جنازة رسمية لحاكم البنجاب.. وقاتله «متطرف»

علماء دين باكستانيون يحذرون من رثائه و«الترحم عليه»

مالك ممتاز حسين قدري الحارس الشخصي الخاص لحاكم اقليم البنجاب سلمان تيسير بعد مثوله امام محكمة اسلام اباد بتهمة اغتياله لتيسير اول من امس (ا. ف. ب)
TT

دفن حاكم إقليم البنجاب أكبر أقاليم باكستان أمس في جنازة رسمية وسط إجراءات أمنية مشددة بعد يوم من مقتله برصاص حارس شخصي له بسبب خلاف بشأن قوانين التجديف (سب المقدسات) في البلاد. وهتف نحو 3 آلاف من مؤيديه من حزب الشعب الباكستاني بشعارات تكريما لحاكم الإقليم سلمان تيسير، بينما حضر رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني والكثير من أعضاء حكومته مراسم الجنازة في مقر الحاكم في العاصمة الإقليمية لاهور. وتولى نحو 4 آلاف رجل شرطة حراسة المنطقة والمقبرة العسكرية التي دفن فيها تيسير في وقت لاحق. وما زالت جميع الشركات والمدارس مغلقة اليوم الأربعاء في لاهور والكثير من المدن الأخرى في مختلف أنحاء البلاد. وكشفت السلطات الباكستانية أمس أن حارس الأمن الذي اغتال حاكم ولاية البنجاب الباكستانية، سلمان تيسير، أول من أمس كان قد منع من تقديم الخدمات الأمنية للشخصيات المهمة قبل 5 شهور. وقال فيصل رضا عبيدي، المستشار السياسي الخاص للرئيس الباكستاني، إن مديرية الأمن العام في البنجاب صنفت الحارس الأمني بأنه ذو آراء متطرفة وبالتالي فإن توظيفه لحراسة الشخصيات المهمة يعتبر غير آمن.

ورغم هذا التقييم قامت شرطة البنجاب بتعيين مالك ممتاز حسين قادري كحارس أمني هذا الأسبوع. واتهم مالك قادري باغتيال حاكم البنجاب، سلمان تيسير، الثلاثاء على خلفية معارضته لقانون يتعلق بالتجديف وازدراء الأديان. يذكر أن تيسير، عضو حزب الشعب الباكستاني الليبرالي، اتخذ موقفا حازما ضد قانون التجديف المثير للجدل في أواخر العام الماضي عندما صدر حكم على امرأة مسيحية تدعى آسيا بيبي، 45 عاما، بالإعدام من قبل محكمة في ولاية البنجاب بسبب تلفظها بعبارات سب بحق الرسول محمد. إلى ذلك حذر 500 من رجال الدين المسلمين في باكستان من التعبير عن الحزن لاغتيال حاكم إقليم البنجاب الذي كان معارضا لقانون الهرطقة وقالوا إن من يفعل ذلك قد يلقى نفس المصير. ولم يكن للحاكم سلمان تيسير وهو سياسي ليبرالي مقرب من الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري دور في العمل اليومي للحكومة المركزية لكن اغتياله في وضح النهار وفي مركز تسوق في إسلام آباد أمس الثلاثاء يعزز الشعور بأن الحكومة غير قادرة على تحقيق الاستقرار في البلد الذي يبلغ عدد سكانه نحو 170 مليون نسمة. وقتل تيسير بيد أحد حراسه بعدما اغتاظ على ما يبدو بسبب انتقاد الحاكم لقانون الهرطقة فاغتاله في مكان لوقوف السيارات في منطقة تسوق يرتادها الأجانب. وتقول جماعات معنية بحقوق الإنسان أن متدينين محافظين وأشخاصا عاديين كثيرا ما يستغلون القانون لتصفية حسابات شخصية. لكن القانون يحظى بدعم واسع النطاق في باكستان التي تصل نسبة المسلمين فيها إلى 95% والتي لا يحب معظم السياسيين فيها أن يظهروا بمظهر المتساهل في الدفاع عن الإسلام إلا أن تيسير كان منتقدا صريحا. وتضم جماعة أهل السنة في باكستان رجال دين وتنتقد صراحة مقاتلي حركة طالبان الذين يشنون هجمات على الحكومة الباكستانية وحليفتها واشنطن. والجماعة من أكبر الجماعات التي تمثل رجال الدين السنة. وتقود الجماعة احتجاجات تناصر قانون الهرطقة. ويوضح هذا الأمر مدى صعوبة أن تقنع واشنطن التي ترى أنه لا غنى عن إسلام آباد في الحرب على التشدد القادة الباكستانيين بقمع التعصب الديني بشكل أكبر. وقالت الجماعة في بيان يحذر أكثر من 500 رجل دين في جماعة أهل السنة المسلمين من تقديم واجب العزاء في سلمان تيسير حاكم البنجاب وينصحونهم بعدم الصلاة عليه. وكذلك لا يجب أن يكون هناك أي تعبير عن الحزن أو التعاطف مع مقتل الحاكم لأن من يدعمون الإساءة للنبي يورطون أنفسهم في الهرطقة.

وعمق اغتيال تيسير من أزمة سياسية في باكستان الدولة المسلحة نوويا التي تقف في الصفوف الأمامية في محاربة التشدد في أفغانستان. وجاء الاغتيال بعد يومين من انضمام شريك أساسي في الائتلاف الحاكم لرئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني إلى المعارضة احتجاجا على سياسات أسعار الوقود مما ترك جيلاني من دون أغلبية برلمانية ويواجه صعوبة في محاولة إنقاذ حكومته.