تقارير عن تعذيب العالم النووي الإيراني شهرام أميري في سجن عسكري

كروبي يعلن استعداده للخضوع للمحاكمة.. ونجاد يقيل 14 مستشارا.. ونائبه ينتقد البرلمان

صورة أرشيفية للعالم النووي الإيراني شهرام أميري لدى عودته إلى طهران في يوليو الماضي وسط احتفال كبير بعد أن زعم أنه اختطف من قبل «سي آي إيه» (أ.ب)
TT

أوردت تقارير إيرانية أن العالم النووي الإيراني شهرام أميري، الذي كان قد اختفي في ظروف غامضة ثم زعم أن عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي أيه» اختطفوه العام الماضي، قد تعرض للتعذيب المبرح في سجن عسكري في طهران بتهمة التعاون مع الأميركيين. وجاء ذلك بينما أعرب مهدي كروبي، أحد وجوه المعارضة الإصلاحية في إيران، عن استعداده للخضوع للمحاكمة بشأن حركة الاحتجاجات التي تلت الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في يونيو (حزيران) 2009، لكنه اشترط أن تكون المحاكمة «علنية وعادلة». وفي الوقت الذي قام فيه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بفصل 14 من مستشاريه، تجددت الأزمة أمس بين مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) والرئاسة الإيرانية، على خلفية قيام الأول بالمصادقة على مشروع قانون منظمتين وتشكيل وزارة للشباب والرياضة بمعزل عن الحكومة.

ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن تقارير إيرانية أن العالم النووي الإيراني شهرام أميري، الذي كان قد اختفى في ظروف غامضة ثم ظهر في 15 يوليو (تموز) العام الماضي وسط مظاهر استقبال حافل بمطار طهران، بعدما قيل إن الاستخبارات الأميركية اختطفته لإجباره على الكذب حول البرنامج النووي الإيراني، أنه تعرض للضرب بشدة داخل سجن في إيران لدرجة أنه أدخل إلى المستشفى لمدة أسبوع، ورجحت أنه يواجه تحقيقات بتهمة «الارتداد».

ونقلت الوكالة عن موقع «إيران بريفنغ» المعارض، الذي يعرف نفسه بأنه منظمة غير ربحية لحقوق الإنسان ومقرها في الولايات المتحدة، أن أقارب أميري ذكروا أنه بعد عودته احتجز في منزل أمن في طهران وسمحت له السلطات الإيرانية بلقاء عائلته في عطلة نهاية الأسبوع.

ونقل الموقع الإلكتروني الإيراني عن أفراد من عائلة أميري دون أن يسميهم، أن تحركات العالم النووي كانت محدودة «حفاظا على سلامته»، غير أنه نقل لاحقا إلى سجن عسكري في العاصمة، وأنه واجه هناك تحقيقات قاسية وتعرض للضرب المبرح نقل على أثرها إلى مستشفى عسكري للعلاج لمدة أسبوع.

وإذا صحت تلك التقارير، فإنها تعتبر الأولى من نوعها التي تناولت أميري وظروف إقامته بعد عودته المثيرة للجدل إلى طهران.

إلى ذلك، أعلن كروبي عن استعداده للوقوف أمام القضاء، وجاءت تصريحاته على موقعه الإلكتروني «كلمة» بعدما هدد مدعي عام طهران عباس جعفري دولت أبادي الجمعة بملاحقة قادة المعارضة المتهمين بـ«العصيان».

وقال كروبي في رسالة مفتوحة تحمل تاريخ السبت ونشرت أمس: «أنا مع مثل هذه المحاكمة بالكامل (...) لكن لي طلب واحد (...) أن تكون الجلسات مفتوحة أمام الجمهور، لكي يتمكن الشعب الذي أنتمي إليه من الاستماع إلى الجانبين وأن يصدر حكمه هو».

وقد ندد كل من مير حسين موسوي، رئيس الوزراء السابق، وكروبي، رئيس مجلس الشورى السابق، وهما من أبرز قادة المعارضة، بعمليات تزوير كثيفة أثناء الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها نجاد في يونيو (حزيران) 2009. وأعقب إعلان نتيجة الانتخابات مظاهرات حاشدة جدا في طهران. وقتل نحو عشرة متظاهرين واعتقل الآلاف، ولاحق القضاء المئات وبينهم سياسيون وصحافيون.

وتكثفت التصريحات في الأيام الأخيرة ضد قادة المعارضة، ذلك أن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي هاجم بشدة «المسؤولين عن العصيان»، مؤكدا أن «خطأهم الكبير أنهم أعطوا الأمل للأعداء».

وفي رسالته، التي أوردتها وكالة الصحافة الفرنسية، كتب كروبي يقول إن لديه «أسبابا جيدة» ليتخذ موقفه.

وكان دولت أبادي أكد في وقت سابق أن محاكمة قادة المعارضة لدورهم في المظاهرات التي تلت الانتخابات ليست سوى مسألة وقت. بينما أعلن المدعي العام غلام حسين محسني إيجائي، أن المحاكمة لن تجري قريبا، لنقص بعض «الشروط». وقال بحسب ما نقلت وكالة فارس: «ستتم ملاحقة الذين ارتكبوا جرائم، وخصوصا الذين أعطوا الأمل للأعداء وألحقوا ظلما كبيرا بالشعب».

وردا على سؤال بشأن رسالة كروبي المفتوحة، قال المدعي العام إنه لا يعود لزعيم المعارضة أن يقرر. وأضاف: «المحاكمة لا تتوقف على استعداده. لأنه حتى وإن لم يكن مستعدا وتوافرت الشروط (للمحاكمة)، فإنه سيحاكم».

إلى ذلك، أمر أحمدي نجاد بفصل 14 من مستشاريه في رئاسة الجمهورية، ونقلت وكالة أنباء مهر الإيرانية عن مهدي كلهر، أحد المستشارين الإعلاميين لنجاد، أنه وبمعية 13 مستشارا آخرين اجتمعوا مع الرئيس الإيراني حيث تسلموا منه قرارات تقضي بانتهاء مهامهم كمستشارين في الرئاسة. وأضاف أن بعض هؤلاء الأشخاص يتولون مناصب أخرى أيضا سوف يستمرون في أداء مهامهم في تلك المناصب الإدارية والتنفيذية. ولم يوضح المسؤول أسباب الإقالة، غير أن مصادر إعلامية إيرانية أفادت بأن الخطوة ترمي إلى «تقليص حجم الحكومة». وبينما لم يصدر تأكيد رسمي لنبأ الإقالة، إلا أن أحمدي نجاد وجه رسالة نشرتها وكالة الأنباء الإيرانية «إرنا»، «أشاد» خلالها بجهود هؤلاء المستشارين دون الإشارة إلى إقالتهم.

وجاء نبأ الإقالة بعد أن قام نجاد بعزل وزير خارجيته منوشهر متقي بصورة مفاجئة وأثناء وجود الأخير في السنغال وعين بدله رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي بالإنابة.

وفي غضون ذلك، تصاعدت حدة الأزمة بين البرلمان والحكومة الإيرانية، فقد وجه النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي انتقادات لمجلس الشورى، إثر المصادقة على مشروع قانون منظمة الشباب الوطنية ومنظمة التربية الوطنية وتشكيل وزارة الشباب والرياضة. وجاء قرار البرلمان بعد نحو أسبوع من إقالة أحمدي نجاد لنائبه لشؤون الرياضة والشباب مهرداد بزرباش. وقال رحيمي إن قرار البرلمان تم دون الرجوع إلى الحكومة وأن الأخيرة سترد على ذلك بالطرق القانونية. وذكر أن هذا القرار سيضيف مزيدا من الأعباء المالية على الحكومة التي تسعى إلى تقليص وزاراتها من 21 إلى 17.

وكان 157 نائبا إيرانيا قد صوتوا أول من أمس لصالح القرار مقابل معارضة 44 نائبا، بينما امتنع 11 نائبا عن التصويت.

ويذكر أن رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، كان قد وجه اتهامات لحكومة نجاد بمحاولة «تهميش» البرلمان عبر الضغط لتمرير قوانين مثل خطة خفض الدعم الحكومي للإيرانيين من أجل ترشيد النفقات. كما كان برلمانيون قد طالبوا في وقت سابق باستجواب رحيمي بتهم اختلاس، ووصفوه بأنه «المحور الأول» للفساد في البلاد، الأمر الذي نفاه رحيمي بشدة.

وتعكس مواجهات الطرفين انقساما واضحا في النخبة الحاكمة في إيران، بينما يسعى نجاد إلى مواجهة معارضيه داخل الحكومة عبر إقالة كبار المسؤولين المناوئين له.