واشنطن تنوي إرسال نوع جديد من الطائرات من دون طيار إلى أفغانستان

كل شيء يمكن رؤيته بفضل 9 كاميرات قادرة على نقل 65 صورة مباشرة

TT

في الأزمنة القديمة كانت «الغرغون» من كائنات الأساطير اليونانية.. لديه عينان لا تطرفان قادرة على تحويل أي إنسان ينظر إليهما إلى حجر. قد يكون أكثر المعدات العسكرية الجديدة قيمة هو «غرغون» هذا الزمان.

وتستعد القوات الجوية في الشتاء الحالي إلى نشر ما تطلق عليه نظام مراقبة جويا ثوريا في أفغانستان وهو «غورغون ستير» الذي سيتمكن من بث لقطات مصورة حية لأي تحرك يحدث في المدينة بأكملها.

ويستطيع هذا النظام، الذي يتكون من تسع كاميرات فيديو مثبتة على طائرة يتم التحكم فيها عن بعد، بث صور حية لجنود على الأرض أو لمحللين يتتبعون أثر تحركات العدو. ويمكن لهذا النظام إرسال 65 صورة مختلفة لمستخدمين مختلفين، على عكس الطائرات من دون طيار التي تلتقط مقاطع مصورة بكاميرا واحدة فوق منطقة ضيقة بمساحة مبنى أو اثنين.

ويقول الميجور جنرال جيمس لوس، نائب مساعد رئيس الأركان لشؤون الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع إنه بفضل هذه الوسيلة الجديدة لن يضطر المحللون إلى تخمين موضع توجه الكاميرا. ويوضح قائلا: «ستتوجه (غورغون ستير) إلى المدينة بأكملها، مما سيجعل من المستحيل على العدو أن يعرف ما الذي ننظر إليه بالضبط بينما نرى نحن كل شيء».

لكن يظل السؤال هو ما إذا كان الجيش قادرا على فرز كم هائل من الصور سريعا بحيث يتم تزويد القوات في الميدان ببيانات مهمة. وأقر مسؤولون أن «غورغون ستير» ستكون ذات قدرة محدودة إلا إذا تم ربطها بالعمل الاستخباراتي البشري المتطور وتقارير شهود العيان بشأن من يقوم بماذا على الأرض.

وتكثف القوات الجوية من مراقبتها في أنحاء أفغانستان بخطى سريعة، حيث تضاعف عدد طلعات المراقبة الشهرية التي تتم بطائرات بطيار ومن دون طيار منذ يناير (كانون الثاني) الماضي ووصلت إلى أربعة أمثال منذ بداية 2009.

ويقول المسؤولون إنهم لا يمكنهم ملاحقة الطلب على هذا النوع من الطائرات. ويقول بوس: «لا يمر علي أسبوع من دون تلقي طلب بزيادة المراقبة الجوية هناك»، لكنه أضاف أن «غورغون ستير» ستقدم «كما كبيرا من البيانات التي تتطلب معالجة».

وقال الجنرال جيمس كارترايت، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة في مؤتمر بمدينة نيو أورليانز في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي: «يجلس المحللون اليوم ويحملقون في (ديث تي في) لساعات طويلة في محاولة للعثور على هدف واحد أو رؤية تحرك وحيد. إن هذا لإهدار لطاقة البشر».

لقد وضح التوق إلى مثل هذه الوسائل التقنية الحديثة في المؤتمر، حيث قال مسؤولون لآلاف من مسؤولي الاستخبارات والصناعة إن عليهم التحرك «بسرعة الحرب». وضغط كارترايت باتجاه تقديم حلول حتى وإن كانت جزئية في غضون عام أو أقل.

بدأ تطوير «غورغون ستير» منذ نحو 18 شهرا، ويقوم هذا التطوير على عمل علماء القوات الجوية الذين خرجوا بفكرة تجميع مختلف الصور من عدة كاميرات تلتقط لقطتين ثابتتين للصور المتحركة في الثانية بدقة تظهر تفاصيل الصورة في نطاق نصف متر. ويمكن حاليا التقاط 30 لقطة ثابتة من الصور المتحركة في الثانية باستخدام كاميرا واحدة مثبتة على طائرة «بريداتور» أو طائرة من دون طيار أكبر حجما. ويساعد هذا على جعل التصوير أكثر سلاسة، لكن تكمن الصعوبة في تجميع اللقطات الثابتة من الصور المتحركة سريعا للحصول على رؤية واسعة النطاق.

لكن يتيح التقدم التكنولوجي للجندي الميداني تلقي أي جزء من صورة بانورامية شاملة في الوقت المناسب من خلال إرسالها إلى جهاز محمول في حجم جهاز الـ«آي باد» على حد قول بوس. في الوقت ذاته يمكن لتسعة جنود الحصول على الصورة نفسها أو صورة مختلفة. وسيتم تخزين الصور بحيث يستطيع المحللون دراستها على سبيل المثال لتحديد الشخص الذي زرع عبوة ناسفة أو نمط الحياة في قرية ما.

وتتلقى القوات الجوية نصائح من ممولي الثقافة الشعبية، حيث تعمل مع شركة «هاريس» على تعديل تقنية شبكة «إي إس بي إن» الخاصة باللحظات المهمة في الشريط المصور لدوري كرة القدم الوطني لتتناسب مع منطقة القتال. فمثلما يستطيع مقدمو الأخبار الرياضية إعادة مجموعة من اللقطات الأرشيفية لهجمات ظهير بفريق كرة القاعدة إلى الذاكرة بمجرد طرده من الملعب، يمكن لأي محلل في أفغانستان استعادة التفجيرات التي حدثت خلال الشهر الماضي على طريق محدد بالضغط على زر، على حد قول المسؤولين.

وقد كلفت القوات الجوية متعهدا بالجلوس أمام برنامج واقع ليتعلم كيفية اختيار المشاهد المثيرة بالتزامن مع تسجيل الكاميرات لما يحدث في المكان. وبالحصول على صفحة إنترنت من شركات تقنية مثل «غوغل»، سيتم تخزين الكم الهائل من الصور المتحركة على مزودات خدمة توجد في حاويات شحن مستخدمة في ولاية آيوا.

وتتطلع القوات الجوية إلى تثبيت كاميرات مراقبة ذات مدى تصوير واسع على مناطيد يمكنها أن تطير لمدة تصل إلى أسبوعين. ويقول ديفيد ديبتولا، الفريق المتقاعد الذي عمل كنائب رئيس الأركان لشؤون الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع: «هذه ما تم التوصل إليه من التكنولوجيا المتطورة خلال فترة قصيرة. بالنظر إلى المستقبل القريب، ما ستسمح لنا هذه التكنولوجيا بفعله هو التخلص من مزيد من القوات البرية وإحلال أجهزة استشعار محلها بدلا من الاعتماد على أشخاص يذهبون إلى مكان ما لاكتشاف أمر ما».

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»