وزير الخارجية النمساوي لـ«الشرق الأوسط»: علاقاتنا مع السودان ليست لأجل صفقة

قال إن البشير لديه دور هام في سياق تحقيق الاستفتاء.. وليس لنا دور وساطة في الملاحقات الجنائية ضده

TT

تنساب ما بين العاصمة السودانية الخرطوم والعاصمة النمساوية فيينا (على غير حال الخرطوم مع العواصم الغربية الأخرى) حركة رسمية دؤوب ونشطة تتمثل في زيارات متبادلة لمسؤولين حكوميين حاليين بمستوى وزيري خارجية البلدين، ووزراء سابقين بمستوى وزير دفاع ما يزال عضوا نشطا في حزبه الحليف بالحكومة الائتلافية هذا فيما كانت مراكز دراسات نمساوية قد بادرت نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي باستضافة مؤتمر تشاوري حول تحديات ما بعد الاستفتاء لمستقبل جنوب السودان ضم وجوها سودانية سياسية واجتماعية بارزة جنوبا وشمالا.

ضمن هذه العلاقات السودانية الغربية النادرة، قام وزير الخارجية النمساوي، ميخائيل اشبندلغر، قبل أيام بزيارة للسودان وصفها لـ«الشرق الأوسط» بالناجحة، وفي حين أكد على أهمية الدور الذي يلعبه الرئيس عمر حسن أحمد البشير لإجراء الاستفتاء حول مستقبل جنوب السودان إلا أنه قد نفى أن تكون النمسا تسعى للعب دور وسيط ما بين طرفي الصراع السودانيين أو بين حكومة الخرطوم والمجتمع الدولي لتحقيق صفقة، تهدف لخمد نار الاتهامات الدولية التي تلاحق الرئيس البشير مقابل التزامه بتنفيذ الاستفتاء وقبول نتيجته، مشيرا إلى أن الزيارة جاءت بسبب حرص النمسا واهتمامها الدائم بالحفاظ على حقوق المدنيين تطبيقا للقرارات الدولية المنادية بضرورة الامتثال لمواثيق حقوق الإنسان ولتقديم أي مساعدات بحكم خبرة النمسا في مجال كمجالات الاستفتاءات. من جانب آخر نفى وزير الخارجية النمساوي علمه بأي صفقات لاستثمار نمساوي مستقبلي بأرض السودان الواعد سواء انفصل أم بقي موحدا، نافيا أي حديث يدور عن صفقات لبيع أسلحة نمساوية لأي من الحكومتين بالسودان.

* ما الأسباب الحقيقية وراء زيارتكم للسودان التي يمكن وصفها بالنادرة من قبل وزير خارجية غربي ولدولة عضو بالاتحاد الأوروبي؟

- تعلق النمسا عادة أهمية كبرى على ضرورة حماية السكان المدنيين والامتثال لحقوق الإنسان، لا سيما من خلال دورها الحالي كعضو في مجلس الأمن الدولي. إن مستقبل السودان الآن يتصدر أعلى قمة أجندة جدول الأعمال دوليا. وأثناء اجتماع رفيع المستوى في سبتمبر (أيلول) الماضي في نيويورك، حضره أيضا الرئيس الأميركي باراك أوباما، قدمت مشورة قانونية نمساوية من واقع صميم خبرتنا للاستفادة منها خلال المرحلة التحضيرية للاستفتاء حول مستقبل جنوب السودان قبل بها كل من طرفي الحكومة في السودان.

وخلال مؤتمر تشاوري عقدناه الشهر الماضي بفيينا حضرة ممثلون من الجانبين (شارك في هذا المؤتمر كل من وزير الخارجية السوداني علي كرتي والسفير الدرديري محمد أحمد المشرف على ملف منطقة أبيي بالمؤتمر الوطني، ووزير النفط الدكتور لوال دينق ووزير رئاسة مجلس الوزراء الدكتور لوكا بيونق)، أصبح من الواضح أن هناك إجماعا على نقطة واحدة حاسمة محورها أنه لا يمكن أن يكون هناك سلام دائم وآمن للشعب في المنطقة إلا إذا التزم الجانبان بمواصلة تعاونهما بعد الاستفتاء.

إن شمال وجنوب السودان، دون شك، سيحتاجان لبعضهما البعض وأثناء زيارتي كنت أنوي الحصول على انطباع شخصي عن الوضع في السودان قبل أيام من الاستفتاء، وللتيقن والتأكد أن كلا الجانبين سيلتزم بالترابط الذي يجعل من الضروري أن يتعاونا بشكل وثيق بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء.

* كيف كانت ردود فعل الطرفان بأرض الواقع؟

- كان رد فعلهما إيجابيا وهما على بينة من حقيقة أنه مهما كانت نتائج الاستفتاء على تقرير المصير لشعب جنوب السودان، فإن المستقبل - وليس فقط في السودان - ولكن أيضا في المنطقة بأسرها يتوقف على وجود عملية منظمة للمضي قدما. من جانب آخر كررت إمكانية أن تقدم النمسا وتوفر خبرة قانونية في مسائل المواطنة التي سوف تنشأ في حالة انفصال جنوب السودان. وقد قبل الطرفان عرضنا.

* هل تسعى النمسا إلى لعب أي دور كوسيط بين الحكومة السودانية والمجتمع الدولي لبناء نوع من اتفاق لإطلاق سراح الرئيس البشير من التهم الموجهة ضده مقابل تحقيق استفتاء سلس؟

- الرئيس البشير لديه دور هام يضطلع به في سياق تحقيق الاستفتاء ومع ذلك لا أرى أي دور للنمسا لتكون بمثابة الوسيط بين السودان والمجتمع الدولي بشأن الرئيس البشير.

* حقيقة يثير اهتمامكم البالغ والزيارات المتبادلة بينكم ومسؤولين سودانيين الكثير من الاهتمام والتساؤلات، هل تخطط النمسا لاستباق فرص استثمار في السودان؟

- أنا لست على علم بأي خطط نمساوية للاستثمار في السودان.

* وماذا عما يدور من حديث عن وجود صفقات لبيع الأسلحة النمساوية التي يسعى الجيش النمساوي للخلاص منها بعد تقليصه.

- القانون النمساوي يحظر بيع الأسلحة التي تصنف وسائل حرب لدول مثل السودان.

* وماذا عن البيع لحكومة جنوب السودان؟

- ينطبق ذلك أيضا على دولة جنوب السودان المستقلة.

* ما انطباعك عن الأوضاع؟ هل كان الحال أسوأ أم أفضل مما كنت متوقعا؟

- لقد جئت إلى السودان بعقل مفتوح من أجل الاستماع إلى أكبر عدد ممكن من السودانيين والحصول على معلومات مباشرة فيما يتعلق مخاوفهم. وعدت معجبا بإيجابية كلا الطرفين والتزام كلا الجانبين بضرورة إجراء الاستفتاء في الموعد الذي حدداه واتفقا عليه وهو التاسع من يناير. هذا لا ينفي وجود الكثير من عدم الثقة بينهما. خلال محادثاتي في السودان وقبل ذلك في فيينا ظهر جليا أنه لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به في السودان من قبل السودانيين وأيضا من القوى السياسية لإحراز تقدم وإذا لزم الأمر فإن النمسا مستعدة للمساعدة في هذا الصدد.