تشيني يعود إلى الساحة.. بمضخة قلب ومظهر جديد

ترأس حملة تبرعات ويتأهب لحضور احتفال في ذكرى حرب الخليج ويستعد لنشر مذكراته

تشيني بدا أنحف خلال حضوره احتفال إطلاق مكتبة بوش الرئاسية في نوفمبر الماضي
TT

قبل بضعة أيام من أعياد الميلاد أنهى ديك تشيني راحة إجبارية فرضها على نفسه من السياسة الحزبية ليرأس حملة لجمع التبرعات لماريا سينو الناشطة في الحزب ومسؤولة إدارة الرئيس السابق جورج بوش المرشحة لخلافة مايكل ستيل كرئيس للجنة الوطنية للجمهوريين.

وتأتي حملة جمع التبرعات لسينو، التي أقيمت في ألكسندريا بولاية فيرجينيا، مقر مساعدة تشيني السابقة ماري ماتالين، كأول معركة له في المشهد السياسي الحزبي في واشنطن منذ تركيب مضخة قلب ميكانيكية له في يوليو (تموز) الماضي، والتي قال عنها الأطباء إنها أنقذت حياة تشيني عبر اضطلاعها بمهمة المساعدة في دفع الدم عبر الشرايين. وقد تحدث تشيني، مثلما فعل خلال حفلات الاستقبال الكثيرة التي أقامها أثناء العطلات في واشنطن، عن مضخة قلبه الجديدة، حتى أنه أقدم في أحد حفلات الكوكتيل على فتح معطفه لعرضها على الحاضرين. وعلى الرغم من النحافة الشديدة التي بدت على تشيني، حيث تبدو ابتسامته العريضة على وجهه أكثر نحافة، فإن تشيني عاد مرة أخرى، على حد قول مساعديه إلى ممارسة حياته القديمة من الصيد والأنشطة الاجتماعية.

لكن الأهم من ذلك هو أن تشيني (69 عاما)، تخلى عن دوره العام كشخصية سياسية مقاتلة التي بدا بها خلال العامين الماضيين، والتي حاول خلالهما انتهاز أي فرصة للدخول في معارك كلامية مع الرئيس باراك أوباما.

ومع قرار الرئيس السابق جورج بوش التزام الصمت إلى حد بعيد، حاول تشيني خلال فترة رئاسة أوباما لعب دور الناقد العام، متهما الرئيس الجديد الشاب بتنحية سياسات عهد بوش وتقويض الأمن القومي الأميركي. فشهد عام 2009 معركة كلامية بين تشيني وأوباما في يوم واحد.

بيد أن أفراد الأسرة والأصدقاء يرسمون صورة جديدة لرجل يركز على الأحداث اليومية في واشنطن وشخص يبدي اهتماما أكبر بتوثيق سنوات خدمته في مذكراته وممارسة حياته الطبيعية بمضخة قلبه الجديدة.

يشير الأطباء إلى أن قلب تشيني لن يخفق بطاقته الكاملة مرة أخرى، فمضخة قلبه الصناعية الجديدة، وهي قلب صناعي جزئي يسمى جهاز مساندة البطين، يترك المريض دون نبض لأنه يضخ الدم بصورة متواصلة، بدلا من محاكاة ضربات قلبه هو. لا يشعر المرضى بالتغيرات لكن الجهاز يحمل مخاطر واضحة بإمكانية العدوى، حيث تزرع هذه الأجهزة كملاذ أخير سواء لمستخدم دائم أو بصورة مؤقتة حتى يتم العثور على متبرع. ويواجه تشيني الذي شارك في اتخاذ بعض أصعب القرارات في العقد الماضي خيار الاستمرار في الحفاظ على مضخة القلب أو السعي لزراعة قلب كاملة. وهو قرار ربما يضطر تشيني إلى اتخاذه خلال عدة شهور، فقد صار من الكبر بحيث لن يتمكن من الخضوع لمثل هذه العملية إذا تأخر في اتخاذ القرار، بحسب قول الأطباء. وعلى الرغم من إمكانية عيش بعض المرضى الذين خضعوا لتركيب نفس الجهاز الذي ثبت لتشيني لسنوات، فإن طول هذه المدة لا يزال غير معروف.

ولم يتحدث أصدقاؤه أو عائلته عن طبيعة مرض نائب الرئيس السابق أو الخطوات التي قد يتخذها لمواجهتها. لكنه في الوقت ذاته، بدأ في ممارسة نشاطاته القديمة، فإلى جانب حملة جمع التبرعات لسينو حضر سلسلة من الحفلات في العطلة في واشنطن، مثيرا للهمس في أثره حول أسباب فقدان وزنه. وتقول ماتالين، الصديقة المقربة له على الرغم من الرسوم الكاريكاتيرية التي رسمت له فإنه لم يسمح لأحد بمعرفة أي شيء عن مرضه.

تشيني الذي قضى العطلات في مزرعة بولاية ويومينغ، التقى مؤخرا في منزله بعض طلاب أكاديمية وست بوينت في ماكلين بولاية فيرجينيا للحديث بشأن تجاربه في العمل مع أربعة من بين آخر خمسة رؤساء جمهوريين حكموا الولايات المتحدة وعن طبيعة العمل في البيت الأبيض. وقد التقطت صور له في متاجر للبقالة في ويومينغ يشتري صلصة الإسباغيتي والفلفل. وقالت ابنته ليز في رسالة بريد إلكتروني: «كان يحاول تعليمي كيفية طهو عشاء عيد الميلاد».

لكن الأهم من ذلك، قولها إن أباها يعمل على إنجاز كتابه الذي يتوقع أن يطرح في الأسواق خريف العام الحالي. وتقول: «إنه لا يزال يفضل الكتابة باليد على ورق أصفر على الرغم من جهودي لحمله على استخدام جهاز كومبيوتر محمول من أجل ذلك الغرض». من خلال استكمال كمية الدم التي تضخ عبر جسده تسمح مضخة تشيني له بالقيام بالكثير من الأشياء التي يقوم بها بقلبه السليم، فبمقدور هؤلاء المرضى ركوب الدراجات ولعب الغولف والتنس وقيادة السيارات والتسوق والقيام بشكل عام بكل الأنشطة التي كانوا يقومون بها قبل إصابتهم بأزمة قلبية حادة، ومن ثم فهم بحاجة إلى تعاطي مضادات التخثر مثل الورفارين (الذي يباع تحت الاسم التجاري كومادين) وإجراء اختبارات للدم لمراقبة كمية التخثر.

عادة ما توضع المضخة في غالبية المرضى بجوار قلوبهم، حيث يبرز سلك الطاقة قريبا من مستوى الخصر ومتصلا بجهاز تحكم، والذي يشبه جهاز كومبيوتر صغير للغاية متصل ببطاريتين صغيرتين تزنان رطلا ونصف الرطل قوتها 12 فولتا. ويرتدي المرضى صدرية سوداء على ملابسهم تحمل جهاز التحكم والبطاريات.

وتقول عائلة تشيني وأصدقاؤه إنه يفكر في العودة مرة أخرى وإلقاء مزيد من الخطب في عام 2011، فمن المتوقع أن يسافر في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي إلى تكساس للاحتفال بالذكرى العشرين لحرب الخليج مع الرئيس بوش الأب وأمير الكويت وعدد من مسؤولي الإدارة خلال تلك الفترة الذين سيكون من بينهم برنت سكوكروفت مستشار الأمن القومي الأسبق وكولن باول الذي كان رئيس هيئة الأركان المشتركة في تلك الفترة في الوقت الذي تولى فيه تشيني وزارة الدفاع.

وقد كان تشيني ضيفا على حفل جمع التبرعات الذي أقيم في منزل بعض أصدقائه في مقاطعة جاكسون بولاية ويومينغ من أجل برامج المنح الدراسية والذي بدأه هو وزوجته ليني في جامعة ويومينغ، حيث تبرعا بـ4.5 مليون دولار للمساعدة في إنشاء منح للطلاب للدراسة في الخارج. وقال تشيني إنه يدين بالفضل لجامعة ويومينغ في عودة حياته إلى المسار الصحيح بعد تعرضه للطرد مرتين من جامعة ييل.

وتتيح المضخة الجديدة لتشيني الذهاب إلى السينما، فتقول ابنته: «ذهب هو وأمي إلى السينما لمشاهدة فيلم (ترو غريت) في سينما تيتون ثيتر في مقاطعة جاكسون قبل بضعة أيام»، لكن الفيلم لم يحز على رضاهما.

* خدمة «نيويورك تايمز»