استقبال بالورود لقاتل حاكم البنجاب يكشف انقسام باكستان

المشرف على الحارس حذر من أفكاره المتطرفة وطلب عدم إسناد مهمات حساسة له

عدد من المحامين المتطوعين للدفاع عن المتهم بقتل حاكم البنجاب سلمان تاسير يوقعون توكيلا عنه أمس (أ.ب)
TT

قال محقق باكستاني أمس إن ضابط الشرطة المشرف على الحارس الشخصي الذي اغتال حاكم البنجاب كانت لديه أفكار متطرفة وأنه كان قد طلب عدم توليه أي مهام أمنية حساسة. ويتولى ناصر دوراني، الذي كان مشرفا على الحارس ممتاز حسين قدري الذي أطلق 14 رصاصة على السياسي الباكستاني صاحب الأفكار الليبرالية سلمان تيسير، الإشراف على التحقيق.

وقد أظهرت عملية الاغتيال والاستقبال الحافل الذي لقيه الحارس الشخصي، الذي قال إن قتل حاكم البنجاب لمعارضته قانون التجديف في المحكمة، الانقسام الحاد داخل المجتمع الباكستاني بين أصحاب الأفكار التحديثية والأصوليين.

وظهر ذلك أمس عندما ألقيت الزهور على قدري لدى مثوله أمام إحدى محاكم مكافحة الإرهاب في باكستان.

وأمر القاضي محمد أكرم عوان في جلسة الاستماع في روالبندي المجاورة للعاصمة إسلام آباد باستمرار احتجاز ممتاز حسين قدري لمدة خمسة أيام لمساعدة مجريات التحقيق.

وكان قدري (26 عاما) حارسا شخصيا لسلمان تيسير الذي كان أيضا حاكم أكبر إقليم باكستاني، وهو البنجاب. وتعرض تيسير لإطلاق النار عليه (الثلاثاء) من مدفع رشاش في العاصمة. واستسلم قدري لزملائه واعترف بفخر أنه قتل الحاكم نظرا لموقف تيسير المعادي لقانون التكفير في باكستان.

وحظي قدري بالتحية من جانب العشرات من نشطاء الأحزاب الدينية الذين رددوا شعارات مؤيدة له في المحكمة أمس. وتطوع نحو 200 محام للدفاع عنه دون مقابل.

وأشادت الأحزاب الدينية وأنصارها بالمشتبه به، بينما أدانت الدوائر الليبرالية المحلية والمجتمع الدولي على نطاق واسع عملية القتل، وقالوا إن الأمر مساو لأخذ القانون بيد كل واحد ونشر الفوضى في البلاد، وفقا لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

واتخذ تيسير (66 عاما) وهو مستشار مقرب للرئيس الباكستاني آصف علي زرداري موقفا صارما ضد قانون التكفير العام الماضي عندما أعدمت محكمة في البنجاب امرأة مسيحية تدعى آسيا بيبي اتهمت أنها تلفظت بتعليقات ازدرائية عن النبي محمد خلال مناقشة مع امرأة مسلمة.

واحتجزت الشرطة 36 شخصا في الوقت الذي كانت تحقق فيه في مقتل تيسير، بينهم فرقة الأمن الخاصة بالحاكم وعددها 16 عضوا، وكذلك المسؤولون عن تفاصيل تأمينه. كما اعتقل أربعة أشقاء لقدري ووالده، وأعلنت الحكومة فتح تحقيق قضائي حول ما إذا كان الرجل عمل بمفرده أو كان جزءا من مخطط أكبر.

وأطلق تيسير حملة للحصول على عفو رئاسي لبيبي، وانتقد القوانين التي تسمح للعديد من الأفراد بتسوية الحسابات عن طريق اتهام أعدائهم ظلما.

يشار إلى أن بعض علماء أصدروا قرارات تدعو إلى قتل تيسير، وهو أحد أكثر الأصوات الليبرالية الصريحة ضد الراديكالية الإسلامية في باكستان، ولكنه ظل متحديا. في غضون ذلك اعتبر أعضاء حزب حاكم البنجاب سلمان تيسير أن اغتياله ثمرة مؤامرة وانتقدوا «ثغرات» الأجهزة الأمنية التي سمحت لقاتله بارتكاب جريمته الثلاثاء في وسط إسلام آباد.

وقال امتياز صفدار، رئيس حزب الشعب الباكستاني في البنجاب، إن هذه الجريمة «مؤامرة ضد باكستان ومؤسساتها. علينا كشف الأشخاص الذين يقفون وراء هذا الاغتيال. لم تقم الأجهزة الأمنية بواجبها كما يجب».

ويحاول المحققون تحديد ما إذا ارتكب القاتل الجريمة بدافع شخصي أم إذا كانت جزءا من مؤامرة أكبر.

وقال امتياز صفدار إنه يشتبه في أن قادري كان على علاقة بمنظمات إسلامية. وأضاف «قبل 18 شهرا أعلن مسؤول محلي في الشرطة أن (قادري) يمثل تهديدا وأمر بألا يكلف حماية شخصيات».

وتساءل وزير العدل بابار أوان، العضو أيضا في حزب الشعب الباكستاني «كيف يمكن إسناد مهمة حماية شخصية لعنصر معروف بأنه يمثل تهديدا»، منددا هو الآخر بوجود «ثغرات كبيرة» في الأجهزة الأمنية.

وتساءل المراقبون: لماذا لم يتدخل أي شرطي أو عنصر في المركز التجاري الذي يرتاده باكستانيون ميسورون أو أجانب حيث نفذت عملية الاغتيال، لمنع القاتل من إفراغ سلاحه في الضحية؟. وكان تيسير أصيب بـ 29 رصاصة. وتشتبه السلطات في أن يكون القاتل كشف نواياه لزملائه وطلب منهم عدم قتله. وقال صفدار «كل هذه الأمور تطرح الكثير من التساؤلات».

على صعيد آخر أعلن رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني، أمس، إلغاء الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود، فيما يبدو أنها محاولة لتهدئة واسترضاء المعارضة بعد أن فقد أغلبيته في البرلمان. وتسبب قرار رفع أسعار الوقود بنسبة تسعة في المائة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي انقسامات داخل الائتلاف الحاكم الهش، حيث انضم حزب «الحركة القومية المتحدة»، الشريك الرئيسي لجيلاني، إلى المعارضة مما أسفر عن فقدان الحكومة أغلبيتها.

وقال جيلاني للجمعية الوطنية الباكستانية (مجلس النواب) إنه تمت إعادة الأسعار لما كانت عليه، مضيفا أن «قرار التراجع عن الأسعار الجديدة اتخذ بعد موافقة بالإجماع من كافة الأحزاب البرلمانية».

ويذكر أن حزب «الرابطة الإسلامية الباكستانية نواز»، أكبر أحزاب المعارضة في البلاد، أدرج إعادة أسعار البترول تدريجيا إلى ما كانت عليه على قائمة مطالبه، التي قال إنه يتعين على حكومة جيلاني الموافقة عليها إذا أرادت البقاء في السلطة.

وقال المتحدث باسم الحزب برفيز رشيد في مقابلة مع قناة «جيو» الإخبارية الباكستانية إن «هذه خطوة سارة لشعب باكستان الذي يعاني جراء ارتفاع الأسعار».