21 قتيلا و79 مصابا في تفجير إرهابي أمام كنيسة بالإسكندرية

مصدر أمني: العملية انتحارية.. وأصابع الاتهام تتجه لجهات خارجية

مسؤول أمني يعاين السيارة التي انفجرت أمام إحدى كنائس الاسكندرية أمس وأوقعت قتلى وأصابت العشرات (أ.ف.ب)
TT

أطل الإرهاب برأسه من جديد على مصر مع أول أيام العام الجديد، بانفجار وقع الليلة قبل الماضية أمام كنيسة القديسين «مار جرجس والأنبا بطرس» بمنطقة سيدي بشر، شرقي محافظة الإسكندرية شمال غربي القاهرة. وأسفرت الجريمة عن مقتل 21 شخصا وإصابة 79 آخرين أغلبهم من المسيحيين، حسب آخر الإحصاءات، من بينهم ضابط شرطة و3 جنود كانوا يحرسون الكنيسة. وأصدر الرئيس المصري حسني مبارك توجيهاته بسرعة ضبط مرتكبي الجريمة، داعيا مواطنيه، مسلمين ومسيحيين، إلى «أن يقفوا صفا واحدا في مواجهة قوى الإرهاب والمتربصين بأمن الوطن واستقراره ووحدة أبنائه».

وقال مصدر أمني بوزارة الداخلية المصرية: إن انفجارا وقع الساعة الـ12.20 مساء أمس، عشية أول أيام العام الجديد أمام كنيسة «القديسين مار جرجس والأنبا بطرس»، موضحا أن الانفجار أوقع قتلى ومصابين وأحدث تلفيات بمبنى الكنيسة و15 سيارة كانت متوقفة في الشارع. ونفى المصدر أن يكون الانفجار قد نجم عن سيارة ملغومة، وقال: «من خلال عمليات الفحص لمكان الانفجار تأكدنا من عدم وجود نقطة ارتكاز للتفجير بإحدى السيارات أو بالطريق العام، بما يرجح أن العبوة التي انفجرت كانت محمولة من شخص انتحاري لقي مصرعه».

وأوضح المصدر أن فحوصات المعمل الجنائي أكدت أن العبوة الانفجارية التي تسببت في الحادث محلية الصنع، وتحتوي على «صواميل ورولمان بلي» لإحداث أكبر عدد من الإصابات، وأن الموجة الانفجارية، التي تسببت في تلفيات بسيارتين كانتا موضع اشتباه، كان اتجاهها من خارج السيارتين وبالتالي لم تكن أي منهما مصدرا للانفجار. وقال المصدر: «إن ملابسات الحادث في ظل الأساليب السائدة حاليا للأنشطة الإرهابية على مستوى العالم والمنطقة، تشير بوضوح إلى عناصر خارجية قامت بالتخطيط له ومتابعة التنفيذ، فضلا عن تعارض ظروف ارتكاب الحادث مع القيم السائدة في المجتمع المصري، وفى ظل ارتكابها في مناسبة يحتفل بها المسيحيون والمسلمون على حد سواء بروح من التآخي بمقومات راسخة لوحدة نسيج المجتمع المصري».

وأشار إلى أنه من بين المصابين ضابط وثلاثة جنود كانوا معينين لحراسة الكنيسة وتأمين احتفالات المسيحيين بأعياد الميلاد، في جميع الكنائس على مستوى مصر في ظل التهديدات المتصاعدة من تنظيم القاعدة.

كانت روايات متضاربة لكيفية وقوع الحادث قد ترددت أمس، منها: أن الانفجار نجم عن سيارة ملغومة كانت متوقفة أمام الكنيسة، بينما قال شاهد عيان تحدثت معه «الشرق الأوسط»: «قبل الانفجار بلحظات رأينا سيارة تتوقف بجوار الكنيسة وترجل منها شخصان ألقيا شيئا ما أسفل سيارة كانت متوقفة أمام الكنيسة ومملوكة لأحد الأشخاص الذين يترددون بشكل دائم على الكنيسة وسرعان ما انفجرت السيارة». وعقب الحادث، وقعت مصادمات طائفية بين المسلمين والمسيحيين في المنطقة المحيطة بالكنيسة واستمرت على مدار يوم أمس، وأسفرت عن تحطيم مسجد مواجه للكنيسة، وتدخلت قوات الأمن لإعادة الهدوء في المنطقة وفرضت وجودا أمنيا مكثفا.

من جانبه، قال الدكتور عبد الرحمن شاهين، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة: إنه تم إرسال طائرة الإسعاف الطائر إلى الإسكندرية لنقل عدد من المصابين ذوي الحالات الحرجة إلى مستشفى معهد ناصر بالقاهرة لتلقي العلاج اللازم.

كان تنظيم القاعدة قد أطلق تهديدات في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي تستهدف الكنائس والمسيحيين في مصر، بسبب ما قال إنه احتجاز لمسيحيات أسلمن في الأديرة، ومنذ ذلك الوقت وتفرض السلطات الأمنية المصرية إجراءات أمنية مشددة حول الكنائس.

واتهم الأنبا آرميا، سكرتير البابا شنودة «أيادي غير أمينة» بالوقوف وراء الحادث، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تلك الأيادي تعبث بأمن الوطن ولا تهدف لأي خير». ورفض اتهام جهة معينة بالمسؤولية عن الحادث، وقال: «لو أن تنظيم القاعدة هو المسؤول لأعلن ذلك على الفور كما تعودنا، لكن هذا لم يحدث حتى الآن».

ونفى الأنبا آرميا ما تردد عن إلغاء احتفالات عيد الميلاد المقرر إقامتها ليلة السابع من يناير (كانون الثاني) المقبل، وقال: «كل الأمور تسير كما هي، وتم توزيع الدعوات، ولا نية لدينا لإلغاء الاحتفال».

وقال: «إن البابا شنودة أوفد الأنبا باخوميوس، أسقف البحيرة، فقط لمتابعة الحادث لتسهيل الأمور للمصابين والتنسيق مع الجهات المعنية»، نافيا أن يكون البابا قد شكل أي لجان كنسية لإعداد تقارير عن الحادث، ووجه الشكر لرجال الأمن المصري على ما بذلوه من جهد.

من جانبه، تفقد اللواء عادل لبيب، محافظ الإسكندرية، موقع الانفجار وزار المصابين في المستشفيات المختلفة بالإسكندرية، وقرر صرف تعويضات عاجلة لأسر المتوفين والمصابين.

وقال لبيب لـ«الشرق الأوسط»: «إن الحادث وقع في الطريق العام، وهو ما يدل على أن الكنيسة في ذاتها لم تكن هي المستهدفة ولكن المستهدف هو المارة بصفة عامة»، مضيفا: «هناك مسجد مواجه للكنيسة والانفجار قد وقع على بعد خطوات منه أيضا، مما يؤكد أن الحادث إرهابي بالدرجة الأولى وليس طائفيا». ولم يستبعد لبيب ضلوع تنظيم القاعدة في المسؤولية عن ذلك الحادث الإرهابي، وقال: «إنه احتمال قائم، والتحقيقات سوف تؤكده أو تنفيه». وتحتفل الكنائس الأرثوذكسية في مصر بعيد الميلاد ليلة السابع من يناير من كل عام؛ حيث تقيم قداسات يحضرها آلاف المسيحيين، كما يرأس البابا شنودة قداسا بمقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية يحضره مندوب عن الرئيس مبارك وعدد من الوزراء وكبار رجال الدولة وآلاف المسيحيين.

كانت كنيسة القديسين قد تعرضت في عام 2006 لاعتداء من شخص مختل عقليا يحمل سكينا وقتل مسيحيا واحدا وأصاب آخرين.