معركة الجدار تكلف «بلعين» مزيدا من الضحايا

جواهر تلتحق بشقيقها باسم في المظاهرات الأسبوعية بالقرية

TT

كلف شعار «سنهدم الجدار» أهالي قرية بلعين، القريبة من رام الله، مزيدا من الضحايا في مسيرتها الطويلة في محاربة الجدار الذي يلتف ويخنق القرية التي تحولت لرأس حربة المقاومة الشعبية في الضفة الغربية.

وأعلنت مصادر طبية فلسطينية أمس، مقتل جواهر إبراهيم أبو رحمة، 35 عاما، بعدما استنشقت غازا «ساما» في المسيرة الأسبوعية المناهضة للجدار والاستيطان، أول من أمس.

والتحقت جواهر بشقيقها باسم الذي قتل في أبريل (نيسان) 2009 في ظروف مشابهة، بعدما أصابته قنبلة غاز اخترقت صدره في مظاهرة ضد الجدار.

وخرجت بعد صلاة العصر أمس جماهير حاشدة من بلعين ورام الله، وخرج مسؤولون فلسطينيون، بينهم محافظ رام الله ليلى غنام، ووزير الجدار ماهر غنيم، ورئيس المبادرة مصطفى البرغوثي، لتوديع جواهر إلى مثواها الأخير، بينما عاد منظمو المظاهرات الأسبوعية للتخطيط للمظاهرة المقبلة الجمعة المقبل. وقال راتب أبو رحمة، المنسق الإعلامي للجنة الشعبية لمناهضة الجدار، وأحد أبناء عمومة جواهر: «إنها قضت باستنشاق غاز سام مخلوط بمادة الفوسفور ولم تكن تعاني من أي أمراض قبل ذلك». ونقل أبو رحمة هذا التشخيص عن مسؤولين في وزارة الصحة، على الرغم من أنها لم تدل ببيان حول المسألة. واتهم أبو رحمة الجيش الإسرائيلي بتعمد العنف وقتل جواهر وآخرين، وقال «إنهم أرادوا ارتكاب قتل جماعي، بإطلاقهم هذا الغاز السام.. مئات الجنود كانوا يتدربون لأسبوع على إحباط مسيرة هدم الجدار».

وكانت الفصائل الفلسطينية، تتقدمها فتح، وبحضور رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض قد أطلقت الجمعة الماضي مسيرة «هدم الجدار» في ذكرى الانطلاقة الـ46 للثورة الفلسطينية، لكنهم وجهوا برد إسرائيلي عنيف.

وسبق المظاهرة إعلان إسرائيل لقرية بلعين منطقة عسكرية مغلقة، ومنع دخول المتضامنين والمواطنين وكذلك الصحافيين إليها، بموجب ذلك. وتحظى المظاهرات السلمية بدعم رسمي من السلطة، بخلاف أي تحرك عسكري، وقال فياض، في حفل خطابي قبيل انطلاق مسيرة بلعين، «إن إحياء ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية في بلعين، وبما ترمز إليه من تعبير عن المقاومة الشعبية السلمية، إنما يؤكد التفاف شعبنا الفلسطيني حول هذا الخيار، كحلقة أساسية من حلقات استراتيجية النضال الفلسطيني الراهنة».

وأضاف، «إن تنامي المقاومة الشعبية السلمية ضد الجدار والاستيطان والاحتلال في بلعين كما في قرى وبلدات ومدن وطننا المحتل، إنما يؤكد رفض الشعب الفلسطيني القاطع للاحتلال والجدار والاستيطان، كما يعبر عن تمسك شعبنا بحقوقه الوطنية المشروعة، وفي مقدمتها حقه في العيش بحرية وكرامة في وطن له كسائر شعوب الأرض».

وأكد فياض تعاظم الالتفاف الشعبي حول «استراتيجية الكفاح الفلسطيني بحلقاتها الثلاث المترابطة التي تتمثل في المقاومة الشعبية السلمية ضد الجدار والاستيطان والاحتلال، والنضال السياسي الذي تقوده منظمة التحرير الفلسطينية من أجل تمكين شعبنا من نيل حريته واستقلاله، وكذلك البناء لتحقيق الجاهزة الوطنية من أجل إقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية».

واعتبر فياض أن عام 2011 يشكل بالنسبة للشعب الفلسطيني عام التحدي في نضاله المتواصل لتحقيق موعده الأكيد مع الحرية. معبرا عن الأمل في أن يشهد هذا العام، الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

ويباهي أبو رحمة بأن بلعين استطاعت أمس «توحيد فصائل المقاومة»، وقال «لقد حضروا جميعا لبلعين، واستطعنا هدم أجزاء من الجدار وسنواصل». وأضاف «هدفنا الآن هو هدم الجدار نهائيا، العنف والقتل والاعتقالات لن ترهبنا ولن تجعلنا نعود إلى الوراء أبدا».

والعام الماضي شنت إسرائيل حربا لا هوادة فيها على المقاومة الشعبية، واعتقلت ناشطين بارزين في هذا المجال، بينهم عبد الله أبو رحمة، شقيق راتب، ومتضامنين رحلتهم إسرائيل، كما أعلنت بين الفينة والأخرى قريتي بلعين ونعلين منطقتين عسكريتين مغلقتين، لكن هذه الإجراءات لم توقف المسيرات السلمية، وإن كانت قد خبت في فترات معينة. وأدانت السلطة الفلسطينية أمس، مقتل فلسطينية بالغاز المسيل للدموع واعتبرتها «جريمة حرب إسرائيلية» ضد مدنيين عزل. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات: «ندين بشدة هذه الجريمة النكراء».