الـ«فيس بوك» يعيد إلى الأذهان مشاهد الوحدة الوطنية في ثورة 1919

شعارات «يحيا الهلال مع الصليب» و«يا نعيش سوا يا نموت سوا» تتدفق من صفحات المصريين

TT

لم تقتصر ردود الفعل تجاه حادث التفجير أمام كنيسة «القديسين مار مرقس الرسول والأنبا بطرس» بحي سيدي بشر بالإسكندرية على المستوى الدولي والعربي والمحلي فقط، بل امتدت إلى عالم الإنترنت الافتراضي، خاصة موقعي «فيس بوك» و«يوتيوب» والمدونات الشخصية، حيث كانت أكثر قدرة على نقل المشاعر وردود الفعل والتضامن مع قتلى ومصابي الحادث والمشاركة في مواساة أسرهم بشكل خاص، ومسيحيي مصر بشكل عام.

فعلى الـ«فيس بوك» كان اللافت هو تغيير أعضاء الموقع لصورهم الشخصية على «البروفايل» الخاص بهم، حيث قام المئات بوضع صورة يتعانق فيها الهلال مع الصليب، دلالة على الوحدة الوطنية، معيدين إلى الأذهان الصورة الراسخة التي شهدتها ثورة عام 1919، ولكن بطريقة تتماشى مع التكنولوجيا الحديثة.

كما تبارى عدد من الأعضاء في رفع صور ذات مغزى، مثل صورة للأيدي تدعو الله، مرسوم على إحداها الهلال والأخرى الصليب، وصور أخرى تحمل عبارات مثل «لا للإرهاب»، «الإرهاب لا دين له»، «صرخة ألم قبطية». بينما انتشرت بكثرة على صفحات الموقع صورة مرسومة لمئذنة مسجد وبرج كنيسة يطل منهما شيخ وقس يحاولان التصافح، ومن تحتهما يوجد شخص ملامحه صهيونية يحاول إبعادهما عن بعضهما، في إشارة إلى وقوف إسرائيل وراء التفجير.

أما التعليقات والحالة الشخصية (Status)، فدارت غالبيتها حول الحادث والتأكيد على رفضه والتنديد به، ورفض أي محاولات للوقيعة بين المسلمين والمسيحيين، في حين اتجهت تعليقات أخرى إلى تحليل ما وراء الانفجار والمتسبب به، بينما فضل البعض ألا يقف موقف المتفرج والاكتفاء بكتابة كلمات المواساة والشجب، حيث اتخذت مشاركته شكلا أكثر فاعلية بالدعوة إلى أهمية التبرع بالدم لصالح مصابي الانفجار، وذكر حسابات التبرع لصالحهم.

كما نشط أعضاء الـ«فيس بوك» في رفع مقاطع فيديو تصور مشهد الجثث والمصابين أمام الكنيسة، ومشاهد أخرى لاشتباك بين المسيحيين ورجال الشرطة.. أما المقطع الأكثر تداولا، فكان بث ما سجلته الدائرة التلفزيونية المغلقة (كاميرات المراقبة) داخل الكنيسة لحظة الانفجار، التي تظهر المسيحيين أثناء تلاوتهم للصلوات، ثم صوت الانفجار، وهو ما أعقبه هرج ومرج كبيران، ومحاولة الكاهن تهدئة الجموع التي أصابها الذعر، قائلا: «ما فيش حاجة، ما تخافوش».

ولم تمر ساعات قليلة على وقوع الحادث، إلا ودشن عدد من مستخدمي الـ«فيس بوك» صفحات ومجموعات خاصة به، حيث نقلت نبض الشارع المصري، كتعبير حقيقي عما يدور في البيوت والشوارع من ردود فعل.

وحملت هذه المجموعات بعض الاقتراحات والأفكار والمبادرات الشبابية، منها اقتراحات بضرورة مشاركة المسلمين لإخوانهم المسيحيين في صلاتهم واحتفالهم بعيد القيامة مساء السادس من يناير (كانون الثاني) الحالي، سواء في الكاتدرائية بحي العباسية بالقاهرة أو في أقرب كنيسة لكل فرد مسلم، واقتراح آخر بالمساهمة في حماية الكنائس بتطويقها من المواطنين المسلمين، وهو ما جاء في أكثر من مجموعة، وجاء اقتراحها تحت شعار «يا نعيش سوا يا نموت سوا»، بينما وجه الكثير من شباب الإسكندرية دعوة إلى تنظيم وقفة صامتة على الكورنيش، تنديدا بما حدث، تضامنا مع أهالي الضحايا.

ومن أبرز هذه المجموعات «يوم السواد» التي بلغ عدد أعضائها 6 آلاف عضو، ويقول تعريفها «كلنا مدعوون لأن نناجي ربنا، مسلمين وأقباطا، حتى نزيح عن مصر شبح الفتنة.. فلنتوجه كلنا لله بالدعاء أن يحفظ مصرنا من كل سوء».

أما مجموعة «أنا وأخويا ضد الإرهاب»، فجاء على التعريف الخاص بها «الفكرة مش فكرة مسلمين قتلوا مسيحيين، الفكرة أن إرهابيين قتلوا مصريين، الإرهاب مالوش دين ولا وطن».

إلى جانب مجموعات أخرى حملت عنواني «مسلم ومسيحي كلنا مصريين.. معا ضد الإرهاب»، و«مسلمون ومسيحيون ضد حادث الكنيسة»، كما حملت أكثر من مجموعة اسم «أنا مصري ضد الإرهاب». وعلى العكس كانت الحال في الصفحة الخاصة بالكنيسة ذاتها على الـ«فيس بوك» التي تحمل عنوان «كنيسة القديسين مار مرقس الرسول والأنبا بطرس خاتم الشهداء»، فلم تشهد الصفحة الكثير من المشاركات، حيث دارت حول ذكر أسماء القتلى من المسيحيين ودعوة لعدم حدوث اشتباك بين المسيحيين والمسلمين لعدم إشعال الموقف.

الأمر لم يختلف في موقع «يوتيوب»، الذي شهد إقبالا كبيرا لمشاهدة مقاطع الفيديو الخاصة بالانفجار، حيث وصل عدد المشاهدات لكل منها إلى الآلاف من مستخدمي الموقع، منها مقطع بعنوان «تفجير سيارة مفخخة أمام كنيسة القديسين بشارع خليل في الإسكندرية» الذي تخطت مشاهداته 102 ألف مشاهدة.

وكعادتها في التفاعل مع الأحداث السياسية؛ نشطت حركة التدوين عقب الحادث، وقام عدد من المدونين بالكتابة والتعليق على الانفجار وطرح انطباعاتهم عنه، أو إدراج صور من الحادث والكنيسة.