60 مصابا بينهم 45 من الشرطة في مظاهرات أمام الكاتدرائية بالقاهرة

استمرار الاشتباكات بين المتظاهرين ورجال الشرطة بعدة محافظات مصرية

TT

استمرارا لموجة الغضب التي لم تهدأ على مدار الأيام الثلاثة الماضية عقب حادث الاعتداء على كنيسة «القديسين» (مار مرقس والأنبا بطرس) بمحافظة الإسكندرية ليلة الاحتفال بالعام الجديد، شهدت الكاتدرائية المرقسية بالعباسية (وسط القاهرة) مظاهرة حاشدة للمسيحيين ومشاركين من المسلمين المتضامنين وصلت أوجها ليلة أول من أمس، وأسفر الصدام بين المتظاهرين والشرطة المصرية عن نحو 60 مصابا من الطرفين وشلل مروري بوسط العاصمة، إضافة إلى خسائر مادية بالسيارات المتوقفة قبالة الكنيسة.. بينما شهدت الإسكندرية حالة من الهدوء المتنامي عقب يومين من التوتر الذي ساد المحافظة.

وشهد مقر الكاتدرائية مظاهرة حاشدة لمسيحيين ومسلمين متضامنين معهم على مدى يومي أمس وأول من أمس دون توقف، حيث هاجموا فيها الحكومة المصرية ووزارة الداخلية لعدم التوصل إلى الجناة مرتكبي الحادث حتى الآن، مطالبين البابا شنودة الثالث، رأس الكنيسة الأرثوذكسية، بوقف استقباله الوزراء والمسؤولين بالمقر البابوي لتلقي العزاء.

وقام المتظاهرون برشق سيارة وزير التنمية الاقتصادية، عثمان محمد عثمان، بالحجارة والعبوات الزجاجية الفارغة مساء أول من أمس (الأحد) إثر خروجه من المقر البابوي لتقديم العزاء للبابا شنودة، حيث اضطر حرسه الشخصي إلى الإسراع بسيارته إلى الشارع الرئيسي فرارا من اعتداء جموع المتظاهرين الأقباط، بينما تم إخراج عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، و3 وزراء آخرين، تزامن وجودهم مع البابا أثناء الاعتداء على وزير التنمية الاقتصادية، من باب خلفي للكاتدرائية للحيلولة دون تعرضهم لاعتداء مماثل.

وقالت مصادر أمنية إن 45 من رجال الشرطة تعرضوا لإصابات وجروح متفاوتة جراء اعتداءات المتظاهرين بداخل المقر البابوي، بينما أصيب 15 من المتظاهرين، حيث تم نقل جميع المصابين، من رجال الشرطة والمتظاهرين، إلى المستشفيات المجاورة لتلقي العلاج والإسعافات اللازمة.

كما قام المتظاهرون بإحداث تلفيات في الكثير من السيارات المتوقفة قبالة الكاتدرائية، وأدت المظاهرات إلى شلل مروري بمنطقة وسط القاهرة استمر لعدة ساعات.. كما شهدت عدة شوارع أخرى وجودا أمنيا مكثفا.

وشهدت المظاهرة تدخلا من اللواء إسماعيل الشاعر، مدير أمن العاصمة، لمحاولة امتصاص الغضب الشعبي، والتأكيد على أن مصر لن تترك حقوق الشهداء ولن تدع الجاني يفلت بجرمه. وكان متظاهرون آخرون قد قاموا بقطع طريق المحور (بين محافظة الجيزة و6 أكتوبر) ليلة أول من أمس تضامنا مع شهداء الحادث الإرهابي، الأمر الذي أدى إلى اشتباكات طفيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن التي حاولت فض المظاهرة لتسيير الحركة المرورية.

كما أسفرت مظاهرة أخرى أعلى جبل المقطم (شرق القاهرة) عن إلقاء المتظاهرين الغاضبين كتلا حجرية فوق السيارات المارة بطريق الأوتوستراد، مما أسفر عن تحطم عدد من السيارات المارة بالطريق. وفي الإسكندرية، بدأ الهدوء يعود إلى المدينة صباح أمس بعد ليلة شهدت مصادمات بين المتظاهرين وقوات الأمن، حيث أقام المسيحيون قداسهم الصباحي بكنيسة «القديسين»، أمس، وسط حراسة أمنية مشددة، بينما تم فتح المسجد المقابل (مسجد شرق المدينة) للمصلين المسلمين، وسط هدوء من الجانبين. يأتي ذلك بعد ساعات من مصادمات بين رجال الأمن ومتظاهرين، عندما قام عدد من الشباب المسيحي بالتظاهر خارج الكردون الأمني المفروض من قبل رجال الأمن على شارع خليل حمادة الكائن به «مسجد شرق المدينة» المقابل له كنيسة «القديسين»، مطالبين بالسماح لهم بالدخول إلى الكنيسة، حيث سمحت قوات الأمن لهم بالمرور عبر الحواجز الأمنية بالشارع وصولا إلى الكنيسة، وهو ما أعقبه تظاهر عدد من المواطنين المسلمين، مطالبين بالدخول للتضامن معهم.. وبعد السماح لهم بالدخول، حدثت مشاحنات بين الفريقين بسبب ترديد بعضهم هتافات دينية، الأمر الذي دعا قوات الأمن لإخراج البعض خوفا من وقوع اشتباكات جديدة. وأدى هذا الأمر إلى اعتراض جانب من المتظاهرين الذين قاموا برشق رجال الأمن بالحجارة، تسبب في تفريق المتظاهرين وإطلاق الغازات المسيلة للدموع. كما شهدت محافظة المنيا (جنوب القاهرة) وقفة احتجاجية غاضبة أمام «مطرانية ملوي»، ولكن كهنة المطرانية تمكنوا من احتوائها والسيطرة عليها. وتضمنت جمل وعبارات المتظاهرين من الأقباط، التنديد بالاعتداء على كنيسة الإسكندرية ورفضهم تقبل العزاء، مطالبين بتوفير ما سموه بالحماية الأمنية الحقيقية للأقباط، كما هاجموا الحكومة والسلطات الأمنية بصفة خاصة لعدم توصلهم إلى الجناة حتى الآن.

وأكدت مصادر أمنية مطلعة أن رجال الأمن حرصوا خلال تلك المظاهرات، التي انطوت على اعتداءات لفظية وبدنية ضد رجال الشرطة، على ضبط النفس وعدم استخدام أي شكل من أشكال العنف المضاد في مواجهة المتظاهرين، وعدم إلقاء القبض على أي منهم، والتجاوز عما بدر منهم مراعاة لظروفهم النفسية جراء الحادث الأليم، بحسب ما أوردته المصادر.

وفي سياق متصل، واصلت الجهات الأمنية جهودها المكثفة للبحث عن الجناة مرتكبي الحادث بين المشتبه فيهم، والذين ألقي القبض عليهم عقب الحادث وعلى مدى ثلاثة أيام.. إلى جانب البحث والتحقيق مع عدد من الأشخاص الذين أشارت كاميرات المراقبة الإلكترونية داخل الكنيسة التي شهدت حادث التفجير، إلى تحركات غير طبيعية لهم تثير الريبة والاشتباه فيهم.

ورجحت مصادر أمنية مطلعة أن الجاني مرتكب الحادث كان يخطط لتفجير الكنيسة من الداخل ليصيب أكبر عدد ممكن من الضحايا القتلى والجرحى.. غير أن وجود عدد من رجال الأمن خارج الكنيسة حال دون إقدامه على ذلك خشية ضبطه، ومنع وقوع الجريمة كما هو مخطط لها، فقام الجاني إما بتفجير العبوة الناسفة أمام الكنيسة وفر هاربا، وإما بتفجير نفسه في عمل انتحاري. إلى ذلك، قالت مصادر بمصلحة الطب الشرعي المصرية إنها تبذل جهودا مكثفة لتحليل عينات الدماء التي عثر عليها بموقع الحادث لاستخلاص الحامض النووي وتحديد هوية أشلاء لـ3 جثث ممزقة بالكامل، يرجح أن يكون من بينها مرتكب الجريمة.

وقامت أجهزة الأمن بتكثيف المراقبة على منافذ الخروج للبلاد، خشية هرب عناصر يشتبه في تورطها بالحادث، إلى جانب البحث عما إذا كان متسللون قد دخلوا البلاد قبل احتفالات أعياد الميلاد لارتكاب تلك الجريمة بشكل خاص.