القاهرة تنصح عون بالصوم عن التصريحات

النيابة تؤكد أن أحدا من الشهود لم يقف على كيفية حدوث انفجار الإسكندرية أو مرتكبه

TT

انتقدت الخارجية المصرية، أمس، تصريحات للعماد ميشال عون، رئيس حزب «التيار الوطني الحر» اللبناني، قبل يومين بشأن حادث التفجير الإرهابي أمام كنيسة «القديسين» بالإسكندرية. ووصف المتحدث الرسمي للخارجية المصرية حسام زكي هذه التصريحات بـ«الخاطئة والقاصرة»، معتبرا أنها تعكس «حقدا دفينا لديه (عون) ضد مصر»، مشيرا إلى أنه لولا فداحة الألم لاستحق هذا الهذيان الضحك بدلا من الغضب».

وكان العماد عون، قد انتقد موقف الدولة المصرية من المسيحيين، قائلا: «يبدو أن الاعتدال (المصري) مع إسرائيل فقط، وليس مع بقية مكونات المجتمع المصري».

وقال المتحدث الرسمي للخارجية المصرية ردا على سؤال محررين دبلوماسيين إن تصريحات عون «بعيدة عن اللياقة وتعكس حقدا دفينا لديه ضد مصر»، مضيفا أن «السيد عون عودنا على تصريحات تعكس دائما قراءات سياسية خاطئة وقاصرة، وها هو يدلي بتعليق جديد يكرس عدم فهمه مطلقا للواقع المصري، ويعكس بالإضافة إلى ذلك انعدام الحس الاجتماعي لديه». وتابع القول: «أعتقد أنه من السذاجة والاستخفاف بمكان أن يعقد أي قارئ سياسة مبتدئ مقارنة كالتي أجراها عون، في مخيلته هو وحده، بين تعامل الدولة المصرية مع إسرائيل وتعاملها مع الأقباط المصريين، ولولا جسامة الموقف وفداحة الخسارة والألم اللذين نستشعرهما جميعا كمصريين لكان مثل هذا الهذيان يستحق الضحك بدلا من الغضب».

ونصح المتحدث باسم الخارجية المصرية العماد عون بالصوم عن «التصريحات السخيفة التي يبدو أنه أدمنها، خاصة ضد مصر»، مضيفا أن على عون أن يلتفت إلى شؤونه وأتباعه الذين يسقطون منه يوما بعد يوم جراء «مواقفه المتضاربة وتحالفاته المريبة».

وتابع القول: «على أي الأحوال، فإن مصر تلقت عزاء كافيا ووافيا من كبار رجالات السياسة في لبنان، وفي مقدمتهم الرئيس ميشال سليمان وممثلو الطائفة المارونية الكريمة التي ينتمي إليها عون».

ومن جهة أخرى كشفت عمليات استعراض التحقيقات التي قام بها النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود مع فريق محققي نيابات الإسكندرية التي تشرف على التحقيقات في حادث انفجار كنيسة القديسين بالإسكندرية، أن التحقيقات وأقوال شهود الحادث من المصابين وأفراد الأمن وأهالي المنطقة، بينت عدم وقوف أي منهم على كيفية حدوث الانفجار أو منفذه، إذ فوجئ جميع الموجودين أمام الكنيسة سواء من الشهود أو المصابين بصوت الانفجار يدوي، وما ترتب عليه من آثار تدميرية سواء في الأشخاص أو العقارات المجاورة للكنيسة أو السيارات التي كانت تقف بذات المنطقة. من جانبها، نشرت الصحف المصرية الصادرة أمس كافة، صورة تلقتها من السلطات الأمنية تحمل رأسا لشاب في العشرينات بعد أن تم استكمال تكوينها إلكترونيا عقب العثور عليها مشوهة المعالم جراء الانفجار، خاصة أنها لشخص مجهول لم يتم التعرف عليه حتى الآن من قبل أسر الضحايا والمصابين الذين كانوا موجودين في مسرح الحادث، وهو الأمر الذي أعطى شكوكا بإمكانية أن يكون هذا الشخص هو منفذ العملية.

وطلب النائب العام من مصلحة الطب الشرعي ومصلحة الأدلة الجنائية إعداد تقرير عن آثار الانفجار على السيارات التي كانت موجودة بمكان الحادث، توصلا لتحديد تصور لكيفية حدوث الانفجار بدقة، بعدا ومستوى واتجاها، بالنسبة للأماكن والأشخاص والسيارات الواقعة في مداه، وكذلك مناظرة الأجسام الصلبة المستخرجة من جثث المتوفين أو من الأشلاء الآدمية أو من المصابين، أو من الأشلاء التي عثر عليها بمكان الحادث، وذلك لإجراء الفحوص الفنية اللازمة لكافة تلك الآثار، وإعداد تقرير مفصل وعرضه على النيابة العامة في حينه.

وتتواصل في مختبرات ومعامل مصلحة الطب الشرعي بالإسكندرية والقاهرة فحوص وأبحاث الحامض النووي، في محاولة للتوصل إلى هوية الأشلاء والرفات البشري المتناثر والمختلط جراء شدة الانفجار، وفي مقدمتها رأس بشرية منفصلة وقدمان غير متطابقتين مجهولتي الهوية حتى الآن.

وبدا من كافة المصادر التي اضطلعت، ولا تزال، بمعاينة وتحليل الحادث ومفرداته (الطب الشرعي ومصلحة الأدلة الجنائية وخبراء المفرقعات) أن هناك إجماعا على استبعاد فرضية السيارة المفخخة، ليحل محلها استنتاج أقرب إلى اليقين بأن العبوة الناسفة كانت محمولة في ما لم يتم الجزم بعد بما إذا كان حاملها يرتديها في شكل حزام أو سترة ناسفة، أو أن يكون قد ألقاها من داخل حقيبة محمولة، أو ألقاها بيديه.

وأكدت مصادر بالمعمل الجنائي أن هناك جسما بشريا كان أول ما اصطدمت به الموجة الانفجارية، يرجح أنه لجثمان الشخص الذي عثر على رأسه ولم يتم التعرف عليه حتى الآن، بينما تمزقت أشلاء جسده، ثم امتد أثر الانفجار بعد ذلك إلى السيارات المجاورة أمام الكنيسة، ومنها إلى المارة والموجودين ومن المواطنين ومعظمهم من الأقباط الذين كانوا يهمون بالخروج من الكنيسة ورجال الأمن الموجودين لحراسة الكنيسة.

وأشارت المصادر إلى أن الموجة الانفجارية الأفقية لا يترتب عليها تحطم الرأس البشرية بالكامل بقدر ما تتركز الأضرار في الجسد وبصورة تمتد بشكل أفقي، الأمر الذي أدى إلى انفصال الرأس عن الجسد وتطايرها لأعلى، مؤكدة أن تقرير مصلحة الأدلة الجنائية ستفصل قريبا في شأن المكونات التي صنعت منها العبوة الناسفة، وما إذا كانت تلك المكونات تم تجميعها محليا بالكامل أم بصورة جزئية وبها مكونات خارجية، لافتة إلى أن التقرير النهائي بشأن العبوة الناسفة سيتضمن أيضا بيان نوعية وطريقة تجميع وتكوين العبوة، وما إذا كانت مستوحاة من عمليات تفجيرية مماثلة خارج مصر أو داخلها. وفي سياق متصل، قام المئات من أعضاء نقابة المحامين بالإسكندرية بتنظيم وقفة احتجاجية على حادث التفجير، أمام مبنى مجمع المحاكم بكورنيش المدينة. وأعلن محمد عبد المطلب نقيب محامي الإسكندرية عن تشكيل النقابة للجنة قانونية من محامين أقباط ومسلمين لمتابعة سير التحقيقات والدفاع عن حقوق أسر الشهداء والمصابين بالحادث الإرهابي، مشيرا إلى تكفل النقابة بكافة المصروفات القضائية، للمطالبة بالتعويضات للمضارين من الحادث.