الأردن 2010: استقرار سياسي داخلي ومساع لتحريك السلام.. وعجز اقتصادي

المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام السوري عمت أرجاء سوريا
TT

شهد الأردن خلال عام 2010 استقرارا سياسيا، رافقته مساع سياسية قام بها لتطويق أزمات خارجية سواء على الصعيد العربي أو العالمي، إضافة إلى سعيه الدائم لإيجاد انفراج في عملية السلام المتعثرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين وإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على التراب الفلسطيني.

ونشطت الدبلوماسية الأردنية بقيادة الملك عبد الله الثاني في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والتنموية، بهدف دعم جهود تحقيق السلام في المنطقة، وتحقيق التضامن العربي، والارتقاء بالموطنين الأردنيين وتحسين مستوى معيشتهم، وزيادة وتطوير أوجه التنمية الشاملة التي من المتوقع أن تستمر بوتيرة كبيرة خلال العام المقبل.

وزار الملك عبد الله الثاني بتحركات واسعة عواصم القرار المؤثرة على الصعد العربية والإقليمية والدولية، بهدف تعزيز علاقات بلاده مع مختلف الدول في كل المجالات، وبذل المزيد من الجهود لحل القضية الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف ضمن حدود يونيو (حزيران) 1967، تعيش بأمن وسلام جنبا إلى جنب مع إسرائيل في سياق إقليمي يحقق السلام الشامل في منطقة الشرق الأوسط.

وفي هذا السياق، التقى الملك عبد الله الثاني قادة السعودية ومصر وسورية ولبنان والكويت والعراق والولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وتركيا والصين وإيران وغيرهم.

وحرصت القيادة الأردنية على التشاور المستمر بشكل خاص مع القيادة السعودية، بحكم ثقلها في المنطقة وكونها لاعبا أساسيا في العالمين العربي والإسلامي. ففي مطلع العام الحالي بحث الملك عبد الله الثاني مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في الرياض الجهود المستهدفة لاستئناف مفاوضات السلام في المنطقة، وفي 30 يوليو (تموز) وصل خادم الحرمين الشريفين إلى عمان ضمن جولة في المنطقة، وعقد لقاء قمة مع العاهل الأردني تناول آليات تفعيل علاقات التعاون بين البلدين في شتى المجالات، إضافة إلى الأوضاع الراهنة في منطقة الشرق الأوسط، وجهود إحلال السلام والاستقرار فيها.

وفي 23 أغسطس (آب)، زار الملك عبد الله الثاني السعودية، وأدى مناسك العمرة، وأجرى مباحثات مع خادم الحرمين الشريفين في مدينة جدة.

وفي الأول من أكتوبر (تشرين الأول) نقل رئيس الوزراء الأردني سمير الرفاعي رسالة خطية من الملك إلى خادم الحرمين الشريفين تتعلق بسبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والأوضاع في المنطقة. وفي الرابع من الشهر ذاته، وقع الأردن والسعودية محضر اجتماعات اللجنة المشتركة في دورتها الـ13، والذي تضمن 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم، أهمها استئناف السعودية استيراد الخضراوات الأردنية لأول مرة منذ عام 1990.

ومن بين أبرز أحداث عام 2010 على الصعيد الداخلي، الانتخابات البرلمانية للمجلس النيابي السادس عشر في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، التي أفرزت برلمانا خاليا من المعارضة، خاصة الإسلامية التي قاطعته بسبب قانون الانتخابات، وإعادة تشكيل الحكومة برئاسة سمير الرفاعي، وهي الحكومة الثانية التي يكلف برئاستها في غضون أقل من عام، وقد فازت بأغلبية 111 صوتا من أصل 119.

وحمل كتاب التكليف لحكومة الرفاعي محاور عمل مكثفة تهتدي بها وتعمل على تحقيقها، بما يعني أن المرحلة المقبلة تنبئ بجهد وطني تكاملي شامل يحقق طموحات الأردنيين، وعنوانها تحمّل كل مؤسسة من مؤسسات البلاد لمسؤولياتها الدستورية والقانونية لإنجاح برامج التطوير والتحديث التي يحمل رايتها الملك عبد الله الثاني، منذ أكثر من عشرة أعوام. وكانت حكومة الرفاعي قد أدت اليمين القانونية أمام الملك عبد الله الثاني في 24 نوفمبر الماضي، وتضم 31 وزيرا، وكان الرفاعي قد شكل حكومته الأولى في 14 ديسمبر (كانون الأول) عام 2009.

وبتشكيل حكومة الرفاعي الثانية، وانتخاب أعضاء مجلس النواب الأردني السادس عشر، وتشكيل مجلس الأعيان خلال الشهر الماضي، تكون قد اكتملت أركان العمل السياسي الداخلي، لتبدأ محطة جديدة للعمل والعطاء في مسيرة، أبرز ملامحها «المراجعة الشاملة، وتنفيذ خطوات الإصلاح والتنمية». وجاءت حكومة الرفاعي الثانية، التي تحمل رقم 94 منذ تأسيس المملكة الأردنية الهامشية، متوازنة في تركيبتها، لتتمكن من إجراء المراجعة الشاملة لإزالة كل المعوقات أمام مسيرة الإصلاح، وأبدت التزامها بتحقيق مصلحة الوطن، وبناء علاقة تشاركية وتعاون مع مجلس الأمة الأردني بشقيه النواب والأعيان.

وواجه الأردن جملة من التحديات الاقتصادية، في مقدمتها معالجة عجز الموازنة الذي بلغ مستويات قياسية، وإدارة الدين العام الداخلي والخارجي الذي يقترب من مستوى 15 مليار دولار أميركي، ومزايا ومخاطر انتقال الحكومة للاقتراض من السوق الدولية بعد أن أثقلت السوق المحلية باقتراض من النظام المالي الأردني بكلف مرتفعة نسبيا، وصولا إلى المواطن الذي تضعه القيادة الأردنية على رأس الأولويات لتحسين مستويات معيشته في ظل حاجة متنامية للمالية العامة في فرض الضرائب والرسوم المختلفة التزاما بثوابت ومبادئ أردنية في الاعتماد على الذات وتحميل القادرين العبء الأكبر من المسؤولية.

وأطلق الأردن في 17 يونيو الماضي برنامجا وطنيا للإصلاح المالي والاقتصادي والاجتماعي للسنوات 2010 – 2013، في محاولة للتصدي للظروف الاقتصادية الصعبة وتخفيف أي آثار سلبية لها على حياة المواطنين بشتى الطرق والوسائل، وتحقيق نهضة تنموية وجذب المزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية للبلاد.

وعلى الصعيد النووي، وقع الأردن اتفاقيات تعاون نووي مع تسع دول في مجالات التدريب ونقل التكنولوجيا النووية، كما جرى التوقيع على اتفاقية تعدين يورانيوم مع شركة «أريفا» الفرنسية الشهيرة في مجال التكنولوجيا النووية، مؤكدا بذلك سعيه لمواكبة العصر ببناء برنامج نووي سلمي كمصدر بديل للطاقة.