نتنياهو يقلب الموازين: كنت مستعدا لتجميد الاستيطان.. وواشنطن رفضت

قال إنه يريد سلاما مع كل الدول العربية باستثناء غزة «التي تدور في فلك طهران»

TT

فاجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مستمعيه في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست (البرلمان) ومعهم الفلسطينيون والعرب، بقوله إنه كان مستعدا لتمديد إضافي لتجميد الاستيطان مدة ثلاثة أشهر، غير أنه تلقى رسالة من الإدارةا لأميركية بأن «ينسي هذه المسألة»، مضيفا أن «الولايات المتحدة قالت إن التجميد لمدة ثلاثة أشهر لن يؤدي إلى نتيجة إيجابية بل إنه سوف يؤدي إلى طريق لا نهاية له من التجميد تلو التجميد، وإنني وافقت على هذا الرأي».

وقلب نتنياهو بذلك الموازين بعدما كان الاعتقاد السائد لدى الفلسطينيين والدول العربية، وحتى لدى كثير من الإسرائيليين، أن نتنياهو هو الذي رفض وأفشل جهود الأميركيين في هذا الصدد، وهو ما أدى إلى انهيار كامل للمفاوضات بين الجانبين.

وذكر نتنياهو أنه أبدى استعدادا لتمديد التجميد أمام الرئيس الأميركي باراك أوباما، قائلا له إنه قادر على تمرير هذا القرار أمام المجلس السياسي الأمني المصغر، ولكن الرئيس أوباما أسقط هذا الخيار واستبدل به خيار المفاوضات الموازية، أي مفاوضات «تقريب وجهات النظر» بين الجانبين في مواضيع الحل النهائي.

واتهم نتنياهو الفلسطينيين بعرقلة العملية السلمية، وقال إن ائتلافه الحكومي وأي اتفاقات في إطار هذا الائتلاف، لن تمنعه، كما يعتقد، من التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين. وأردف قائلا «قمنا بخطوات عديدة لدفع عملية السلام، جمدنا الاستيطان مدة 9 أشهر، وكنا مستعدين لتمديده 3 أشهر أخرى، إلا أن الفلسطينيين لم يتقدموا قيد أنملة». ومضى يقول: «لقد التقيت مع (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) أبو مازن أكثر من مرة، ولم أجد أي تغيير في مواقفه خلال هذه اللقاءات». وأكد نتنياهو، في سياق تقرير قدمه أمس إلى لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، أن المحاولات لدفع عملية السلام من جديد مستمرة، وأن مبعوثين أميركيين سيصلون إلى البلاد في منتصف هذا الشهر في مسعى لتقليص الفجوات بين مواقف الجانبين من القضايا الجوهرية.

وأوضح نتنياهو أن واشنطن لن تكون شريكة لأي اتفاق سلام يتم فرضه على الجانبين، واصفا مثل هذا الاتفاق، بأنه «محكوم عليه بالفشل». كما توقع نتنياهو الفشل سلفا لأي تحرك فلسطيني للحصول على اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية، باعتبار أن «الكونغرس الأميركي يعارض ذلك».

وادعى نتنياهو أنه اجتاز نقطة اللاعودة فيما يتعلق بعملية السلام مع الفلسطينيين، متسائلا «ما إذا كان الفلسطينيون قد اجتازوا هم أنفسهم هذه النقطة». وقال إنه يسعى للتوصل إلى سلام شامل مع جميع أطراف النزاع في العالم العربي وليس مع الفلسطينيين فقط.

وقال نتنياهو «إن إسرائيل مستعدة بل تريد إجراء مفاوضات مع دمشق ولكن المشكلة تكمن في رغبة السوريين في الحصول على الأرض برمتها قبل بدء التفاوض». واستثنى نتنياهو إمكانية أن يشمل السلام قطاع غزة، وقال «إنه لا يزال يخضع لحكم حركة حماس التي تدور في فلك طهران»، على حد تعبيره.

إلى ذلك، قال نتنياهو إنه يبحث إقامة سياج حدودي على طول الحدود الأردنية للتصدي للتسلل.

وأضاف نتنياهو «ربما يتعين علينا أن نمدد السياج الحدودي الذي نقوم ببنائه على طول الحدود المصرية»، وزاد قائلا «إننا نبحث ذلك، لتفادي التسلل من الدول الأخرى. الخطة تقضي ببناء السياج في منطقة وادي عربة على طول الحدود الأردنية»، مشيرا إلى أن إسبانيا شيدت سياجا لمنع التسلل من دول شمال أفريقيا، في إشارة إلى السياج الذي يفصل مدينتي سبتة ومليلية اللتين تحتلهما إسبانيا عن المغرب.

وأشار نتنياهو إلى «خطر توغل نفوذ إيران في مناطق الضفة الغربية عبر الأردن مما يستلزم وجودا إسرائيليا لسنوات طويلة في غور الأردن».

وحول جهود مصر لمنع التهريب والتسلل، قال إن «مصر تبذل جهودا لمنع التهريب، غير أنه مستمر».

وكان نتنياهو أبدى أول من أمس استعدادا لمقابلة الرئيس الفلسطيني والجلوس معه وجها لوجه حتى يصلوا إلى اتفاق.

وقال نتنياهو تعقيبا على تصريح لأبو مازن قال فيه إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يستطيع التوصل إلى اتفاق سلام خلال شهرين لو أراد، «أنا مستعد للجلوس معه حتى يخرج الدخان الأبيض».

واقترح نتنياهو محادثات متواصلة ومباشرة مع أبو مازن حتى التوصل لاتفاق، داعيا الفلسطينيين إلى ترك موضوع تجميد الاستيطان، والتوجه إلى مفاوضات مباشرة.

وأضاف: «إذا وافق أبو مازن على اقتراحي بمناقشة مباشرة لجميع القضايا الجوهرية، سنعرف بسرعة ما إذا كنا نستطيع التوصل لاتفاق».

ورفضت السلطة اقتراحات نتنياهو التي لا تحمل جديدا، ووصفتها بـ«الفارغة»، وقال صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، «هذا أكثر من كلام فارغ». وكانت السلطة قدمت رؤيتها في جميع قضايا الوضع النهائي للإدارة الأميركية، على أن تنقل واشنطن ذلك لإسرائيل، وتأتي برد وموقف إسرائيلي من هذه القضايا، وهو ما لم يحدث، كما أعلن الرئيس الفلسطيني مرارا.

وقالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أمس، إن إسرائيل رفضت خلال الأسابيع الأخيرة دراسة وثائق رسمية قدمها لها مسؤولون فلسطينيون، وتتضمن المواقف الفلسطينية بشأن جميع القضايا الجوهرية العالقة.

وأضافت الصحيفة أن المسؤولين الإسرائيليين الذين تسلموا هذه الوثائق امتنعوا عن دراستها أو الرد عليها أو إعداد أي وثيقة تتضمن مواقف الجانب الإسرائيلي من هذه القضايا.

واعتبرت «معاريف» أن هذا التصرف الإسرائيلي يتناقض تماما وتصريحات نتنياهو، الذي أكد أكثر من مرة أن إسرائيل مستعدة لمناقشة جميع القضايا الجوهرية مع الجانب الفلسطيني. وعقب ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية على هذا النبأ بالقول «إنه عار عن الصحة».