جنود يروون فصول التمييز العرقي في الجيش الأفغاني

العنف في أفغانستان أودى بحياة الآلاف في 2010

TT

يبيع جنود أفغان مستاؤون أطباق البطاطس والأرز إلى الجنود الأميركيين في معسكر على خط الجبهة في الحرب ضد حركة طالبان, على أمل جمع بعض المال لرشوة قادتهم ليسمحوا لهم بقضاء عطلة مع عائلاتهم. ويقول هؤلاء الجنود إن بعضهم يحصل على هذه العطلة ولا يعود أبدا.

وأسر بعض الجنود لوكالة الصحافة الفرنسية بأنه نظرا لوجود أقليات أفغانية في الجيش, الذي يشكل الباشتون غالبية أفراده, تبقى الرشوة الطريقة الوحيدة التي تضمن لهم الحصول على إجازات من قائدهم. وقال أحدهم، وهو شاب في العشرين من العمر ينتمي إلى أتنية الهزارة، إن «القائد يقول لنا ابحثوا في جيوبكم. إذا أعطاه أحدهم المال يمكنه أن يحصل على إجازة. أنا لا أملك المال، لذلك لا أستطيع الذهاب». وأكد جندي طاجيكي الأتنية من جهته، طالبا عدم كشف هويته خوفا من أي إجراء انتقامي: «بما أنني لست باشتونيا, فأنا رخيص. ليست لي نفس قيمة الجندي الباشتوني». ويؤدي هذا الوضع إلى تقويض معنويات المجندين الشباب في قاعدة موسى قلعة الصغيرة في ولاية هلمند المضطربة التي تعد منطقة خطيرة جدا، وأحد معاقل طالبان. وهذه ليست سوى واحدة من المشكلات التي يعاني منها الجيش الوطني الأفغاني الذي يضم 150 ألف رجل، وتعد قوته عنصرا أساسيا في خطة القوات الدولية للانسحاب تدريجيا ونقل مسؤولية الأمن إلى القوات الأفغانية بحلول 2014.

وكان تقرير لمنظمة مجموعات الأزمة الدولية غير الحكومية قد قال في مايو (أيار) إن الجيش الأفغاني الحالي «عاجز عن مقاتلة المتمردين بمفرده», مشيرا إلى الانقسامات الأتنية والأمية والإدمان على المخدرات والفرار. وكشفت أبحاثها أن معظم الضباط من الباشتون والطاجيك الذي يشكلون على التوالي 42 و27 في المائة من كل الأفغان, بينما يبقى تمثيل الهزارة والأوزبك غير كاف.

وردا على هذه الاتهامات قال الجنرال محمد ظاهر عظيمي، الذي يعمل في وزارة الدفاع إن الجيش الوطني الأفغاني متوازن أتنيا ولا يقبل بأي تمييز في صفوفه. وصرح لوكالة الصحافة الفرنسية بأنه «لم نبلغ بأي إساءة في معاملة جنود ينتمون إلى مجموعة أتنية من قبل مجموعة ضباط من أتنية أخرى أو ضباط يحصلون على رشاوى لإعطاء إجازات لجنود». وأضاف «سنحقق في هذه المعلومات وإذا وجدنا أنها صحيحة سنتخذ الإجراءات اللازمة. ولن نسمح بأي نوع من التمييز في الجيش الوطني».

وهذا الإقصاء لا يساعد في إثارة حماس المجندين في عملهم الجديد الذي اعترف كثيرون منهم بأنهم باقون في الجيش من أجل الأجر الضئيل الذي يبلغ 280 دولارا شهريا. وهم يشعرون بالخوف من هجمات طالبان أيضا على الجيش في المدن والبلدات الأفغانية. وقد قتل تسعة جنود في يوم واحد الشهر الماضي في كابل وقندوز. وقال الجندي الطاجيكي الذي يتوجب عليه أن يبقى في الجيش ثلاث سنوات أخرى: «أشعر بالخوف. من لا يخاف من هجمات طالبان؟ إذا غادر الأجانب فلن يبقى لنا شيء». وأضاف الجندي الهزارة «معظمنا نخاف لأننا جئنا للحصول على المال فقط. نخشى أن نصبح على خط الجبهة». وتابع أن «معظم الجنود يحصلون على عطل ولا يعودون، ومن دون مساعدة المارينز لا يمكننا السهر على أمن موسى قلعة», مؤكدا أنه «بسبب المشكلات الأتنية سيبقى الجيش ضعيفا». ويقول قادة مشاة البحرية الأميركية (المارينز) إنهم راضون عن التقدم الذي تحقق في تدريب الجنود في الدروس اليومية والدوريات المشتركة. وعندما تغادر دورية القاعدة يتقدم جنود المارينز على الطريق، بينما يقوم الجنود الأفغان بعمليات بحث عن الأشخاص والمجمعات. لكن عندما تخوض القوات الدولية معركة مع طالبان يقف الجنود الأفغان في الصفوف الخلفية.

وفي واحدة من الدوريات, عبر جندي أوزبكي عن اليأس الذي يشعر به كثيرون في الجيش. وقال «لا قيمة لغير الباشتون هنا. ماذا يمكنني أن أفعل؟ كيف يمكن لبلدنا أن يبنى إذا كانت الأمور تسير بهذا الشكل». إلى ذلك قالت الحكومة الأفغانية أمس إن عدد أفراد الشرطة الذين قتلوا خلال عام 2010 انخفض بنحو سبعة في المائة إلى 1292، على الرغم من انتشار أعمال العنف في أنحاء البلاد مع دخول الحرب عامها العاشر. وبلغت الخسائر البشرية في صفوف القوات الأجنبية والمدنيين مستويات قياسية، على الرغم من وجود القوات التي يقودها حلف شمال الأطلسي البالغ قوامها 150 ألف فرد. ويوصف عام 2010، بأنه الأكثر دموية منذ أسقطت القوات الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة حكومة طالبان في أواخر عام 2001. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية زيماري بشاري إن 2447 من أفراد الشرطة الأفغانية أصيبوا، في حين قتل 5225 من المسلحين، وأصيب 949. وأضاف أن الحكومة لا يتوافر لديها عدد الخسائر البشرية بين المقاتلين لعام 2009. وتابع بشاري قائلا إن مجمل الحوادث الأمنية في عام 2010 بلغ 6716 مثل الأكمنة وانفجار القنابل المزروعة على الطرق والتفجيرات الانتحارية والهجمات الصاروخية. وتعتبر حركة طالبان في أقوى حالاتها منذ إسقاطها بعد أن رفضت تسليم متشددي تنظيم القاعدة، بمن فيهم أسامة بن لادن عقب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 على الولايات المتحدة. وامتدت العمليات المسلحة من معاقلها التقليدية في الجنوب والشرق على مدى العامين الماضيين إلى الشمال والغرب اللذين كان الهدوء يسودهما. وأصبح الشمال على وجه الخصوص جبهة جديدة مميتة في الحرب. وقالت وزارة الداخلية إن 2043 مدنيا قتلوا وأصيب 3570، لكن لم يتوافر لديها أيضا عددهم لعام 2009. وكانت الأمم المتحدة قد قالت إن 2412 مدنيا قتلوا وأصيب 3803 بين يناير (كانون الثاني) وأكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، في ارتفاع بنسبة 20 في المائة عن عام 2009. وقالت وزارة الدفاع إن 821 جنديا أفغانيا قتلوا العام الماضي. وذكرت أيضا أنه ليس لديها عددهم لعام 2009.