خبير قانوني لـ«الشرق الأوسط»: تصنيف اللبنانيين يشكل نقضا للكيان القائم على التعددية والمشاركة

الجميل وفتفت يرحبان باقتراح قانون منع بيع العقارات بين المسيحيين والمسلمين

TT

لا يزال مشروع القانون الذي تقدم به وزير العمل بطرس حرب والذي يمنع بيع الأراضي بين المسيحيين والمسلمين في لبنان لفترة مؤقتة تمتد إلى 15 عاما مادة أخذ ورد على الساحة اللبنانية مع تفاوت الآراء منه، من رفضه بالمطلق واعتباره اقتراحا تقسيميا فئويا مرورا بتأييده مبدئيا ومعارضة صيغته وصولا إلى التعاطي معه بإيجابية.

وفي حين أعرب رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط عن معارضته للاقتراح، وأعلن حزب الكتائب على لسان رئيسه أمين الجميل نظره بإيجابية إلى الموضوع، امتنع كل من حزب الله وحركة أمل عن التعليق عليه. وفيما يشاطر التيار الوطني الحر حرب في هواجسه من عمليات بيع الأراضي المشبوهة ويعترض على الصيغة التي تقدم بها الاقتراح، أشار النائب في كتلة القوات اللبنانية أنطوان زهرا، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إلى أنه يفضل عدم التعليق على الاقتراح قبل أن يكون مادة بحث على طاولة الحزب، وكذلك الأمر بالنسبة لنائب المستقبل عمار الحوري، الذي رجح في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن يتم التداول باقتراح حرب خلال اجتماع كتلة المستقبل النيابية الدوري، بدا لافتا الموقف الذي عبر عنه نائب «المستقبل» أحمد فتفت. وأكد أنه سيكون من أول الموقعين على الاقتراح إلى جانب حرب.

وبعيدا عن جدلية المواقف من اقتراح حرب، أوضح الخبير القانوني والوزير السابق إدمون رزق في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن ما «يتم التداول به من مقترحات أو آراء ناتج عن الوضع الشاذ وغير السليم الذي تتخبط به البلاد»، معتبرا أن «المسألة غير قابلة للمعالجة بطريقة الالتفاف على المشكلة الأساسية والمتمثلة في الفراغ القائم في السلطة وتعطيل المؤسسات».

ورأى رزق أن «لبنان يعيش في حالة متاهة كيانية من مظاهرها التناقض بين الواقع التعددي والوحدة الوطنية». وأكد أنه «في وضع طبيعي لا تُطرح أمثال هذه الأفكار والمقترحات لأن المجتمع السليم لا يحتاج إلى حمايات مفتعلة، فالعيش المشترك هو صنو الكيان» وذكر «بمضمون الفقرة (ط) في مقدمة الدستور اللبناني والتي تشير إلى أن (أرض لبنان أرض واحدة لكل اللبنانيين. فلكل لبناني الحق في الإقامة على أي جزء منها، والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان، ولا تجزئة، ولا تقسيم، ولا توطين)».

وشدد على أن «المطلوب من كل طائفة أو مذهب أو فئة أن تحتمي بنفسها وألا تعتمد على تدخل خارجي يضمن حسن تعايشها»، مجددا الإشارة إلى أن «كثرة الاقتراحات مردها إلى الفراغ السلطوي، وعندما سيبدأ لبنان في تصنيف أبنائه فهذا بمثابة نقض للكيان القائم على التعددية والمشاركة». وخلص إلى أن «الدول الحضارية تضع حلولا جذرية لمشكلاتها ولا تتهرب من مواجهتها بطرح بدائل مناقضة لتكوينها».

وكان حرب أوضح أمس أن «عدم وجود المسيحيين في المناطق التي يملكون فيها الأراضي وبيعهم لأراضيهم يناقض العيش المشترك، ويجعل المسيحيين يعيشون منفردين عن الطوائف الأخرى». وأشار إلى أن «حق الإقامة في كل لبنان مقدس وحق دستوري، وليس في مشروع القانون الذي تقدم به ما يمنع إقامة أي لبناني على أي بقعة من الأرض التي يريدها».

وأوضح أنه «عندما تتعرض المصلحة الوطنية والعيش المشترك الذي كرسه الدستور في مقدمته لحالة الخطر فلا بد من لجوء السلطة إلى بعض التدابير الاستثنائية المؤقتة لكي تمر الموجة التي يجتازها العالم العربي والتي شهدنا أحد فصولها المأساوية في مصر ومن مدة غير بعيدة في بغداد، فعندما يمر مجتمعنا بهذه الظروف فمن واجب السلطة اتخاذ التدابير اللازمة».

وعن تمرير المشروع، أكد حرب أنه «سيضع حدا لعملية الفرز السكاني»، وقال: «لا أعتمد في القضية على تحالفات سياسية أو أي صفقة سياسية، ولكن قمت بترجمة ما أنا مقتنع به»، معربا عن قناعته من أن «الهجرة بين منطقة وأخرى تؤدي لهجرة خارج البلاد».

وفي أطار أبرز المواقف، أشار الرئيس أمين الجميل إلى أن «المشروع قدمه حرب أثناء العطلة ولم يتسنّ لنا الاطلاع عليه بالتفصيل، ولكن بالمطلق يجب أن نتوقف عند هذه الظاهرة»، موضحا أنه «في كثير من الحالات تكون عمليات بيع العقارات (بيوعات سياسية) وليست عقارية». ولفت إلى أنه «من المفروض متابعة هذا الموضوع بتمعن وقد يكون بحاجة إلى بعض التعديلات ونحن سننظر إليه بشكل إيجابي والشعب المسيحي بحاجة إلى طمأنينة».

وأعرب النائب أحمد فتفت عن شعوره «بالمفاجأة لأول وهلة، ولكن بعد قراءة متأنيّة رأيتُ أنّه مشروع مهمّ جدا»، معتبرا أنه «يعطي إمكانية للمحافظة على الديمغرافية الموجودة وهو لمصلحة المسلمين أكثر من المسيحيين لأننا لا يمكن أن نعيش إلا في لبنان». وقال: «اتصلت بالشيخ بطرس حرب وقلتُ له إنّني أوّل من سيوقّع معه على هذا الاقتراح، فالبعض اعتبر مشروع القانون هذا تقسيميا وطائفيا، ولكن على العكس، أنا أعتبر أنه يحافظ على وجود الطوائف كافة في لبنان»، لافتا إلى أن «هذا المشروع يجب أن يتحوّل إلى قانون».