جمال مبارك: حادث كنيسة القديسين هز مشاعر المصريين.. والشعب لن يسمح بشق الصف الداخلي

البابا شنودة: على ثقة بالأمن في تعقب الفعلة وتقديمهم للعدالة > مفتي مصر: نسعى لقطع الطريق على إضرام نار التوتر الطائفي

TT

قال جمال مبارك، القيادي في الحزب الحاكم نجل الرئيس المصري حسني مبارك: إن حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية هز مشاعر المصريين.. وبينما شدد على أن الشعب لن يسمح لأي محاولة تهدف لشق الصف الداخلي، أعرب قداسة البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عن ثقته، أمس، في جهود الأمن «لتعقب الفعلة والمحرضين والمخططين وتقديمهم للعدالة في أقرب وقت». من جانبه، أعلن مفتي مصر الدكتور علي جمعة أنه يسعى لقطع الطريق على إضرام نار التوتر الطائفي في البلاد على خلفية حادث الكنيسة.

وعبر جمال مبارك، الذي يشغل موقع الأمين العام المساعد وأمين السياسات بالحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم)، عن عميق حزنه وأسفه للاعتداء الآثم الذي تعرضت له كنيسة القديسين ليلة رأس السنة الميلادية، مشددا على أن «هذه الجريمة البشعة لن تنال من وحدة المصريين».

وذكر مبارك الابن، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن الجميع في مصر استقبل بداية العام الجديد بقلوب يعتصرها الألم والحزن على ضحايا هذا الهجوم الدنيء. وأضاف أن كل أسرة مصرية شعرت أنها فقدت أحد أبنائها ضمن ضحايا الحادث، في تضامن ليس بغريب على الشعب المصري. وقال جمال مبارك: «إن الشعب المصري، وهو يتقبل التعازي من جميع دول العالم، ويواسي أسر الضحايا الأبرياء من أبنائه، يؤكد أنه لن يسمح أبدا لأي محاولة لشق الصف الداخلي بتحقيق أغراضها الخبيثة». وأوضح أن هذا الموقف ليس من قبيل الحديث المكرر الذي يتردد في وقت الأزمات فقط، ولكنه واقع يتمسك به ويدافع عنه كل أبناء الشعب المصري، مشيرا إلى أن مصر، حكومة وشعبا، وجهت رسالة واضحة لكل من يقف خلف هذا العمل الإرهابي بأن يد العدالة ستطولهم وتقتص منهم، إن عاجلا أو آجلا.

وأشار جمال مبارك إلى أن الاعتداء الإجرامي الذي تعرضت له كنيسة القديسين هز مشاعر كل المصريين «لكنه لم ولن ينال من وحدتهم وترابطهم»، مؤكدا أن «شعب مصر، بمسلميه وأقباطه، سيظل يجمعه تاريخ واحد ومصير واحد ووطن واحد، ولن تفلح أي محاولات للمساس بوحدته وأمنه». وقال جمال مبارك: «إن مصر وهي تتأهب للاحتفال بعيد الميلاد المجيد (للمسيحيين الشرقيين) بعد أيام قليلة، تتوحد قلوب أبنائها كافة في الدعاء للضحايا الأبرياء، ولكل أهلهم وذويهم في هذا المصاب الأليم».

وأوضحت لجنة حقوق الإنسان بالحزب الحاكم أن الحادث «موجه إلى كل المصريين ولا يمثل أي صيغة طائفية؛ حيث شارك جمع غفير من المسلمين في جنازة المتوفين في الحادث، بالإضافة إلى قيادات الدولة والحزب والمجلس الشعبي بالمحافظة وقيادات الدين الإسلامي والمسيحي».

من جانبه، أكد البابا شنودة أنه كان يأمل في الذهاب إلى الإسكندرية والصلاة على ضحايا الحادث، لكن ظروفه الصحية منعته؛ حيث إنه مقبل على رحلة علاجية عقب عيد الميلاد المجيد، مشيرا في تصريحات له بالقاهرة أمس إلى أنه لن يترك أهالي الضحايا والمصابين وسيقدم كل دعم ومساندة لهم. وقال إنه يشاطرهم أحزانهم وقلبه يعتصر بالألم منذ أن سمع نبأ هذه الجريمة النكراء. وأضاف البابا شنودة أنه يثق في جهود الأمن لتعقب الفعلة والمحرضين والمخططين وتقديمهم للعدالة في أقرب وقت. وأشاد في الوقت نفسه بجهود وزارة الصحة الكبيرة لإنقاذ مصابي الحادث. يأتي هذا بينما جدد مفتي مصر أمس رفض الإسلام الكامل للإرهاب على طول الخط والوقوف ضده، مطالبا باستئصال ذلك الوباء بفهم العوامل التي تقدم عقلنة للإرهاب والتطرف، وذلك حتى نبني مستقبلا أفضل يضع نهاية لهذا الوضع الذي يؤزم العالم ككل.

وطالب مفتي الجمهورية، في مقال له بصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية جميع المصريين بأن يقفوا صفا واحدا في وجه «هذه الحماقات؛ لأن مصر لا تعرف الفتنة الطائفية، وأولى بنا نحن المصريين في هذا الوقت الحرج وبعد حادث كنيسة الإسكندرية أن نسعى بكل السبل لقطع الطريق أمام كل من يستغل الحادث لنشر الشائعات أو إضرام نار التوتر الطائفي».

وشدد جمعة على أن السبيل إلى ذلك هو الوحدة والاحترام وحسن المعاملة، قائلا: إن هذا هو «الأساس الذي يجمع علاقتنا كما كانت مصر على مر السنين». وأوضح أن القتل في التصور الإسلامي ليس جريمة يعاقب عليها القانون في الحياة الدنيا فحسب، ولكنه من أكبر الكبائر التي يعاقب الله عليها في الآخرة أيضا. كما أكد مفتي الجمهورية أن «الإسلام الذي تعلمناه وتربينا عليه دين يدعو إلى السلام والرحمة، وأنه لا يمكن أن يكون الإرهاب مبنيا على أساس من الفهم الديني الصحيح، وإنما هو تجسيد للاأخلاقية ولأناس ذوي قلوب قاسية وأنفس مريضة، ومنطق سقيم». ودعا الدكتور جمعة للوقوف في وجه الأفكار المتطرفة «التي أذكت هذه الأعمال العدوانية»، قائلا: «إن الإرهابيين في نظرنا مجرمون حادوا عن المنهج الإسلامي القويم الذي تكثر فيه الشواهد التاريخية والعقدية على إعلاء قيم التسامح والرحمة والسلام».

من جانبه، دعا الأنبا بسنتي، أسقف المعصرة وحلوان، إلى الحفاظ على العلاقات الطيبة بين الأقباط والمسلمين وعدم الانجراف نحو الفتنة، وصرح أمس بأنه من المعروف أن مصر مستهدفة وأن «تكبير نزعة التعصب هو الوتر الذي يلعب عليه من يكرهون مصر وخير مصر ووحدتها»، مشيرا إلى ضرورة أن يكون هناك «عقاب رادع وسريع التأثير حتى يدرك ضعاف النفوس قوة القانون».

على صعيد متصل، أكدت اللجنة العليا للانتخابات إدانتها واستنكارها البالغين لحادث الاعتداء الإرهابي الآثم الذي استهدف كنيسة «القديسين»، وأعربت اللجنة، برئاسة المستشار السيد عبد العزيز عمر، رئيس محكمة استئناف القاهرة، عن خالص عزائها ومواساتها لأسر الضحايا، وقالت: إن وحدة الشعب المصري هي الدرع الواقية للحفاظ على أمنه في مواجهة كل المؤامرات التي تحاك ضده للنيل من وحدته الوطنية. كما أدان الأمين العام للاتحاد الأفريقي لنقابات عمال النقل البري بدول حوض النيل رئيس النقابة العامة للعاملين بالنقل البري بمصر، جبالي محمد جبالي، حادث كنيسة القديسين. وقال في بيان صحافي: إن القوى المعادية لمصر تنتهز الفرصة لإثارة الفتن والقلاقل بين عنصري الأمة لتفتيت الوحدة الوطنية التي يجسدها تلاحم المسلمين والمسيحيين تحت سماء مصر.