سلطانية لـ«الشرق الأوسط»: دعوتنا لزيارة منشآتنا النووية حقيقية

اتهامات لطهران بالسعي وراء «انقسام» غربي.. ومسؤول أميركي: هذا تهريج إيراني

السفير علي أصغر سلطانية
TT

أكد مندوب إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، السفير علي أصغر سلطانية لـ«الشرق الأوسط» أن حكومة بلاده قد وجهت الدعوة لـ10 سفراء رؤساء مجموعات جغرافية بالوكالة لزيارة تنويرية استطلاعية تسبق المفاوضات بين إيران ومجموعة (5+1) التي اتفق الطرفان على عقدها نهاية هذا الشهر بمدينة إسطنبول التركية. وبينما أكد المسؤولون الإيرانيون أن الخطوة تعتبر بادرة «حسن نية» وتأكيدا على «سلمية» البرنامج النووي الإيراني، اعتبرت الولايات المتحدة الدعوة الإيرانية مجرد «تهريج» و«حيلة» إيرانية جديدة، كما أكد دبلوماسيون غربيون أن الدعوة ستوجه في الغالب لدول صديقة أو ذات علاقات جيدة بالنظام الإيراني.

ووفقا لسلطانية فإن اختيار السفراء تم بحيث يغطي مختلف المجموعات الممثلة بالوكالة وإنهم سيغادرون فيينا منتصف هذا الشهر 15 - 16 يناير (كانون الثاني) الجاري، لزيارة منشآت تخصيب اليورانيوم في نطنز بالإضافة لزيارة مفاعل أراك للمياه الثقيلة، مؤكدا أن الدعوة «تجيء في إطار التعاون القائم بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتأكيدا من إيران وحرصا على تعامل شفاف ولمزيد من المصداقية أن النشاط النووي الإيراني لأغراض سلمية مطلقة»، مضيفا أن السفراء ستتوفر لهم فرص عقد لقاءات بعدد من كبار المسؤولين الإيرانيين.

هذا، وفيما امتنع سلطانية عن الرد على من وصفوا الدعوة الإيرانية بأنها مجرد تكتيك إيراني، وأن السفراء مجرد دبلوماسيين وليسوا مفتشين نوويين وأن حكومة طهران ستقودهم للمواقع التي ترغب في إظهارها للعالم متمسكا بمقولة: «لا تعليق»، أشار من جانب آخر أنها دعوة «حقيقية إيجابية المقاصد»، مذكرا أن إيران سبق أن دعت 2006 مجموعة من السفراء للوقوف على أنشطتها النووية بأصفهان.

في سياق مواز، أرجأ سلطانية الإجابة على سؤال محدد من «الشرق الأوسط» إن كانت الدعوة تشمل أي سفير من سفراء مجموعة (5+1) إلى اليوم حتى يتوفر لديه مزيد من المعلومات وذلك بعد أن أشرنا لتصريح صادر من الناطق الرسمي للخارجية الإيرانية جاء فيه أن بعضا من دول هذه المجموعة ضمن المدعوين.

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمان باراست قد أكد أمس في مؤتمر صحافي في طهران توجيه دعوة إلى سفراء ومندوبي الكثير من دول العالم لزيارة منشآت إيران النووية، وقال إنها وجهت إلى بعض أعضاء مجموعة 5+1، التي تضم الدول الخمس دائمة العضوية في الأمم المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي ومجموعة الـ77 وحركة عدم الانحياز لتفقد منشآت ومواقع إيران النووية وتأتي في «إطار الإجراءات التي تتخذها الجمهورية الإسلامية الإيرانية للتأكيد على شفافية وسلميه نشاطاتها النووية».

غير أن مصادر غربية قللت في حديث مع «الشرق الأوسط» من أهمية الدعوة الإيرانية، واصفة إياها بـ«تكتيك جديد من التكتيكات الإيرانية المعهودة ومحاولات خطف الأنظار في استباق لجولة التفاوض المتوقعة في إسطنبول نهاية هذا الشهر»، مستبعدة أن توجه طهران الدعوة للدول الغربية، متوقعة أن تدعو روسيا والصين في أحسن الفروض، وأضافت أن الدعوة دون شك ستشمل دول مثل كوبا وتركيا والسودان وسورية وجنوب أفريقيا، في إشارة إلى دول ذات علاقات حسنة مع الجمهورية الإسلامية. وقال دبلوماسي آخر في فيينا إن روسيا والصين ومصر والجزائر وكوبا بالإضافة إلى المجر، الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي، من بين المدعوين. وأضاف أن بريطانيا لم توجه إليها الدعوة التي على ما يبدو قد استثنت أيضا سفراء الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا الأعضاء في مجموعة (5+1) المعنية بمتابعة الملف النووي الإيراني.

ويزور مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية المواقع النووية الإيرانية بشكل منتظم بما في ذلك محطة تخصيب اليورانيوم في نطنز. لكن الوكالة عبرت عن خيبة أملها المتزايدة مما تعتبره عدم تعاون من جانب إيران مع مفتشيها.

ومن جانبها، ردت الولايات المتحدة على الدعوة التي استثنيت منها بأنها «تهريج» لا يمكن أن يحل محل «تعاون شفاف»، وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي لوكالة الصحافة الفرنسية «سبق أن رأينا إيران تمارس مثل هذا التهريج».

وأضاف في رسالة إلكترونية «إنها محاولة لصرف الأنظار عن عدم احترامها لالتزاماتها تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، وقال: «أيا كانت الخدعة التي تعتزم إيران القيام بها! فإنها لا يمكن أن تحل محل ضرورة التعاون بشفافية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية قد نقلت عن كراولي وصفه للدعوة بأنها «حيلة ذكية». وبدورها أعلنت فرنسا أن تفتيش المواقع النووية من صلاحيات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وصرحت مساعدة الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية كريستين فاج للصحافيين «أبلغنا اليوم بدعوة وجهتها سلطات طهران لزيارة منشآت نووية»، وأضافت «من جهتنا لم نتلق دعوة ونذكر بأن عمليات التفتيش في إيران من صلاحيات الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

وفي بكين، أعلنت وزارة الخارجية الصينية تلقي بكين دعوة من إيران لزيارة مواقعها النووية، كما ذكر مسؤولون في بروكسل أن الاتحاد الأوروبي تلقى الدعوة أيضا، غير أنه يريد إشراك الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الأمر. وقال متحدث باسم المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد: «يمكننا التأكيد على تلقي سفيرنا لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية الخطاب.. إن الأمر يرجع إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومفتشيها في المقام الأول، بشأن إمكانية التفقد التام للمنشآت (النووية) الإيرانية وعمل التقييمات اللازمة للبرنامج النووي الإيراني»، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

كما قالت وزارة الخارجية المجرية إنها تلقت أيضا دعوة إيران وإنها تتشاور مع كاثرين أشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد بشأن اقتراح طهران.

ويرى محللون أن دعوة إيران لعدة سفراء معتمدين لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا على أنها خطوة «علاقات عامة» لن تساعد كثيرا في حل نزاع دولي مستمر منذ فترة طويلة بشأن خطط طهران النووية.

فيما وصف مارك فيتسباتريك من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الخطوة التي قامت بها إيران بأنها «حيلة دعائية» تهدف إلى تعميق الانقسامات بين الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الذرية فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي.