المسيحيون والمسلمون في بيت لحم يحيون أعياد الميلاد الشرقية بصورة قل نظيرها

أبو مازن وفياض يشاركانهم قداس منتصف الليل

TT

تواصلت الاحتفالات في مدينة بيت لحم، أمس، بشكل لافت، مع دخول أعياد الميلاد يومها الأول بالنسبة للمسيحيين الذين يسيرون على التقويم الشرقي، وذلك رغم الحزن الذي يخيم عليهم بعد تفجيرات الإسكندرية. وشاركهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) وكذلك رئيس وزرائه سلام فياض، كعادتهما في كل عام احتفالهم في قداس منتصف الليل.

وتحولت بيت لحم في هذه الأيام إلى مهرجان كبير، أنيرت فيه كل زاوية وشجرة بأنوار مختلفة الألوان على أشكال أجراس وأغنام، وراحت السيارات والمحلات التجارية تصدح بصوت عال بأغاني الميلاد المعروفة، بينما جابت الكشافة ومعها الشبان الذين يرتدون ملابس «بابا نويل» التقليدية شوارع المدينة يستعرضون ويقدمون الهدايا للأطفال بطريقة مثيرة للانتباه.

واحتشد آلاف من المسيحيين الذين يشكلون ثلث السكان في بيت لحم والمسلمين والسواح الأجانب في الساحة الإمامية لكنيسة المهد، مهد السيد المسيح، الأشهر في العالم، للاحتفال بالأعياد المسيحية الشرقية.

ولم يزاحم المحتفلون، سوى رجال الصحافة والأمن وهم كثر. وكان الصحافيون ينشطون كخلية نحل، يحاولون اقتناص الفرصة لمقابلة كل مسؤول يشارك في هذه المناسبة، والناس ويلتقطون الصور في الساحة التي تجمع إلى جانب كنيسة المهد مسجد عمر بن الخطاب، حيث صلى الخليفة هناك بعدما رفض الصلاة في كنيسة المهد خشية أن تصبح هدفا للمسلمين من بعده، وأن يقولوا «هنا صلى عمر». أما رجال الأمن فانهمكوا في تنظيم الحركة بطريقة لا تؤثر على المحتفلين المسيحيين ولا على المصلين المسلمين.

وجرت العادة كل عام في بيت لحم، أن يشارك المسلمون إخوانهم المسيحيين احتفالاتهم، وهنا يمكن سماع أصوات أجراس الكنيسة تقرع، بينما مكبرات المسجد تصدح بالأذان في مشهد يعكس روح الاحترام والتآخي في مدينة تعتبر نموذجا يحتذى به في التعايش الإسلامي - المسيحي.

وقال رائد (مسيحي) الذي جاء ليحتفل مع عائلته في ساحة الكنيسة، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا عيد محبة، هذا عيد سلام وفرحة وتعايش». وأضاف أنه «عيد ميلاد سيد المحبة والسلام.. إنه أبلغ رسالة من المسيحيين والمسلمين معا إلى المحتل الإسرائيلي بأن الفلسطينيين الموحدين هم أصحاب هذه الأرض».

وأما مهند مهنا، وهو مسلم، فاعتبر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا العيد هو عيد للجميع وليس عيدا مسيحيا وحسب.. نحب أن نشارك إخواننا المسيحيين فرحتهم ونرى الفرحة تعم الجميع».

وغنت فرق في ساحة المهد أغاني للميلاد، وراح الأطفال يلهون ويلعبون وهم يلبسون لباس بابا نويل، بينما يراقب الآخرون عروضا كشفية مميزة.

وكانت ذروة الاحتفالات، مع بدء رؤساء الكنائس الأرثوذكسية التي تسير على الحساب الشرقي الوصول إلى بيت لحم، وهم مطران الأحباش كاوستوس مريم، والبطريرك ثيوفيلوس الثالث بطريرك المدينة المقدسة وسائر أعمال فلسطين والأردن للروم الأرثوذكس والأنبا إبراهام مطران الأقباط والمطران مارسيوريوس ملكي مراد النائب البطريركي للسريان الأرثوذكس.

ومن المفترض أن يشارك أبو مازن ورئيس وزرائه سلام فياض، في قداس منتصف الليل الذي سيترأسه فجر اليوم البطريرك ثيوفيلوس في كنيسة المهد للروم الأرثوذكس.

وقبل أسبوعين، كانت المدينة تشهد نفس الاحتفالات للمسيحيين الذين يسيرون على التقويم الغربي، وشارك أبو مازن أيضا في قداس منتصف الليل، ويتميز العيد السباق بمشاركة حجاج أجانب بشكل لافت، وقدر عددهم بـ90 ألفا.

وتعتبر هذه فرصة لتنشيط الحركة السياحية في المدينة العاصمة السياحية للأراضي الفلسطينية. ونشطت فعلا السياحة في بيت لحم، مع دخول عشرات آلاف الحجاج إليها، وقالت وزيرة السياحة خلود دعيبس، إن عدد السياح الزائرين لمدينة بيت لحم خلال عام 2010، بلغ نحو مليون ونصف المليون سائح، قدموا من مختلف أنحاء العالم. ووصل مجمل الدخل القومي من القطاع السياحي لهذا العام في الأراضي الفلسطينية إلى 900 مليون دولار ويشكل 15 في المائة من الناتج القومي الفلسطيني، كان نصيب بيت لحم منها 250 مليون دولار لهذا العام.