راعي الأقباط لـ«الشرق الأوسط»: وضعنا في لبنان هو الأفضل

تخوف من امتداد الأعمال الإرهابية إلى مسيحيي دول أخرى

TT

يقف جورج حنا (40 عاما)، لبناني مسيحي ورب لأسرة من 6 أفراد، مذهولا أمام هول ما يصيب المسيحيين في العراق ومصر، هو لا يخفي أن الأحداث الأخيرة التي ألمّت بهم دفعته للتوجه مجددا نحو السفارات الغربية لتعبئة استمارات الهجرة خوفا من أن يطال الإرهاب العمق اللبناني والكنائس المسيحية. بالمقابل تؤكد تريز أنطون (55 عاما) أن كل المشاريع لتهجير المسيحيين من لبنان لم ولن تنجح ما دام هناك مسلمون يعون تماما أن هذا الوطن لا يقوم إلا بتنوعه وبتعدديته وتقول: «جابهنا في الماضي محاولات ترحيلنا ونحن اليوم أشد تمسكا بأرضنا».

مسيحيو لبنان وبعدما استيقظوا من هول المأساة التي ضربت الإسكندرية في أول يوم من أيام السنة الجديدة، التفتوا ليتداركوا خطورة ما قد يصيبهم بعدما أصاب إخوانهم في العراق وفلسطين ومصر. ولعل التخوف الأكبر يصيب اليوم أقباط لبنان الذين لا يتخطى عددهم الألفين والموزعين بين بيروت وجبل لبنان. علما أن هنالك ثلاثة آلاف قبطي يقيمون في لبنان ولا يحملون الجنسية اللبنانية.

تخوف لا يشاركهم فيه راعي الكنيسة القبطية في لبنان الأب لويس الأورشليمي الذي يؤكد أن «وضع الأقباط في لبنان هو الأفضل مقارنة بباقي دول وجودهم لأن خبرة المجتمع اللبناني بمبادئ التعايش والتنوع أكبر من أي دولة أخرى»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعيش وسط شعب مثقف وهذا ما يترك فينا الكثير من الاطمئنان لحاضرنا ومستقبلنا. فالشعب اللبناني أقدر من غيره على تدارك الأمور». ويرى الأورشليمي أن «الإسرائيليين هم أصحاب المصلحة من تفجير الإسكندرية» مشددا على أن «إسرائيل هي راعية الإرهاب العالمي وبالتالي هي من يقف وراء تفجير الإسكندرية مهما كانت الأدوات المنفذة»، ويضيف: «الموقفان العربي والعالمي بعد المأساة موقفان ممتازان يدلان على وعي كبير، والمطلوب اليوم بث روح المحبة والوئام والتعايش المشترك في النفوس لتفادي تكرار مجازر مماثلة لما يحصل في العراق ومصر». ويرد الأورشليمي الاعتداء على الأقباط «لمواقفهم الوطنية والقومية الرافضة للتطبيع».

تجدر الإشارة إلى أنه بعد أن كان عدد الطوائف المعترف بها رسميا في لبنان 17، أصبحت في عام 1996، 18 بعد ضم طائفة «الأقباط» إلى القائمة الرسمية ليصبح مجمل طوائف الأقليات 12 طائفة مضافة إلى الطوائف الست الأساسية وهي: الموارنة والروم الأرثوذكس والكاثوليك والسنة والشيعة والدروز.

في هذا الوقت، توالت المواقف الداخلية المستنكرة للعمل الإجرامي الذي ضرب أقباط مصر. واعتبر رئيس الجمهورية ميشال سليمان، بعد زيارته مقر الكنيسة القبطيّة للتعزية، أن «هذه الجريمة الإرهابية هي جريمة ضد الإنسانية وتتناقض مع الشرائع السماوية والقيم الإنسانية كافة، وتستهدف حوار الحياة بين الأديان الذي يميز عالمنا العربي مهد الديانات ومنارة الفكر منذ أقدم العصور» آملا أن «تكون دماء الشهداء بذور قيامة لإنسانية تشهد لحضارة الأخوة والحق والحياة، وقوامها الضمير ومستقبلها العدل الطالع من رجاء الإيمان الذي لا يقهر».

ودعا رئيس الكنيسة الكلدانية في لبنان المطران ميشال قصارجي إلى «تحرك عربي ودولي للتصدي للعنف الذي يضرب المسيحيين انطلاقا من العراق ففلسطين ومؤخرا مصر»، مشددا على ضرورة أن «تقترن الاستنكارات الخجولة مع تحرك كبير للفاتيكان ولجامعة الدول العربية». ودعا المطران قصارجي الكنيسة في لبنان للتحرك وللقيام بمبادرة ما لحماية المسيحيين والتصدي للغلاء الفاحش وكل ما يثير اشمئزاز مسيحيي الداخل ويدفعهم للهجرة وشدّد على أنّ المسيحيين مدعوون اليوم للارتقاء بخطابهم السياسي والتوقف عن الهجوم على مرجعياتهم الروحية ومحاولة تكوين وحدة رأي بحد أدنى تحافظ على الحريات التي يتيحها لهم النظام الديمقراطي اللبناني معربا وبصراحة عن تخوفه من أن يطال العنف مسيحيي لبنان بعدما أصاب ويصيب مسيحيي العراق وفلسطين ومصر.