رئيس وزراء باكستان يكافح لإنقاذ حكومته بعد انسحاب شريك رئيسي منها

جيلاني يطلب دعم حزبين معارضين.. وخصومه قد يلجأون لاقتراع الثقة

TT

سارع رئيس الوزراء الباكستاني إلى محاولة إنقاذ ائتلافه الحاكم أمس بعد انسحاب شريك رئيسي مما أوقع البلاد في أزمة سياسية. فقد اجتمع يوسف رضا جيلاني مع زعيمي حزبين رئيسيين في المعارضة، بهدف طلب دعمهما للحصول على الغالبية في البرلمان.

وكانت حكومة جيلاني قد فقدت الغالبية في البرلمان بعد أن قرر شريكها في الائتلاف الحاكم «الحركة القومية المتحدة»، الانسحاب من الحكومة بسبب رفع أسعار الوقود.

واجتمع جيلاني أمس مع رئيس أكبر حزب معارض في المجلس الوطني، وهو حزب «الرابطة الإسلامية الباكستانية - جناح نواز شريف». كما سعى أيضا إلى الحصول على دعم تشودري شجاعت زعيم حزب معارض رئيسي آخر هو حزب «الرابطة الإسلامية الباكستانية - جناح القائد العظيم». وقال مسؤول بالحزب إن رئيس الوزراء «لمح إلى أنه يسعى لتأييدنا».

ومع أن رئيس الوزراء ليس ملزما بالحصول على ثقة البرلمان، فإنه قد يواجه مشكلات جادة في تمرير قوانين، وأي فشل في تبني الميزانية في يونيو (حزيران) المقبل يمكن أن يؤدي إلى انتخابات مبكرة. ويعني انسحاب الحركة القومية المتحدة أنه في حالة توحيد المعارضة لصفوفها يمكنها تحريك تصويت في البرلمان لسحب الثقة من الحكومة. وقال فيصل سابزواري زعيم حزب الحركة القومية المتحدة لوكالة «رويترز» إن الحزب لم يتخذ أي قرار بشأن التصويت على سحب الثقة من الحكومة. وقال الحزب إن أعضاءه بمجلس الشيوخ قدموا اقتراحا بإلغاء الزيادة في أسعار الوقود. وكررت «جمعية علماء الإسلام - جناح فضل»، الحزب الديني النافذ الذي كان أول من هز الحكومة بانسحابه منها مع نوابه السبعة الشهر الماضي بعدما أقال جيلاني أحد وزرائها، دعوتها إلى استقالة رئيس الوزراء. وقال الأمين العام للحزب عبد الغفور حيدري إن «رئيس الوزراء فقد غالبيته، ومن الأفضل أن يستقيل مع كل حكومته».

وفي الوقت الحالي حاول جيلاني الاحتفاظ بهدوئه. وقال للصحافيين إن «الحكومة لن تسقط». وشبهت صحيفة «ذي نيوز» المعارضة تفاؤله بموقف رئيس الوزراء البريطاني جيمس كالاهان في 1979 بعيد خسارته في الانتخابات. لكن معظم المحللين يعتقدون أن الحكومة الباكستانية تملك الوقت الكافي للتحرك.

ومن المعروف أن الجيش الباكستاني القوي الذي حكم البلاد طوال أكثر من نصف قرن، لن يسعى إلى دور سياسي بقيادة قائده الحالي الجنرال أشفق كياني. ويرأس الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري حزب الشعب الباكستاني الحاكم الذي قال الناطق باسمه فرحة الله بابار إن الرئاسة تثق «بأن المشكلة ستحل والمسائل التي تطرحها الحركة القومية المتحدة ستحل».

وكان فيصل سابزواري أعلن أول من أمس قرار حزبه (الحركة القومية المتحدة) الانتقال إلى صفوف المعارضة «لأن الحكومة لم تفعل أي شيء لمعالجة القضايا التي اعترضنا عليها». وأضاف: «لقد بات من الصعب علينا أن نشرح موقفنا لأنصارنا وعمالنا. سابقا استقال وزراؤنا، واليوم قررنا الانضمام إلى المعارضة». وأوضح: «قررنا عدم المشاركة بعد اليوم في الحكومة الفيدرالية، لأن كل المشكلات تتعلق بالحكومة الفيدرالية، لكننا سنبقى في الائتلاف الحاكم في ولاية السند» التي تضم كراتشي أكبر مدينة باكستانية يتمتع فيها الحزب بتأييد الغالبية الناطقة بالأوردو.

ومنذ فترة طويلة والخلاف سيد الموقف بين الحركة القومية المتحدة وحزب الشعب الباكستاني بسبب مواضيع عدة أبرزها؛ العنف السياسي في كراتشي، والإصلاحات المالية التي يطالب بها صندوق النقد الدولي، والفساد والتضخم اللذان يقوضان اقتصاد البلاد. واتسم الخلاف بين الحزبين أيضا بانفجار العنف السياسي في كراتشي، حيث اتهم مسؤول كبير في حزب الشعب مؤيدي الحركة بالوقوف وراءه، إلى جانب الإصلاح الضريبي الذي يطالب به صندوق النقد الدولي.

ونجت باكستان من الإفلاس بفضل خطة قدمها صندوق النقط الدولي في 2008 وبعد فيضانات كارثية الصيف الماضي أثارت مخاوف من أن باكستان لن تتمكن من تحقيق أهدافها الرئيسية في الحد من التضخم والعجز الميزاني.

وقال محللون سياسيون إن بقاء الحكومة مرتبط برد فعل الأحزاب على الأزمة. وهم يعتقدون أن قلة منها تريد تحمل مسؤولية مشكلات باكستان الكثيرة قبل الأوان. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المحلل السياسي شفقت محمود قوله: «إذا لم يتقدم أحد بطلب لحجب الثقة، فلا حاجة لانتخابات مبكرة والوضع الحالي سيستمر». وأضاف: «أخلاقيا، على رئيس الوزراء أن يجري تصويتا على الثقة، لكن قانونا لا شيء يلزمه بذلك. ستواجه الحكومة مشكلات جدية عندما تقدم ميزانيتها. وإذا فشلت في تمرير الميزانية سيكون عليها الرحيل».