ضابط عسكري مغربي: أسلحة خلية الـ27 كلها من صنع روسي.. وصالحة للاستعمال

عثر عليها بواسطة 5 كلاب مدربة

جزء من الذخيرة التي حجزتها السلطات المغربية في مخبأ لـ«القاعدة» وسط الصحراء (تصوير: منير محيمدات)
TT

على بعد بضعة كيلومترات من الحدود المغربية - الموريتانية، عرض مسؤولون في الدرك الملكي الحربي أول من أمس على الصحافيين، المخابئ والأسلحة التي تم اكتشافها في سياق تفكيك الأمن المغربي لشبكة إرهابية على صلة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وتضم 27 شخصا.

وتعتبر هذه أول مرة يقوم فيها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بتسريب أسلحة تتضمن بنادق رشاشة ومدافع مضادة للمدرعات، إلى المغرب، الشيء الذي اعتبره متتبعون تحولا جديدا في استراتيجية التنظيم في المغرب.

وتقع مخابئ الأسلحة في منطقة نائية وسط الصحراء تبعد نحو 35 كيلومترا عن الحزام الأمني وبنحو 25 كيلومترا عن مركز قيادة القطاع العسكري «أمغالا» جنوب مدينة السمارة. والمخابئ عبارة عن ثلاث حفر يصل عمقها إلى نحو متر وتبعد عن بعضها البعض بنحو 450 مترا، وتشكل فيما بينها مثلثا في جنبات منطقة منخفضة تحيط بها بعض المرتفعات. ووضعت الأسلحة داخل صناديق خشبية مطلية باللون الأخضر الغامق، ومغلفة في الداخل بالورق المشمع والبلاستيك الشفاف. ومن خلال بريق الطلاء وحالة المسامير التي أغلق بها باب الصندوق، والتي تبدو جديدة تماما، وكذلك حالة الخشب الذي يشبه الخشب المستعمل في صناديق النقل البحري للسلع، يمكن استنتاج أن عملية التخزين حديثة. كما أن أكياس وأحزمة حمل الخراطيش والذخيرة تبدو جديدة وغير مستعملة، فقط بنادق الكلاشينكوف بدت قديمة.

وأشار العقيد مكوار عبد اللطيف (من الدرك الملكي الحربي)، الذي رافق الصحافيين خلال زيارة الموقع، إلى أن الأسلحة المحجوزة كلها من صنع روسي وصالحة للاستعمال، وقال إن الفرق الفنية للشرطة العلمية شرعت للتو في تحليل المعطيات المتوفرة.

وذكر العقيد مكوار أن قيادة المنطقة العسكرية تلقت أوامر من القيادة العليا للجيش لتمشيط المنطقة استنادا إلى معلومات حول وجود مخابئ للأسلحة. وأضاف: «كانت المعلومات التي وصلتنا جد دقيقة لدرجة أننا عثرنا على المخابئ في وقت وجيز جدا باستعمال 5 كلاب مدربة». وأشار إلى أن اكتشاف المخابئ تم يوم الثلاثاء الماضي، وأن عمليات تمشيط الأماكن المحيطة بالموقع لا تزال متواصلة. وأوضح العقيد مكوار أن الترسانة التي تم اكتشافها تتكون من 34 بندقية كلاشينكوف، ومدفع هاون من عيار 82 مليمترا، وقاذفتين من نوع «إر بي جي»، بالإضافة إلى 7162 رصاصة، و14 قذيفة.

إلى ذلك، اعتبر محمد بنحمو، رئيس اتحاد المراكز الأفريقية للدراسات الاستراتيجية، أن تفكيك هذه الشبكة يؤكد أن الخطر الإرهابي أصبح قائما في المغرب بشكل أكبر في الآونة الأخيرة، خاصة مع استرجاع تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي لأنفاسه وتلقيه أموالا كبيرة من عمليات اختطاف الرهائن الغربيين وعمليات تهريب المخدرات عبر الصحراء.

وقال بنحمو لـ«الشرق الأوسط» إن اتخاذ هذه الخلية لموقع ناء في الصحراء كمخبأ للأسلحة يؤكد تحول منطقة الحمادة الصحراوية الواقعة بين المغرب والجزائر، إلى رافد للقاعدة في المغرب الإسلامي وكذلك عصابات الجريمة الدولية، خاصة تهريب الأسلحة والمخدرات.

وأضاف بنحمو أن وجود مخيمات تندوف للاجئين الصحراويين في هذه المنطقة، والتي يعيش فيها العديد من الشباب الساخطين من دون أفق ولا أمل، أصبح يشكل خطرا أمنيا كبيرا على استقرار المنطقة، خاصة أن العديد من هؤلاء الشباب انخرطوا في عمليات مرتبطة إما بـ«القاعدة» أو بعصابات تهريب المخدرات. وقال: «إن الهشاشة الأمنية في منطقة الساحل والصحراء أصبحت تشكل تهديدا أمنيا قويا وتستوجب ردا جماعيا من دول المنطقة واستراتيجية إقليمية متكاملة للقضاء عليه. وإذا كان هناك من خلاصة اليوم فهي أن الوضع الشاذ في مخيمات تندوف ينبغي أن ينتهي لأنه أصبح يشكل تهديدا أمنيا لمجموع دول المنطقة». وأضاف بنحمو أن نجاعة المقاربة الأمنية المغربية في مكافحة الإرهاب، والتجربة والخبرة التي راكمتها المصالح الأمنية المغربية في هذا المجال، وكسب الرهان الاستخباراتي، مكنت المغرب من إحباط المخططات الإرهابية التي استهدفته. غير أن حجم ترسانة الأسلحة التي تم حجزها في العملية الأخيرة، وتنوعها، وعدد أفراد الشبكة، واستهدافها وكالات مصرفية، كلها مؤشرات، يقول بنحمو، على تحول نوعي في مخططات «القاعدة» بالنسبة للمغرب. وزاد قائلا: «ما يمكن أن نستنتجه من هذه العملية هو أن هناك مساعي لدى القاعدة لخلق تنظيم مستقل في المغرب، يتوفر على وسائل مالية ولوجستيكية خاصة، ويسعى للقيام بعمليات نوعية بهدف النيل من استقرار المغرب». ويرى الباحث المغربي مصطفى القصوري بدوره أن طبيعة الشبكة الأخيرة التي تم تفكيكها من طرف الأمن المغربي، ويتزعمها مغربي مقيم في شمال مالي، ونوعية الأسلحة المحجوزة، تشير إلى تحول في مقاربة القاعدة في المغرب الإسلامي لاستراتيجيتها في المغرب.

وقال القصوري: «من قبل كان انخراط المغاربة في القاعدة يتم بشكل فردي أو في إطار خلايا بسيطة، تقوم على أساس تجنيد عناصر من أجل إرسالها إلى العراق أو الجزائر، والعمل تحت إمرة أشخاص غير مغاربة. أما في هذه الحالة فنحن أمام تنظيم مغربي قائم الذات ومستقل إداريا وماليا ويعمل تحت إمرة مغربي».