خلافات بين دائرتي الشرق الأدنى والشرق الأوسط في وزارة الخارجية

الوثائق البريطانية أظهرت أن لندن لا تريد أن تظهر بأنها وراء إسقاط مشروع قرار إسلامي في مجلس الأمن

TT

تتناول «الشرق الأوسط»، لليوم الخامس على التوالي، الوثائق السرية البريطانية التي أزيلت عنها قيود السرية، وتعود لعام 1980، أي بعد 30 عاما من الحظر. وبهذا تلقي الضوء من خلال ذلك على آلية العمل الدبلوماسي البريطاني في المحافل الدولية، خصوصا بما يخص القضايا العربية والإسلامية في منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن. في عام 1980 وبسبب العقبات التي اعترضت اتفاقيات كامب ديفيد، تقدمت المجموعة العربية والإسلامية بمشروع قرار يخص النزاع العربي الإسرائيلي وقضية القدس ويطالب بفرض عقوبات على إسرائيل.

بريطانيا كانت ترى داخليا أن ما يطالب به العرب والمجموعة الإسلامية شيء مشروع في ضوء التعنت الإسرائيلي تجاه القدس والاستيطان والدولة الفلسطينية وتطبيق القوانين الدولية، إلا أن أي خطوة معارضة للمشروع من قبل بريطانيا، سواء امتنعت عن التصويت أو استخدمت حق الفيتو، كانت ستحرجها مع العرب، وإذا عملت غير ذلك فإنها ستغضب إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة التي تحتاج إلى دعم معنوي من بريطانيا حتى لا تظهر أنها الوحيدة التي تدعم إسرائيل.

الوثائق التي أفرج عنها تبين كيف كانت بريطانيا تخطط لتجنب الإحراج، كما أنها كانت لا تريد أن يظهر الفرنسيون بأنهم المدافعون عن القضايا العربية.

وفي وثيقة تحمل توقيع ار مايلز من دائرة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا ومؤرخة في 11 أغسطس (آب) 1980 وتحمل عنوان «مجلس الأمن والنقاش حول القدس» يلخص المسؤول ما يجب عمله من قبل وزارة الخارجية وبعثة بريطانيا لدى الأمم المتحدة حول مشروع قرار المجموعة الإسلامية الذي يطالب بفرض عقوبات على إسرائيل. ويقول «نحتاج أن نقيم ما يمكننا أن نمارسه من ضغوط وتأثير على الآخرين، وكيف علينا أن نصوت في المجلس. توصياتنا: علينا أن نضغط على الفلبين وجامايكا من أجل إقناعهما بالامتناع عن التصويت، كما عملنا مع المكسيك. علينا الاتصال بالمجموعة العربية لشرح الموقف والتأكيد لهم بأننا نشاطرهم قلقهم حول ما تقوم به إسرائيل في القدس.. وعلينا أن نضغط على الفرنسيين من أجل أن يتخذوا موقفا مشابها.. لكن في النهاية علينا أن نمارس حق النقض ونسقط أي قرار يطالب بفرض عقوبات على إسرائيل».

وتحت عنوان «حجتنا» تمضي الوثيقة لتقول: إن فرنسا قد لا تستخدم حق النقض ضد القرار.. ولكن إذا تمكنا من الضغط على دول أخرى غير غربية مثل الفلبين وجامايكا بالتصويت ضد القرار فإنه لن يحصل على الأكثرية المطلوبة وبهذا التصويت ضد القرار من قبلنا أو من قبل الولايات المتحدة على القرار فلن يكون هو الحاسم لإسقاطه.. يجب علينا في النهاية أن نحتمي وراء حق النقض الأميركي.. إذا اضطررنا إلى استخدام حق الفيتو ضد القرار فإن ذلك سيضعف موقفنا في العالم العربي ويهدد مصالحنا.. كما أن ذلك سيعكر أجواء زيارة وزير خارجيتنا القادمة إلى السعودية (وزير خارجية بريطانيا اللورد كارينغتون كان يجهز نفسه لزيارة للرياض).. ومن أجل أن نخفف من حدة وقع تصويتنا، علينا أن نبادر بأن نسحب السم مبكرا من اللسعة، ولهذا فعلى سفيرنا في بيروت أن يتصل بقدومي في منظمة التحرير الفلسطينية، لأن المنظمة تتمتع بتأثير داخل المنظمة الإسلامية، وأن هذا الاتصال سيخفف من الضربة في حالة إسقاط القرار ويظهرنا بأننا نقوم بعلاقات مع الفلسطينيين، على الرغم من أن ذلك يخالف موقفنا المعلن وهو عدم إقامة علاقات مع منظمة التحرير».