المواقف لا تزال متباعدة من التسوية.. وحزب الله يطالب بوقف «مؤامرة» المحكمة الدولية

قيادي في «المستقبل» لـ «الشرق الأوسط»: من يسعى إلى إلغاء المحكمة لا يبحث عن حل

TT

لا تزال وجهات النظر متباعدة بين فريقي 8 و14 آذار، لا سيما بين حزب الله وتيار المستقبل، حول نظرة كل منهما إلى التسوية السعودية - السورية، ومقاربة كل طرف للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وفي وقت أكد فيه تيار «المستقبل» أنه لا صفقة ولا تسوية على حساب المحكمة، جدد حزب الله وصف المحكمة بأنها «مؤامرة أميركية - إسرائيلية تهدف إلى ضرب المقاومة وتجريدها من صفتها» وطالب بوقفها.

قيادي في تيار المستقبل أكد لـ«الشرق الأوسط» أن من «يريد، عبر التسوية السعودية – السورية، إنهاء المحكمة الدولية، لا يبحث عن حل ولا يسعى إلى ملاقاتنا في منتصف الطريق، إنما يطلب منا الاستسلام لمشيئته والانصياع إلى شروطه، وهذا لن يحصل تحت أي ظرف». ورأى أن «المحكمة أنشئت بطلب لبناني ورغبة عربية ودولية من أجل الوصول إلى الحقيقة والعدالة، وبالتالي لن تكون العدالة التي انتظرناها طويلا موضع صفقة أو عرضة للمقايضة، وإن الساعين إلى ذلك إنما يراهنون على سراب»، مؤكدا أن «المبادرة العربية تنطلق من مسلمتين أساسيتين، الأولى: التشديد على قيام المحكمة بدورها بعيدا عن التأثيرات السياسية لمعرفة من ارتكب جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وباقي الشهداء، والثانية: تدارك تداعيات القرار الاتهامي وحماية الاستقرار في لبنان وتأكيد عدم استهداف حزب الله كمقاومة ولا أي فريق لبناني آخر، وأن يكون الاتهام موجها إلى الأشخاص المتورطين بالاغتيالات ومبنيا على أدلة وإثباتات لا لبس فيها»، مشيرا إلى أن «الأمن والاستقرار في لبنان سيبقيان تحت المظلة العربية، خصوصا السعودية - السورية».

وجدد عضو كتلة المستقبل، النائب عمار حوري، تأكيده أن «المحكمة أصبحت واقعا لا قدرة لأحد ولا إرادة للتأثير عليها»، موضحا أن «الجهد السوري - السعودي موجه لمرحلة ما بعد القرار الاتهامي»، آملا في «ألا تكون هناك أسماء لبنانية في القرار الاتهامي»، مشددا على أن «المراد من الحقيقة والعدالة حماية الحياة السياسية في لبنان». ورأى أن «تصوير القرار الاتهامي على أنه خراب لبنان ليس صحيحا، بل محاولة إلغاء المحكمة هي التي ستؤدي إلى تشجيع المجرم على إدامة المسلسل الدموي في لبنان». ولفت إلى أن «القضية قضية مستقبل لبنان وحماية الأجيال المقبلة من الجريمة السياسية وليست ثأرا». وقال: «إن الموقف الرسمي السوري سمعناه على لسان الرئيس السوري بشار الأسد في قطر وباريس ومن قبل عدد من المسؤولين السوريين؛ إذ أكد هذا الموقف وجوب أن يتضمن القرار الاتهامي أدلة واضحة، كما سمعنا رفضا لتسييس المحكمة، فنحن نوافق هذا الكلام ونصر عليه، ونحن نعول على الموقف الرسمي السوري وليس على التسريبات الإعلامية من هنا وهناك».

في المقابل، أعلن نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، نبيل قاووق، أنه «لن يتم السماح بحصول أي تسلل إسرائيلي تحت ستار المحكمة الدولية لاستكمال أهداف حرب يوليو (تموز) 2006». وشدد على ضرورة «الوصول إلى مرحلة يتم فيها الاقتراب شيئا فشيئا من مسعى عربي ينقذ لبنان من حقل الألغام»، مشددا على أن «ركيزة أي حل للأزمة الراهنة في لبنان تقتضي أن يكون هناك موقف لبناني موحد يرفض استخدام المحكمة الدولية كسلاح لطعن ظهر المقاومة».

ورأى عضو كتلة حزب الله، النائب نواف الموسوي، أن «جون بولتون هو من أدار عملية إقرار المحكمة الدولية وهو من اخترع المحكمة الدولية، عندما كان المندوب الأميركي في مجلس الأمن، ويعرف لماذا اخترعت المحكمة». وسأل: «ما هذه المؤامرة، قرار مزور باطل وجائر لتوجيه الاتهام إلى حزب الله باغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري؟»، لافتا إلى أن «هدف المسعى السوري - السعودي هو وقف هذه المؤامرة ومنعها؛ لذلك كان تعاطينا إيجابيا مع المسعى؛ لأنه جاء استجابة لوقفة وقفها الأمين العام للحزب (السيد حسن نصر الله) ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم حيال ما يدبر للبنان». وأمل الموسوي في أن «تتوقف مؤامرة المحكمة الدولية الأميركية - الإسرائيلية التي تحاول نزع صفة المقاومة عن المقاومة»، متمنيا أن «يكون في نجاح المسعى السوري - السعودي طريق إلى إنهاء التوتر السياسي والمذهبي والطائفي في لبنان».

وأكد عضو كتلة حزب الله، النائب نوار الساحلي، أن «المسعى السعودي - السوري جدي»، متمنيا أن «تكون خواتمه سعيدة لجهة إيجاد حل للأزمة اللبنانية»، وقال: «للمرة الأولى هناك مسعى سري لدرجة أن قلة يعرفون تفاصيله، سيفضي إلى حل لمشكلة ما يسمى بالمحكمة الدولية والقرار الظني الذي لا علاقة له بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، بل هو يهدف لضرب المقاومة، إلا أن جزءا كبيرا من أهداف هذه المؤامرة قد تم إفشاله».

بدوره، سأل عميد «الكتلة الوطنية» كارلوس إده: «لماذا يريد حزب الله أن يحمل الطائفة السنية والطائفة الشيعية تبعات اتهامه إذا كانت هناك مسؤولية معينة تقع على عاتقه في هذه الجريمة؟». ولفت إلى أن «تسييس المحكمة يتم في لبنان وليس في لاهاي أو في أي من عواصم العالم». وقال: «في كل الأحوال إذا كانت الأدلة مفبركة والوقائع التي يستند إليها التحقيق والقرار الاتهامي غير صحيحة سيكون هناك محامون من الدرجة الأولى سيلفتون النظر إلى هذه الفبركات وسنكون في (الكتلة الوطنية) أول المدافعين عن أي مظلوم». وعن المسعى السعودي – السوري، قال إده: «المظلة السعودية – السورية تساعد على وقف التدهور لفترة قصيرة، ولكن على المدى الطويل يجب العودة إلى مفهوم الدولة واستقلالية القضاء، خصوصا أن محاسبة المسؤولين هي وحدها التي تحافظ على الأمن الداخلي؛ لأن أي فئة مستهدفة بطريقة غير عادلة سيكون لها رد فعل».

وشددت «الجماعة الإسلامية» وحزب «البعث العربي الاشتراكي» في بيان مشترك لهما، على «تحصين الساحة الداخلية وعدم تحويل المحكمة الدولية إلى أداة للفتنة بين اللبنانيين». وأكدا «الدور الأخوي للشقيقة سورية في دعم وحدة لبنان واستقراره ومنعته، والمتكامل مع الدور السعودي في مسعى صادق لإنقاذ لبنان من الشرور والفتن».