ناجون من مذبحة كنيسة «سيدة النجاة» يقضون عيد الميلاد في فرنسا

وسط تساؤلات عن استقبال باريس لهم

محتجون فلسطينيون وجها لوجه مع مستوطنين احتلوا منزلهم في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة أمس (رويترز)
TT

أثارت مهمة فرنسية لإنقاذ ضحايا المذبحة التي وقعت في كنيسة «سيدة النجاة» في بغداد في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تساؤلات حول مبدأ العدالة ودعت جماعات معنية بحقوق الإنسان لإنقاذ كل المجموعات المهددة في العراق وليس المسيحيين فقط.

وبعد شهرين من اقتحام مسلحين للكنيسة أثناء قداس يوم الأحد الذي أسفر عن مقتل 52 شخصا ما زال بعض الضحايا يتعافون بالقرب من باريس بعد أن نقلتهم الحكومة الفرنسية جوا.

وأصيب الأب رفائيل قطيمي البالغ من العمر 70 عاما، وهو كاثوليكي، برصاص في معدته وتضرر سمعه من جراء أصوات الطلقات النارية وانفجار القنابل. ووصل قطيمي و36 فردا من أبرشيته في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) على متن طائرة مجهزة طبيا أرسلتها إلى بغداد وزارة الخارجية الفرنسية. وتلقوا جميعا العلاج الطبي ويعيشون الآن في ملجأ بالقرب من باريس. ويتوقع أن يصل العدد الإجمالي إلى 150 شخصا. وقال قطيمي لوكالة رويترز «لو لم تكن فرنسا قد أرسلت لنا طائرة لكنا بقينا في العراق معرضين للخطر».

لكن هذه المجموعة لا تمثل سوى قلة قليلة من بين آلاف المسيحيين العراقيين في مدن مثل بغداد والموصل سعوا للجوء إلى إقليم كردستان في شمال العراق أو إلى دول مجاورة. وفي الأسابيع الستة التي أعقبت الهجوم على الكنيسة قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن نحو ألف أسرة مسيحية عراقية أي ما يصل إلى 6 آلاف شخص نزحوا من بغداد والموصل ومناطق أخرى إلى كردستان.

وفي الوقت الذي تنامت فيه التهديدات التي يتعرض لها المسيحيون في العراق أصبحت الدول الغربية أكثر ترددا في استقبال ضحايا الحرب في العراق. وأغلقت دول مثل السويد والدنمارك وبريطانيا أبوابها أمام الوافدين الجدد، بل وبدأت في ترحيل بعض النازحين إلى دول في الشرق الأوسط مثل سورية والأردن. وما زالت ألمانيا والولايات المتحدة ترحبان بآلاف العراقيين كل عام على الرغم من تضاؤل الرغبة السياسية في قبول المزيد في الدولتين.

وقبلت فرنسا عددا أقل من اللاجئين العراقيين مقارنة ببريطانيا أو ألمانيا أو السويد مثلا لكنها ألقت الضوء على معاناة المسيحيين العراقيين على وجه خاص. ويمثل المسيحيون العراقيون الجزء الأكبر من اللاجئين العراقيين الذين قبلتهم باريس.

وقالت بيكا هيللر رئيسة مشروع مساعدة اللاجئين العراقيين ومقره الولايات المتحدة ويوفر التمثيل القانوني للمشردين العراقيين «الأنظمة الدولية للتعامل مع اللاجئين غير كافية بشكل كبير».

وقال أجناسيوس يوسف الثالث يونان بطريرك كنيسة السريان الكاثوليك إن الهجوم على كنيسة سيدة النجاة مثل نقطة اللاعودة. وأضاف أثناء زيارة إلى باريس أن مجتمع المسيحيين مستهدف منذ وقت طويل لكن هجوما بهذا الحجم لم يحدث من قبل. وقال إنه لم يعد بإمكان المسيحيين أن يعيشوا بعد ذلك في المدن الكبيرة مثل بغداد والموصل. لكنه أضاف أن تشجيع المسيحيين على ترك العراق ليس أمرا محببا أيضا لأن المتشددين الذين يريدون أن يخرجوهم سيعلنون الانتصار إذا خلا العراق من المسيحيين.

وكان عدد المسيحيين في العراق يبلغ 1.5 مليون نسمة في يوم من الأيام وغالبيتهم من السريان الكاثوليك والكلدان، أما الآن فيقدر عددهم بنحو 850 ألفا من بين نحو 30 مليون عراقي، وقال يونان إن العدد الحقيقي لهم قد يكون فقط نصف هذا الرقم أيضا.