مصدر قانوني: منع بيع الأراضي خارج الطوائف يسمح باستفراد أغنياء المسيحيين بالفقراء

بري يدخل السجال ويستغرب سماع «هدير أصوات التقسيم مجددا»

الرئيس اللبناني، ميشال سليمان، مجتمعا براعي الأقباط في لبنان، الأب لويس الأورشليمي، في كنيسة قبطية في جسر الباشا أمس (رويترز)
TT

تتفاعل المواقف من اقتراح القانون المقدم من وزير العمل بطرس حرب الذي يمنع عملية بيع الأراضي بين المسيحيين والمسلمين في لبنان لفترة مؤقتة (15 عاما) بهدف «تفادي حصول عملية الفرز السكاني وتعريض الوحدة الوطنية للخطر»، على حد تعبير حرب، في موازاة ارتفاع الأصوات المعارضة لهذا الاقتراح وآخرها ما نقله أمس مصدر مقرب من رئيس مجلس النواب نبيه بري، لناحية استغراب «سماع هدير أصوات التقسيم مجددا ولو تذرعوا بكل أسباب الدين».

جاء موقف الرئيس بري بعد الربط بين اقتراح حرب وفتوى سبق أن أصدرها نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام الراحل محمد مهدي شمس الدين في عام 1984 وتحرم على المسلمين بيع أراضيهم لغير المسلمين في «الظروف الحاضرة» آنذاك. وأوضح المصدر المقرب من بري أنه «قبل الطائف والفتنة بين اللبنانيين على أشدها والكل يحاول الدفع إلى كانتونه، أفتى الإمام شمس الدين بمنع التقسيم ولذلك ورد في الفتوى عبارة «في الظروف الحاضرة»، مشددا على «أننا بعد الطائف نؤمن بنهائية لبنان كوطن».

وتعليقا على اقتراح حرب، لفت وزير سابق ومشرع إلى أنه «في الأسباب الموجبة للاقتراح ورد أنه يمنع الفرز الطائفي، لكن من الناحية العملية لن يمنع الفرز لأنه قد يسمح باستعمال المسيحيين واجهة لرأسمال غير مسيحي قد لا يتم التركيز عليه ويتم بالتالي شراء العقارات دون علم أحد».

وأشار إلى أن «من شأن هذا الاقتراح أن يؤدي إلى استفراد أغنياء المسيحيين بفقرائهم، لأن أسعار الأرض عرض وطلب، وعندما تكون محصورة بالبيئة المسيحية وحدها سيسقط العرض والطلب وسيضطر الفقراء إلى بيع أرضهم بالمجان».

وشدد على أنه «لا مصلحة وطنية ولا مسيحية بالسير باقتراح القانون المقدم من الوزير حرب، وليس بهذه الطريقة تتم مقاربة الهواجس المسيحية، لأن الاقتراح يحمل مشروعا انطوائيا متقوقعا من شأنه أن يخلق أحزمة مدمرة للمسيحيين، وهو بالتأكيد ما لا يريده الوزير حرب».

وكان حرب شرح بالأمس للبطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير، الأسباب التي دفعته إلى تقديم مشروعه، مذكرا بأنه تقدم باقتراح قانون مماثل في عام 1983 أثناء أحداث الجبل «ولم تقم القيامة آنذاك كما حصل خلال اليومين الماضيين».

وتوقف عند فتوى الإمام شمس الدين، مشيرا إلى أن «مبرراته كانت أن هناك شركات تشتري وصفقات مشبوهة تحصل انطلاقا من توجه سياسي بهدف القضاء على صيغة التعايش في لبنان وعزل كل طائفة في منطقة محددة». وتعليقا على موقف بري، شدد حرب على «احترامه لبري وصداقته له التي لا يهزها خلاف في الرأي»، مؤكدا أن «بري على حق إننا وإياه لا نتفق في الرأي منذ سنتين».

وفي إطار المواقف الصادرة أمس، وصف رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون قانون حرب بأنه «مخالف للدستور وحق الملكية والتصرف بها، وليس شرعيا ولا من الثوابت الوطنية»، معتبرا أن «للمواطن اللبناني الحق في أن يشتري أرضه أينما كان».ودعا وزير الدولة عدنان السيد حسين إلى «تطبيق مبدأ سيادة القانون على الجميع في لبنان»، مشيرا إلى أن «الوصف الذي أعطاه حرب لا يطبق قانونيا، والوجود المسيحي مهم للمسلمين ومهم للبنان».

وتمنى «على المسيحيين بين بعضهم ألا يزايدوا على حماية بعضهم»، مشددا على أن «المسيحيين هم المدخل الأساسي للحضارة الإسلامية المشرقية». وتساءل: «لماذا لم يعد المسيحيون المهجرون إلى الجبل»، رافضا «استخدام هذه القضية ضمن المنحى السياسي».

وشدد النائب في تيار المستقبل أحمد فتفت على «ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة من المؤامرة الحاصلة لأن وجود المسيحيين ضمان لاستمرار نظام الحريات والديمقراطية». ورأى أن «المشروع الذي تقدم به الوزير حرب بمنع بيع الأراضي بين الطوائف يمنع الفرز الطائفي»، معتبرا «أننا نمر بمرحلة خطيرة تستدعي إجراءات استثنائية، والبيع الحقيقي يتم في مناطق فيها عيش مشترك وإذا بيعت الأراضي يزول العيش المشترك».

وأوضح النائب في تكتل التغيير والإصلاح، برئاسة النائب ميشال عون، نبيل نقولا أن «هذا المشروع يناقض مقدمة الدستور، لأن الدستور يحمي الملكية الشخصية وحرية الإنسان بملكيته، بينما بتنا في مشروع حرب نتكلم بالتقسيم». وأشار إلى «أن 18 مليون متر مربع من الأراضي بيعت بالمتن الشمالي لغرباء بين عامي 2006 و2008 ولم أسمع حرب يتحدث بهذا الموضوع». وقال: «بعض الكهنة المسيحيين باعوا أرضهم لغرباء»، لافتا إلى مؤتمر صحافي سيعقده قريبا «لفضح من باع ومن اشترى الأراضي».

وأكد النائب سيرج طورسركيسيان إصراره على السير بمشروع القانون الذي «سيمنع الفرز الطائفي والهجرة الداخلية». وشدد على أن «لبنان دون مسيحيين لا معنى له»، موضحا أن «مشروع القانون يحدد مدة 15 سنة يطبق خلالها وهو قانون استثنائي لمدة استثنائية».