أبو مازن يدعو لصياغة خطة بديلة للمفاوضات.. وينتقد ازدواجية المعايير الأميركية

قال في ذكرى انطلاقة فتح: لن نترك شعبنا في غزة تحت الحصار وقمع الميليشيات الظلامية

TT

دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، اللجنة الرباعية والمجتمع الدولي، إلى صياغة خطة سلام وفق قرارات الشرعية الدولية لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، بدلا من العودة إلى المفاوضات التي وصفها بأنها تحولت إلى عملية لإدارة الصراع وليس لحله.

وقال أبو مازن، في كلمة مسجلة بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين لانطلاق حركة فتح، بثها تلفزيون فلسطين الرسمي، الليلة قبل الماضية: «نطالب اللجنة الرباعية الدولية والمؤسسات الدولية المختلفة، وفي طليعتها مجلس الأمن، بصياغة خطة سلام تتفق وقرارات الشرعية الدولية بدل الاستمرار في عملية أصبحت في الحقيقة إدارة للنزاع لا لحله».

وانتقد أبو مازن بشكل واضح الإدارة الأميركية، قائلا: «يُؤسفنا أن بعض المسؤولين الأميركيين يتحدثون عن مسؤولية الجانبين (عن فشل المفاوضات)، ولعل من المفارقات المثيرة للحيرة أن مسؤولين أميركيين (آخرين) يقولون إنهم لا يعترفون بشرعية الاستيطان، ولا بضم إسرائيل للقدس، ثم لا نلمس أي فعل أو إجراء لمواجهة تمادي إسرائيل في الاستيطان الذي تعلن عنه بشكل سافر».

وأضاف: إننا «على الرغم من معرفتنا بالعلاقات الأميركية - الإسرائيلية الخاصة والمميزة، فإن هناك احتلالا إسرائيليا غير شرعي، وقرارات دولية صوتت عليها أو صاغتها الولايات المتحدة، وتقوم إسرائيل بكل تحد واستفزاز بانتهاكها، بل تستغل - في أحيان كثيرة - الدعم غير المحدود لها فتزداد تصلبا وتشددا وتطرفا، وهو ما يعطي الانطباع لدى أطراف إقليمية ودولية كثيرة، بأن هناك ازدواجية معايير في تطبيق القانون الدولي».

ووصف أبو مازن المرحلة الحالية بالدقيقة والحساسة، مشددا على أن تواصل الاستيطان سيحول دون قيام الدولة الفلسطينية المستقلة والمترابطة جغرافيا، ومحذرا من أن ذلك «سيفرض علينا جميعا خيارات أخرى لا يمكن التنبؤ بما ستؤول إليه». وطالب أبو مازن الحكومة الإسرائيلية بـ«أن تتقدم بمشروعها بشأن حدود الدولة الفلسطينية على الأرض المحتلة عام 1967، وتصورها لموضوع الأمن من خلال الطرف الثالث».

وقال إن «الاتفاق على هاتين القضيتين هو المطلوب اليوم، وهو الذي سيسهل حل بقية القضايا الأساسية». كما توجه أبو مازن للشعب الإسرائيلي، قائلا: «أقول لكم كما قلت في مناسبات سابقة، إن الاستيطان لن يجلب الأمن، وإن الاحتلال لا يمكن أن يستمر إلى الأبد.. إن يدنا ممدودة للسلام، وهو سلام حددت مبادرة السلام العربية كل العناصر التي من شأنها أن تنهي هذا الصراع المزمن، وهي مبادرة تعطي الأمل لشعوب المنطقة ولأجيالها المقبلة».

وتمنى أبو مازن أن يتحول عام 2011 إلى عام يحتفل فيه الفلسطينيون في القدس بإقامة دولتهم، وقال: «إن شاء الله يكون عامنا 2011 في القدس عاصمة دولتنا المستقلة». وأردف: «إن الاحتلال إلى زوال، والدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية آتية لا محالة بإذن الله».

وتطرق أبو مازن إلى بدايات حركة فتح، مدافعا عن تبينها الكفاح المسلح، بقوله: «إن البندقية التي رفعناها لم تكن بندقية عمياء، بل كانت أداة من جملة أدوات أخرى وظفناها في سبيل هدفنا الأسمى، وهو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وعودة لاجئينا وإقامة دولتنا المستقلة». ووصف أبو مازن حركته بأنها «ستبقى رمزا وأملا ورائدة لنضال الشعب الفلسطيني على الرغم من حملات النيل منها وتشويه صورتها وإثارة الفتن في داخلها».

ومضى يقول إن الوضع الآن أصبح مختلفا بفضل التضحيات الكبيرة، مؤكدا أن القضية الأولى الآن «هي وحدتنا الوطنية، وحدة شعبنا في كل أماكن تواجده؛ الوحدة بين القوى السياسية، والوحدة بين الفلسطينيين المحرومين من الاستقلال في وطنهم نتيجة وطأة الاحتلال، وأولئك المحرومين من مجرد العودة إلى ديارهم».

وقال أبو مازن في هذا السياق، منتقدا حركة حماس: «طريقنا الذي اخترناه منذ البداية لتحقيق هدف الوحدة بين كل مكونات شعبنا هو اعتماد الديمقراطية، ومن دون ذلك تسود الفوضى، وتضعف قضيتنا، وهو ما نعاني منه اليوم للأسف، نتيجة الانقلاب الدموي الذي قامت به حركة حماس في غزة ضد الشرعية الفلسطينية».

وأضاف: «إن أحد أهم أسباب ما حصل في قطاع غزة هو فوضى السلاح، والميليشيات العسكرية للتنظيمات، والخروج على قرارات الإجماع الوطني، حيث أودت بوحدتنا، ونحن لن نسمح بها هنا، فالسلاح سلاح واحد، سلاح الشرعية، ولن يكون هناك تقاسم أو محاصصة في هذا الركن الحيوي من أركان وحدتنا ونظامنا الدستوري».

وعلى الرغم من ذلك، طمأن أبو مازن الفلسطينيين بأنه لم ييأس من الحوار مع حماس، وقال: «لا بديل عنه من أجل استعادة وحدة الوطن، ولن نترك شعبنا في قطاع غزة الحبيب يعاني من الحصار الإسرائيلي الظالم، ومن قمع الميليشيات الظلامية، فمعاناتهم هي معاناتنا جميعا، وسنستمر في تقديم مختلف أشكال الدعم المتاحة لهم، كما سنتابع تنفيذ ما ورد في تقرير غولدستون الذي نسيه المزايدون حتى يتم تقديم مرتكبي جرائم الحرب للعدالة الدولية».