بلخادم يكشف عن الإعداد لوثيقة تحمي الذاكرة الجزائرية من محاولات فرنسا «تزوير التاريخ»

ردا على اليمين الفرنسي الذي يحضر لقانون يعيد الاعتبار للجزائريين الذين حاربوا ثورة التحرير

TT

أعلن عبد العزيز بلخادم، وزير الدولة الجزائري الممثل الشخصي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، عن مساع لإعداد «عمل وطني موسع»، قال إنه يستهدف «التصدي لمحاولات فرنسا تزوير التاريخ». وتحدث عن «ورقة تلتقي حولها القوى السياسية والمجتمع المدني، من أجل مواجهة التحديات ذات الصلة بالذاكرة والاستعمار».

وذكر بلخادم، في مقال صحافي نشرته جريدة «ليبرتيه» الناطقة بالفرنسية أمس، أن سنة 2011 ستشهد تنظيم مؤتمر كبير بمناسبة «عيد النصر» الذي تحتفل الجزائر به في 19 مارس (آذار) من كل عام. ففي هذا التاريخ من عام 1962 أعلن عن وقف إطلاق النار بين مجاهدي حرب التحرير والحكومة الفرنسية، تمهيدا لتنظيم استفتاء حول تقرير المصير جرى في 3 يوليو (تموز) من العام ذاته، وانتهى بعد يومين بالإعلان عن استقلال الجزائر بعد 132 عاما من الاحتلال.

وأفاد بلخادم بأن أحزاب «التحالف الرئاسي» الثلاثة، هي التي ستشرف على تنظيم المؤتمر «الذي سيكون نواة عمل وطني موسع يهدف إلى التصدي لمحاولات فرنسا تزوير التاريخ».

ويتكون «التحالف» الداعم لسياسة الرئيس بوتفليقة من حزب «جبهة التحرير الوطني» (أمينه العام هو بلخادم)، وحزب «التجمع الوطني الديمقراطي» (أمينه العام رئيس الوزراء أحمد أويحيى)، وحزب «حركة مجتمع السلم» الإسلامي.

وأوضح بلخادم أن ما سماه «المحاولات الفرنسية لتزييف التاريخ، تزداد كثافة من سنة لأخرى، والغرض منها تجنب تقديم الاعتذار للشعب الجزائري، على كل جرائم الإبادة والتقتيل والتعذيب والتهجير المقترفة بحق الجزائريين»، وذلك في إشارة إلى مجموعة من النصوص القانونية أثارت في وقت مضى، وما زالت تثير، حفيظة الجزائريين على المستويين الرسمي والشعبي. أهمها قانون صدر مطلع 2005 بفرنسا تناول «الجوانب الإيجابية والحضارية للوجود الفرنسي بشمال أفريقيا».

وفهم الجزائريون ذلك على أنه تمجيد للاستعمار، وتسبب القانون في أزمة حادة في علاقات البلدين، وانتهى الأمر بتدخل الرئيس السابق جاك شيراك لحذف مادة القانون محل استياء الجزائر.

ويقصد بلخادم أيضا تحضيرات يجريها اليمين الفرنسي الحاكم لإعداد نص قانوني جديد لعرضه على البرلمان العام المقبل بمناسبة مرور 50 سنة على خروج فرنسا من الجزائر.

وقال بلخادم لـ«الشرق الأوسط»: إن القانون المرتقب «يتضمن أشياء خطيرة، من بينها: أنه يطالب بإعادة الاعتبار للحركيين الذين تعاونوا مع المستعمر ضد الجزائريين وثورتهم». ويعيش بفرنسا المئات ممن تعاونوا مع الحكومة الاستعمارية ضد ثورة التحرير (1954 - 1962)، وقد رحلوا إلى فرنسا مباشرة بعد الاستقلال. وهؤلاء ممنوعون من دخول الجزائر رسميا، وهناك رفض شعبي ورسمي لزيارة أبنائهم وأحفادهم المولودين بفرنسا، أرض الجزائر.

ولم يوضح بلخادم بالتحديد ما هو «العمل الوطني» الذي سيتم الإعداد له ضد القوانين الفرنسية «الممجدة للاستعمار والمتعاونين معه»، واكتفى بالقول: إن ذلك «سيكون خطوة في مسار طويل، سيشكل قاعدة عمل تجتمع حولها كل القوى الوطنية السياسية والمجتمع المدني»، مشيرا إلى أن هذا المشروع «سيتحقق من خلال إطلاق نقاش مفتوح وموضوعي، تتمخض عنه وثيقة تتضمن المبادرات الواجب علينا إعدادها من أجل التصدي لكل التحديات ذات الصلة بالذاكرة والاستعمار». ويقصد بـ«الذاكرة» جزائريا: تجريم الاستعمار ودفع فرنسا إلى «الاعتراف بالذنب».

وتفيد مصادر تتابع المشروع بوجود إرادة سياسية في الدولة غير معلنة، لإصدار بيان من طرف أحزاب «التحالف» يدين الاستعمار ويعتبره «جريمة ضد الإنسانية»، ويدعو إلى التعامل مع فرنسا من موقع محتل سابق ما لم يصدر عن مسؤوليها اعتراف صريح بجرائم الاستعمار، ومصحوب بالاعتذار.

وتستبعد المصادر أن تأخذ المبادرة شكل نص قانوني ضد فرنسا، تجنبا للمساس بالمصالح الاقتصادية بين الدولتين.