المطران خضر لـ«الشرق الأوسط»: مسيحيو لبنان وسورية بمنأى عن تداعيات ما حصل

تعليقا على تفجير كنيسة الإسكندرية

TT

انشغلت الساحة اللبنانية بمتابعة تداعيات التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة القديسين في مدينة الإسكندرية المصرية، والذي أدى إلى سقوط العشرات من الضحايا بين قتيل وجريح، وتخوف المراقبون من دلالات هذا العمل الإجرامي وإمكان امتداده إلى بلدان أخرى، ومحاولة تأثيره على التعايش الإسلامي المسيحي وحوار الأديان.

وفي هذا الإطار أبدى متروبوليت جبل لبنان للروم الأرثوذكس المطران جورج خضر، خشيته من «تقوية عنصر التعصب والتطرف في العالم العربي»، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «تفجير الكنيسة في الإسكندرية وقتل 25 من المصلين وجرح العشرات منهم لم يكن صدفة، إنما هو عمل مدبر قد تقف خلفه قوى سياسية وربما دول»، وإذ أشار إلى أن «لإسرائيل مصلحة في ضرب الوحدة والتعايش الإسلامي المسيحي والتنوع الديني في المنطقة وتقسيم هذا الشرق إلى دويلات طائفية»، لاحظ أن «الأحداث توحي وكأن هناك إرادة لتقليص عدد المسيحيين في الدول العربية إن لم يكن لإجلائهم»، وفي حين سأل «من المستفيد من ذلك؟»، قال «إن أدبيات الصهيونية تضمر كرها كبيرا للمسيحيين العرب وهذا ما عبرت عنه الصهيونية في أوقات كثيرة، وتجلى ذلك في أكبر هجرة مسيحية من فلسطين بعد احتلال القدس»، وأبدى المطران خضر اطمئنانه إلى أن «المسيحيين في لبنان وسورية بمنأى عن تداعيات ما حصل في مصر، لأن الزعماء المسلمين ولا سيما المرجعيات الدينية منهم يعبرون عن قناعاتهم بصدق، بأنه لا قيمة للبنان من دون المسيحيين والمسلمين معا»، وغمز من قناة النظام المصري و«الإجحاف اللاحق بالأقباط الذين يتراوح عددهم ما بين ثمانية وعشرة ملايين شخص من دون أن يمثلوا بنائب واحد في البرلمان المصري، وهذا الإجحاف يشجع على استهدافهم»، وسأل «ما المبرر لاستهداف المسيحيين في العراق الذين لم يكونوا مع طرف ضد آخر وهم غير مسلحين، وكذلك الأقباط في مصر غير عنيفين فلماذا استهدافهم بهذه الطريقة؟».

وفي المواقف أبدى البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير، أسفه لما حصل في مصر وما يحصل في العراق من اضطهاد للمسيحيين، معتبرا أننا «نمر في مرحلة صعبة وعلى كل واحد منا أن يسعى لتحصين وطنه».

وأبرق أمس رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» النائب وليد جنبلاط إلى الرئيس المصري محمد حسني مبارك، معزيا بضحايا تفجير الكنيسة في الإسكندرية. واصفا ما حصل بأنه «عمل إجرامي يهدف إلى زعزعة الاستقرار ويحمل بصمات مشبوهة تهدف إلى زرع الفتنة وصولا إلى تعميم الفوضى المنظمة». وقال في برقيته «إننا ندين بشدة هذه الجريمة النكراء مؤيدين دعوتكم للإسراع في كشف الجناة وإنزال أشد العقاب بهم لوأد الفتنة من جهة ولاتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على الوحدة الوطنية من جهة أخرى». كما أبرق جنبلاط إلى الأنبا شنودة الثالث بطريرك الأقباط الأرثوذكس والكرازة المرقسية في مصر. وأبرق أيضا وزير الإعلام طارق متري إلى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الأنبا شنودة الثالث معزيا بضحايا الانفجار.

بدوره استنكر وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي «مقتل الإخوان المسيحيين بتفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية»، مشيرا إلى أن «هذا الأمر يشكل خطرا على الأمن القومي المصري وعلى التنوع والوحدة الوطنية في مصر والأمن والاستقرار والموقع والدور المصري في المنطقة، لكنه إنذار يشير إلى أننا أمام مشروع تفريغ المنطقة من المسيحيين وإثارة الخلافات فيها بين المسلمين، معتبرا أن «هذا الأمر لا يخدم أحدا إلا إسرائيل».

واستنكر وزير الاقتصاد والتجارة محمد الصفدي الاعتداء، وقال «إن هذا الإرهاب غريب عن طبيعة مصر وتاريخها، فهي كانت دوما أرض التلاقي بين الأديان السماوية». وأشار إلى أنه «مع مرور السنين عمدت إسرائيل إلى بث الفتنة بين شعوب الدول العربية وتغذية الصراعات المذهبية والطائفية كما جرى في حرب لبنان وكما يجري في العراق اليوم». مؤكدا أن «أي اعتداء على المسيحيين في العالم العربي هو اعتداء على الإسلام نفسه كدين حاضن يقوم على التعايش والتسامح والاعتدال».

ورأى عضو كتلة المستقبل النائب محمد قباني، أن «عبارات الاستنكار لا تكفي للتعليق على أحداث الإسكندرية، وشعارات التضامن لا تحمي المسيحيين ولا سواهم من الأحداث الطائفية والفتن المذهبية»، مؤكدا أن «قراءة متأنية تنظر إلى عمق المشكلة مطلوبة وملحة». وقال «لقد كانت مصر دائما ملجأ الهاربين من الاضطهاد في مطلع القرن الماضي حيث هاجر إليها من لبنان نخبة أهل الفكر والصحافة جلهم من المسيحيين، وعندما كانت مصر تقود الأمة العربية وحركات التحرر في العالم في خمسينات وستينات القرن الماضي لم تعرف الطائفية ولا المذهبية، وحمت مع وحدتها الوطنية الوحدة الوطنية في كل الوطن العربي بما فيه لبنان».

واستنكر المجلس الأعلى للروم الكاثوليك «العمل الإجرامي الوحشي الذي تعرض له المصلون الأبرياء ليلة رأس السنة في كنيسة القديسين في الإسكندرية»، وطالب الحكومة المصرية بـ«اتخاذ إجراءات سريعة ورادعة لوقف عملية القتل والاعتداء على الأقباط، وصون الحرية الدينية في مصر حتى لا يتعرض العيش المشترك في هذا البلد للاهتزاز الشديد».

وأدانت الرابطة المارونية بشدة، في بيان، «المجزرة المروعة التي طاولت المصلين في كنيسة الإسكندرية» وأشارت إلى أن «ما حصل في الإسكندرية، وقبله في بغداد وأنحاء متفرقة من بلاد الرافدين، يحمل دلالات بالغة الخطورة. فهو يعيد إلى الأذهان نظرية صراع الأديان والحضارات ويسدد ضربة إلى جهود الخيرين من أبناء الديانتين المسيحية والإسلامية العاملين على استمرار ثقافة الحياة والحوار بين أتباعهما».