صالحي يبحث ملف «مجاهدين خلق» في بغداد

وزير خارجية إيران المولود في كربلاء للصحافيين بالعربية: نتطلع لفتح صفحة جديدة في العلاقات

وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري لدى استقباله وزير الخارجية الإيراني بالوكالة علي أكبر صالحي في مطار بغداد الدولي أمس (أ.ب)
TT

هيمن ملف منظمة «مجاهدين خلق» الإيرانية المعارضة التي تتخذ من معسكر أشرف، شمال شرقي بغداد، مقرا لها، على المباحثات التي أجراها أمس وزير الخارجية الإيراني بالوكالة علي أكبر صالحي في العاصمة العراقية مع كبار المسؤولين العراقيين، بمن فيهم رئيس الوزراء نوري المالكي، ووزير الخارجية هوشيار زيباري.

وقال زيباري خلال مؤتمر صحافي إن صالحي ناقش هذه المسألة «مع رئيس الوزراء، وهي حاضرة في مباحثاتنا واتصالاتنا المباشرة بالسفارة (الإيرانية)، وهذا الموضوع مهم بالنسبة لإيران». ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية قوله «عانينا أكثر من أي طرف آخر من شرور هذه المنظمات ضد مصالحنا ومواطنينا. دستورنا لا يسمح إطلاقا بوجود أي منظمة على أراضينا تقوم بالاعتداء على دول الجوار ونحن ملتزمون بذلك». وأضاف زيباري «هناك بعض الالتزامات الإنسانية وفق الأعراف الدولية، لكن الحكومة جادة ومصممة، فهي صاحبة السيادة ولا تسمح لأي جهة أو منظمة أن تنتقص أو تقوض السيادة، نحن ماضون في معالجة الموضوع». وختم زيباري قائلا دون مزيد من التفاصيل «أتصور أن هناك بعض المقترحات الجيدة لمعالجة المسألة».

كما أعلن زيباري أن «العراق وإيران توصلا إلى اتفاق بتشكيل لجنة مختصة لإعادة ترسيم الحدود المشتركة بينهما، وهذه اللجنة ستبدأ أعمالها في غضون فترة قريبة لإعداد الخطة اللازمة للشروع في إعادة ترسيم الحدود المشتركة بين البلدين». وقال زيباري إن «المباحثات التي عقدناها مع الوزير الإيراني تركزت حول مسألة ترسيم الحدود، وتنظيم السياحة الدينية وتسهيل زيارات المواطنين الإيرانيين للعتبات المقدسة بالعراق، إلى جانب بحث العلاقات الثنائية وتمتينها على الصعد السياسية والاقتصادية كافة».

إلى ذلك، قال الوزير الإيراني، وهو من مواليد كربلاء وقضى شبابه في منطقة الكاظمية: «نعقد الكثير من الأمل على جلاء القوات الأجنبية من العراق الذي نعتبر ترابه مقدسا». وأضاف باللهجة العراقية «نتطلع إلى أن يستعيد العراق، على وجه السرعة، استقلاله الكامل واستتباب الأمن وأن يكون صاحب السيادة الوطنية الكاملة، على أن يتولى أبناؤه إدارة الملفات بشكل كامل، دون أي تدخل».

ونقل بيان رسمي عن المالكي قوله خلال لقائه صالحي «نتطلع لتحقيق النجاحات لأن الحكومة تشكلت في مرحلة أفضل من المرحلة التي تشكلت بها حكومة الوحدة الوطنية التي واجهت الكثير من التحديات، لا سيما في الجانب الأمني». وأكد أن «حرصنا على سلامة وأمن العراق جزء من حرصنا على أمن جميع دول المنطقة (...) وحرص الحكومة على تطوير العلاقات» مع إيران. وختم المالكي بيانه موضحا أن «الوضع الجديد بعد تشكيل الحكومة يضعنا أمام تحديات مواجهة الإرهاب والمنظمات الإرهابية، ونحن على ثقة في قدرتنا على مواجهة هذه التحديات والتغلب عليها».

يشار إلى أن الحكومة العراقية تعتبر «مجاهدين خلق» منظمة «إرهابية». وقد حاولت بغداد نقل معسكر أشرف، حيث يقيم أنصار المنظمة، إلى مناطق صحراوية بعيدة عن الحدود مع إيران. وبني المعسكر الذي يبعد ثمانين كيلومترا عن الحدود الإيرانية إبان ثمانينات القرن الماضي، ويؤوي نحو 3500 شخص من معارضي النظام الإيراني. وقد سمح الرئيس الأسبق صدام حسين لـ«مجاهدين خلق» بالإقامة لحملهم على مساندته في قتال النظام الإيراني في الحرب بين العراق وإيران (1980 - 1988). وتدير السلطات العراقية مباشرة المعسكر منذ يناير (كانون الثاني) 2009، تاريخ انتهاء تفويض الأمم المتحدة التي أوكلت الجيش الأميركي مسؤوليته، فقام بنزع السلاح عن المعارضين الإيرانيين عام 2003. وتتزامن زيارة صالحي مع قبول القاضي الإسباني فرناندو أندرو باسم مبدأ العدالة الدولية، التحقيق في أعمال عنف، متهم بارتكابها عناصر أمن عراقيون في أشرف، أسفرت عن سقوط 11 قتيلا ومئات الجرحى أواخر يوليو (تموز) 2009. وقال القاضي أول من أمس إنه سيدعو إلى المثول في الثامن من مارس (آذار) اللواء العراقي عبد الحسين الشمري، قائد الشرطة في محافظة ديالى، حيث يقع المعسكر. لكن الشمري قال لوكالة الصحافة الفرنسية: «أنا بريء من هذه التهم، وأستغرب لماذا الدعوى مقامة ضدي لا علاقة لي بما حدث». وأضاف أن «القوة التي دخلت المعسكر آنذاك كانت قادمة من بغداد وقوامها الجيش وليس الشرطة. بعد أن استقرت القوة في المعسكر، طلبت من شرطة ديالى إقامة مركز لها بداخله وهذا ما فعلناه». وأكد الشمري «لم تحدث أي صدامات بين الشرطة وبينهم (سكان المعسكر) منذ تاريخ إقامة مركز الشرطة حتى اليوم».

بدورها، أشادت «مجاهدين خلق» بالقرار الإسباني الذي «يضفي شرعية على المطالب التي يطالب فيها باستمرار سكان أشرف (...) بشأن ضرورة عرض الملف أمام هيئة قانونية دولية محايدة». إلى ذلك، قال صالحي «نتطلع بعد تشكيل الحكومة العراقية إلى علاقات قوية بين البلدين، وفتح صفحة جديدة والعمل على دفع عجلة اللجنة العليا إلى الأمام والمساهمة في عملية البناء والإعمار وتطوير الاقتصاد العراقي». وأضاف أن «العراق في ظل الوضع الجديد بلد موحد ومستقل لديه الكثير من الطاقات البشرية والاقتصادية ونحن على أتم الاستعداد لتقديم الدعم والخبرات في مختلف المجالات». وختم قائلا «لمسنا حرص العراق على تطوير علاقاته مع جميع دول المنطقة، ونحن سعداء لأن القمة العربية المقبلة ستعقد في بغداد، مما يؤكد استقرار العراق وتقدمه».