيون مقتل المقدم شامل الجبوري، قائد أحد أفواج شرطة الموصل الذي كان مكلفا مكافحة تنظيم القاعدة والجماعات المرتبطة به في المحافظة، بأنه ضربة لجهود مكافحة الإرهاب. وقال عبد الرحيم الشمري، وهو من أبرز المسؤولين الأمنيين في مجلس محافظة نينوى «لقد فقدنا سيفا من سيوف الموصل طارد إرهابيي (القاعدة) إلى خارج المدينة». ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مصادر مطلعة أن الهجوم الانتحاري الذي نفذه ثلاثة أشخاص يرتدون أحزمة ناسفة تحت بزات الشرطة التي كانوا يرتدونها بينما كان الجبوري نائما على أريكة في مكتبه صباح أول من أمس كان سادس هجوم يتعرض له الأخير. وقبل مقتله بـ10 أيام كان الجبوري قاد حملة مداهمة أسفرت عن مقتل أكبر قيادي لـ«القاعدة» في الموصل. وقبل ذلك بشهرين كان له دور بارز في إيقاف عصابة كانت تستهدف محلات الصاغة في المدينة، علما بأن سرقة مثل هذه المحلات أصبحت في السنوات الأخيرة إحدى وسائل تمويل عمليات «القاعدة» والجماعات المرتبطة بها.

وأشاد الجيش الأميركي أيضا بالجبوري، وقال الميجور اريك باترسون، الذي عمل معه خلال مرحلة تسلم الشرطة العراقية المسؤولية عن الجانب الأيمن من المدينة من الجيش العراقي «لقد كان أسطورة في قوة الشرطة. ففي كل مرة كنت أزوره فيها كنت أجده يبحث عن مطلوب جديد أو يكون قد اعتقل أحدهم». وأضاف باترسون أن «القاعدة» باغتيالها الجبوري تريد أن تبث الذعر في نفوس سكان المحافظة. وللجبوري ثلاثة إخوة يعملون أيضا في صفوف الشرطة. وقال عنه المسؤول في الشرطة مازن محمود «كان محبا للواجب ويتحلى بأسمى درجات الالتزام المهني».