قيادي قبطي يتهم جهات خارجية بدس عناصر لتأجيج الأحداث

اعتقال العشرات من مثيري الشغب الطائفي في اشتباكات مع الشرطة.. وتشييع جماعي سريع للضحايا تجنبا لتطور حالة الغضب

TT

في الوقت الذي هتف فيه العشرات من المسلمين والأقباط وهم متشابكو الأيدي، «يحيا الهلال مع الصليب»، في استعادة للمشهد الملحمي للمصريين إبان ثورة 1919 بقيادة «زعيم الأمة» سعد زغلول، لم تسلم واقعة الهجوم الإرهابي على كنيسة القديسين «مار مرقس والأنبا بطرس» من انفلات محدود تجددت فيه الاشتباكات، بين الشرطة وعدد من الأقباط الذين تجمهروا أمام الحاجز الأمني، الذي فرضته قوات الأمن خارج شارع خليل حمادة، الذي تقع به كنيسة القديسين ومسجد «شرق المدينة»، وقاموا بترديد هتافات دينية، ورشقوا قوات الأمن بالحجارة والزجاجات الفارغة، وتوجهوا نحو سيارات الأمن المركزي المتمركزة بشارع العيسوي المتقاطع مع شارع خليل حمادة وحاولوا تحطيمها، ونجحوا في تهشيم الزجاج الأمامي لعدد من السيارات، وذلك بسبب رفض قوات الأمن السماح لهم بالدخول إلى الكنيسة كإجراءات أمنية احترازية لمنع تجدد الأحداث.

وتعامل رجال الأمن معهم أمنيا، وشهد شارع العيسوي والشوارع المحيطة به مطاردات أمنية واسعة النطاق ما بين قوات الأمن ومثيري الشغب من الجانب القبطي، وألقي القبض على العشرات منهم.. كما أطلقت قوات الأمن الغازات المسيلة للدموع لتفريق المتجمهرين.

وكانت اشتباكات أيضا قد وقعت ما بين قوات الأمن المصري ومجموعة من الأقباط من أهالي المصابين قبل الاشتباكات الأخيرة بساعتين أمام مستشفى شرق المدينة، حينما حاول بعض الأقباط التعدي على سيارات خاصة موجودة بالشارع، وقاموا برشق المارة بالطوب، الأمر الذي دعا قوات الأمن للتدخل، حيث تمت السيطرة على الموقف وإبعاد المحتجين دون إلقاء القبض على أحد.

وقال جوزيف ملاك، أحد محامي الكنيسة بالإسكندرية، عضو اللجنة القانونية بالإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط» إن قيادات من المجلس الملي والكنيسة تناشد، منذ وقوع حادث الانفجار، القيادات الأمنية التعامل بشيء من الصبر قليلا مع غضب بعض الشباب الأقباط الذين فقدوا ذويهم بالحادث، وتفهمت القيادات الأمنية ذلك بصدر رحب «ووعدونا بعدم إلقاء القبض على أحد من الشباب تقديرا لظروفهم الإنسانية الصعبة..». وتابع: «أؤكد أن الأقباط لا يمكن أن يكونوا هم الذين يقومون بأعمال عنف ضد قوات الأمن».. واتهم ملاك عناصر أجنبية بالاندساس وسط الأقباط لتأجيج الاحتقان الطائفي وإشاعة جو من الفوضى، الأمر الذي ترفضه الكنيسة المصرية تماما.

وكشف ملاك عن أن «الموعد الذي تجددت فيه الاشتباكات يتزامن مع موعد تشييع جثامين الضحايا من دير مار مينا بمنطقة كينج مريوط النائية التي تبعد عن الإسكندرية نحو 40 كيلومترا، وهذا بحد ذاته يثبت أن الأقباط الذين وقعت منهم الاعتداءات ليسوا من أهالي الضحايا، الذين لا يمكن بحال من الأحوال أن يتركوا جنازات أبنائهم وذويهم وأن يتجمهروا للاشتباك مع رجال الأمن في منطقة سيدي بشر، التي تبعد نحو 40 كيلومترا عن مكان الجنازات».

وأكد ملاك أن قرار دفن جميع الضحايا بدير مار مينا قد تم اتخاذه من قبل القيادات الكنسية في سابقة فريدة من نوعها، إذ لا يسمح بالدفن بالدير إلا للرهبان والقساوسة فقط، إلا أن السماح لأهالي الضحايا بدفن ذويهم بالدير يعد نوعا من التكريم الخاص لهم.

وقد جرى مساء أمس تشييع جنازة 21 من ضحايا الهجوم الإرهابي على كنيسة القديسين بالإسكندرية بدير مار مينا بالساحل الشمالي لمصر في حضور آلاف الأقباط الغاضبين. ولا تزال 3 جثث غير معروفة الهوية. وقال كميل صديق، عضو المجلس الملي السكندري لوكالة الأنباء الألمانية، إن قرار التعجيل بالتشييع جاء لتجنب تطور حالة الغضب الموجودة بين الأقباط إذا ما تم تشييع الجنازة صباح اليوم، خاصة مع توافد المصلين على الكنائس لصلاة قداس الأحد.

وأكد صديق أن هناك حالة من الحزن الصامت لدى الأقباط، معربا عن أمله في أن يسيطر الناس على مشاعرهم، ولا تتحول إلى عنف. ودفن الضحايا في مقبرة جماعية بالدير.

وقال شهود عيان إنه كان هناك تقريبا ألف شخص داخل الكنيسة التي وقع أمامها الانفجار، الذي وقع قبل منتصف الليل، وقال ماركو بطرس (17 عاما) وهو أحد المصابين، كل ما سمعته هو انفجار مدو، وفقدت السمع مؤقتا بعدها، وكل ما رأيته هو أجزاء بشرية متناثرة ودماء.